بدء رفع العقوبات الاقتصادية الغربية عن إيران

طهران تطوي صفحة "محور شر" عمّرت 13 عاما

طهران تطوي صفحة "محور شر" عمّرت 13 عاما
  • القراءات: 780
م. مرشدي م. مرشدي

طوت إيران أمس صفحة عداء متواصل مع الولايات المتحدة ومختلف القوى الغربية استمر طيلة 13 عاما على خلفية برنامجها النووي، وخرجت بمقتضاها من قائمة دول "محور الشر" إلى عضو كامل الحقوق داخل المجتمع الدولي ضمن أول خطوة لتجسيد الاتفاق النووي الموقع مع دول مجموعة الست في 14 جويلية من العام الماضي. ويمكن وصف نهار أمس باليوم "التاريخي" بالنسبة لإيران بعد أن مكنت المفاوضات العسيرة التي خاضتها مع الدول الكبرى، الخروج من تحت طائلة عقوبات اقتصادية ومصرفية أوشكت أن تخنقها في وقت شحت فيه مواردها المالية التي تعتمد على النفط والغاز كأهم موردين لها من العملة الصعبة.

قناعة أكدها وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، مهندس هذا الاتفاق والمفاوضات الصعبة بينه وبين نظيره الأمريكي، جون كيري مؤكدا أن رفع العقوبات يعد "يوما هاما بالنسبة لكافة الشعب الإيراني وللمنطقة وكل العالم". فبعد قبضة حديدية استمرت طيلة عشر سنوات بين نظام الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، فضل صناع القرار في طهران انتهاج منطق البراغماتية كمحرك للسياسة الخارجية الإيرانية بعد أن اقتنعت بعد مجيء الرئيس الجديد حسن روحاني أن منطق المواجهة مع القوى الكبرى في ظل الحصار المفروض على بلاده لن يجلب لها إلا مزيدا من المتاعب وربما ستكون أكبر الخاسرين ضمن ميزان قوة مالت كفته لصالح القوى الكبرى.

وهي القناعة التي جعلت الرئيس روحاني بمجرد توليه مهامه، يحرص على انتهاج لغة الليونة في كل تصريحاته ضمن رسائل تهدئة باتجاه الولايات المتحدة وكل الدول الغربية التي تلقفتها برد فعل مماثل أفضى في النهاية إلى التوقيع على اتفاق شهر جويلية الماضي. والتقى ظريف وكيري ونظرائهما من الدول الكبرى بمقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية لترسيم الاتفاق بعد تقارير إيجابية أصدرها يوكيا أمانو، المدير العام لهذه الهيئة بعد زيارات إلى عدة منشآت نووية إيرانية، أكد من خلالها على إيجابية التعاون الإيراني من أجل وقف أنشطتها تجسيدا لما نص عليه اتفاق الصيف الماضي.

وحتى إن أبدت العربية السعودية مخاوفها من حقيقة النوايا الإيرانية تماما كما فعلت إسرائيل، فإن ذلك لم يكن بسبب وجود "تهديدات العسكرية الإيرانية" ولكنه كان نتيجة حتمية لصراع الزعامة الإقليمية بينهما وبين إيران، بالإضافة إلى تركيا وبصورة أقل مصر التي تسعى جميعها لأن تكون القوة المؤثرة في كل منطقة الشرق الأوسط. وهو الأمر الذي سيحاول وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري القيام  بالتأكيد عليه للمسؤولين السعوديين لدى نزوله بالرياض ضمن جولة آسيوية، وينتظر أن تكون عودة إيران إلى النسق الدولي في صدارة المحادثات التي سيجريها مع نظيره السعودي، عادل الجبير.   

حقيقة أراد وزير الخارجية الإيراني تسويقها أمس عندما أكد أن اتفاق بلاده مع الدول الكبرى ليس موجها ضد أية دولة، بل بالعكس سيزيل شبح المواجهة العقيمة ويفتح الباب أمام توحيد الجهود لمواجهة الخطر المشترك المتمثل في التهديدات الإرهابية التي تحدق بالجميع. وبغض النظر عن مدى تجاوب عواصم المنطقة الأخرى مع الدعوة الإيرانية، فإن طهران تكون قد خطت أول خطوة على طريق العودة التدريجية إلى الساحة الدولية ضمن مسعى كرسته الزيارات المتلاحقة لعشرات المسؤولين الغربيين إلى العاصمة الإيرانية، الباحثين عن مشاريع استثمارية بعشرات الملايير في مجال الصناعة البترولية ومنشآت البنى التحتية الإيرانية التي تأثرت بشكل مباشر منذ سنة 2006، تاريخ بدء سريان الحصار الاقتصادي على إيران.

ولعل الشيء السلبي الوحيد في العودة الإيرانية أنها تزامنت مع انهيار أسعار النفط الذي يبقى المورد الرئيسي لإيران من العملة الصعبة، وهو ما قد يعكر أجواء الفرحة في هذا البلد إلى حين عودة الانتعاش إلى سوق ما انفكت مؤشراتها تسير في الاتجاه السلبي وسط ضبابية حقيقية حول الحد الذي قد تصله هذه الأسعار والمدة التي يستغرقها مثل هذا الوضع الاستثنائي. وقد كرس موقف الدول الخليجية بقيادة العربية السعودية بإبقاء سقف إنتاج منظمة "أوبيك" في حده الحالي رغم انعكاساته السلبية على اقتصادياتها مما دفع بمحللين إلى التأكيد على أن ذلك يندرج ضمن خطة مقصودة ذات صلة مباشرة بعودة إيران إلى السوق النفطية العالمية واستعادتها حصتها في سوق بلغت حد التخمة وسط مؤشرات على استمرار تراجع نسبة نمو الاقتصاد العالمي ومعه الطلب على النفط.


 

في خطوة لإنهاء قطيعة دامت 35 عاما

تبادل الأسرى بين واشنطن وطهران

توالت قرارات تأكيد حسن النية بين إيران والولايات المتحدة أمس ضمن دبلوماسية "تبادل الأسرى" في خطوة لإنهاء قطيعة استمرت طيلة 35 عاما. ولم تنتظر سلطات الولايات المتحدة إلا ساعات للرد على قرار نظيرتها الإيرانية بإطلاق سراح أربعة أمريكيين من أصول إيرانية. ويتعلق الأمر بصحفي "واشنطن بوست" جيزون رضايان الذي اعتقل شهر جويلية 2014 بتهمة التجسس، والقس سعيد عبديني المعتقل منذ سنة 2012 وجندي قوات المارينز أمير حكمتي المعتقل هو الآخر منذ سنة 2011 بالإضافة إلى نصرة الله كسرافي. وكان النائب العام الإيراني، عباس جعفري دولة أبادي، أكد أنه في إطار المصلحة الوطنية، وطبقا لقرار المجلس الأعلى للأمن، تم الإفراج عن أربعة إيرانيين يحملون الجنسية الأمريكية دون أن يحدد هويتهم. وأكدت الخارجية الأمريكية من جهتها إطلاق سراح سبعة إيرانيين معتقلين لديها وألغت مذكرة التوقيف الدولية ضد 14 إيرانيا.