بين مدافع ومشتك من أضرار الاحتباس الحراري

صنّاع القرار العالمي يشرحون معضلة المناخ في شرم الشيخ

صنّاع القرار العالمي يشرحون معضلة المناخ في شرم الشيخ
  • القراءات: 520
ص. محمديوة ص. محمديوة

شكلت قضايا التغيرات المناخية وما تخلفه من كوارث طبيعية على الإنسانية محل تشريح على طاولة نحو 100 رئيس دولة وحكومة، المجتمعين منذ، أمس، بالقاعة الكبرى لمركز المؤتمرات بمنتجع شرم الشيخ السياحي بمصر في إطار أشغال مؤتمر المناخ "كوب 27" ضمن فرصة وصفت بالأخيرة لإنقاذ كوكب الأرض وكل البشرية من مخاطر ظاهرة الاحتباس الحراري. وتوالت مداخلات وكلمات قادة البلدان ورؤساء حكومات الدول القادمين من القارات الخمس، حيث راح كل واحد منهم يقدّم عرض حال لواقع بلاده والقارة التي ينتمي إليها، مع تقديم أسباب الظاهرة واقتراح حلول لها.

وبين مدافع عن دولته ومطالب بتعويض عن أضرار، انعكاسات التغيرات المناخية التي تسبب فيها الإنسان نفسه، تباينت وجهات النظر ووصلت حد التضارب بين مقاربات عملية هدفها الإسراع في إنقاذ الكرة الأرضية من مخاطر الكوارث الطبيعية التي أصبحت تهدّد الإنسانية كلها. وبلغة التحذير من التقاعس، دقّ الأمين العام الأممي، انطونيو غوتيرس، مجددا ناقوس الخطر مما ينتظر العالم من كوارث لا تحمد عواقبها في حال أحجمت الدول المتطوّرة، المتسبب الرئيسي في استفحال ظاهرة الاحتباس الحراري من الايفاء بالتزاماتها التي قطعتها على نفسها منذ قمة المناخ بباريس عام 2015 بتخفيض نسبة الغازات الدفيئة والتحوّل نحو الطاقات المتجددة الصديقة للبيئة.

وشكّلت كلمته التي ألقاها في افتتاح قمة المناخ في طبعتها 27 بشرم الشيخ صافرة إنذار أطلقها بقوة علها تجد آذانا صاغية وإرادة سياسية لدى أولئك الذين بأيديهم الحل، وهو الذي شبّه التطوّر الصناعي في العالم بطريق سيار تسير عربته بالسرعة القصوى دون توقف باتجاه ما وصفه بـ"جهنم المناخ" الذي يتطلب تعاونا عالميا كون مصير الإنسانية أصبح أمام هلاك حتمي. فرغم التعهدات التي قُطعت في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 26" الذي عقد العام الماضي بالعاصمة الاسكتلندية، غلاسكو، إلا أن عشرين دولة فقط في العالم أوفت بتعهداتها في وقت أكدت فيه الأمم المتحدة أن لا شيء يوحي بتحقيق الهدف المحدد بحصر الاحتباس الحراري   في حدود 1,5 درجة مئوية.

وهي المعضلة التي تدفع إلى التساؤل حول الكيفية التي ستتعاون المجموعة الدولية في إطارها لمواجهة خطر داهم يتهدّد البشرية في وجودها في وقت تكتفي الدول الغنية المسؤولة بنسبة 80% عن ظاهرة الاحتباس الحراري، في كل مرة بتقديم وعود وردية لتكييف صناعاتها مع البيئة والعمل على تقليل انبعاثات الغازات الملوّثة للجو وتقديم التمويل اللازم لتعويض الدول الفقيرة المتضررة من انعكاسات المناخ خاصة في القارة السمراء ومنطقة الشرق الأوسط  وآسيا التي تشهد بلدانها كوارث متعددة من فيضانات وجفاف وتصحر وحرائق...الخ.

وهي حقيقة تدركها الدول الغربية بدليل أن الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، نفسه أكد أمس، على هامش أشغال "كوب 27"، بأنه يريد "ممارسة الضغط" على "الدول الغنية غير الاوروبية" وخاصة الولايات المتحدة وإلزامها على  دفع "حصتها" في مساعدة الدول الفقيرة لمواجهة التغييرات المناخية. وقال "إن الولايات المتحدة والصين يجب أن يكونا في الموعد" من حيث الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتضامن المالي. وإذا كان الرئيس الأمريكي، جو بادين، لم يحضر افتتاح القمة بسبب بانشغاله بانتخابات التجديد النصفي للكونغرس ومن المنتظر أن يقوم بزيارة خاطفة إلى شرم الشيخ هذا الجمعة، فإنه لم يتم ذكر أسباب غياب نظيره الصيني، شي جين بينغ، الذي تبقى بلاده واحدة من أكبر الدول المصنعة في العالم.

وفي الوقت الذي تشهد فيه القاعة الكبرى لمركز المؤتمرات بمنتجع شرم الشيخ حيث تعقد "كوب 27" مناقشات صناع القرار وقادة ورؤساء الدول والحكومات، يحاول أصدقاء البيئة فرادى وجماعات والمنضوين في منظمات المجتمع المدني، الحصول على تراخيص من السلطات المصرية للتظاهر على مقربة من مقر الاجتماع ضمن مسعى لإسماع صوتهم لصناع القرار العالمي والذي يبدو أنه لم يعد يخدم البشرية بسبب الرغبة الملحة لكل بلد لتحقيق تفوّقها ولا يهم كيفية تحقيق ذلك.