قمة الفرصة الأخيرة بين الرئيسين أوباما وعباس

سلام الأقوياء على حساب حقوق الضعفاء

سلام الأقوياء على حساب حقوق الضعفاء
  • القراءات: 821
م. مرشدي م. مرشدي
ينتظر أن يلتقي، يوم غد، الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بالرئيس الامريكي، باراك أوباما، بمقر البيت الأبيض، لبحث مسار السلام في الشرق الأوسط، أسابيع قبل انقضاء المهلة التي حددتها واشنطن لمفاوضات الوضع النهائي نهاية الشهر القادم.

وكان رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض، صائب عريقات، ومدير جهاز المخابرات الفلسطيني، ماجد فرج، حلا بواشنطن قبل أيام لتحضير هذه القمة التي تكتسي أهمية كبرى بالنسبة للإدارة الأمريكية الحريصة على عدم تضييع هذه الفرصة وهي التي بذلت كل جهودها من أجل إقناع الطرفين المتفاوضين بالعودة إلى طاولة المفاوضات بعد ثلاث سنوات من التعثر.

وتأكد أن دعوة الرئيس الفلسطيني إلى البيت الأبيض مصدرها الشك الذي بدأ يدب في داخل إدارة الرئيس باراك أوباما حول إمكانية تحقيق اختراق نوعي في هذه المفاوضات وإعادة الروح إلى عملية تفاوضية جمعت كل عوامل فشلها.

والواقع أن هذه الحقيقة القائمة تتحمل واشنطن مسوؤلية مباشرة فيها على اعتبار أنها تحملت عبء مهمة شائكة دون أن تكون لها الإرادة الكافية التي تؤكد رغبتها في التوصل إلى اتفاق سلام نهائي لأعقد نزاع في العالم وأطوله.

ويمكن القول أن واشنطن افتقدت وسيلة تحقيق التقدم المرجو في المفاوضات من خلال استغلال ثقلها الدبلوماسي لزجر الطرف الرافض لمقترحات تسوية تبنتها المجموعة الدولية وتنتظر فقط من يجسدها على أرض الواقع.

وهي القناعة التي انتهى إليها معظم من تتبع الزيارات الاثنتي عشرة التي قادت وزير الخارجية الامريكي، جون كيري، إلى فلسطين المحتلة طيلة عام كامل عله يقنع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بـ«اتفاق إطار" صاغه ولكنه فشل في تسجيل أدنى تقدم لتحقيقه، مما استدعى الاستنجاد بالرئيس اوباما من أجل بعث الروح في تحركات تكاد تؤول إلى فشل أكيد.

وهو ما استشعره البيت الأبيض وجعله يحث الطرفين المتفاوضين على تمديد مهلة المفاوضات إلى ما بعد التاسع والعشرين من الشهر القادم التاريخ الذي حدده جون كيري من أجل التوصل إلى اتفاق سلام نهائي.

ويبدو أن رئيس الدبلوماسية الامريكي الذي تبنى فكرة إنهاء هذا النزاع أخطأ تقدير درجة تعقيدات قضايا هذا النزاع بعد أن حدد هذه المهلة للتوقيع على هذا الاتفاق ولكنه تيقن أنه لم يحقق أدنى تقدم إن لم نقل أنه أعاد الوضع إلى نقطة الصفر وراحت تحركاته في مهب رياح التعنت الإسرائيلي.

حقيقة تأكدت أول أمس عندما تعمد الوزير الأول الإسرائيلي إفشال لقاء اوباما ـ عباس عندما راح يؤكد أنه لا يمكنه إقناع الإسرائيليين باتفاق سلام يتضمن حق العودة أو لا يتضمن اعترافا فلسطينيا بـ«يهودية دولة إسرائيل".

ومادام الأمر تعجيزيا فإن تساؤلا يطرح حول جدوى عقد قمة اوباما ـ عباس وكان الأجدر بالرئيس الامريكي أن يعقدها مع بنيامين نتانياهو مادام يضع شروطه المسبقة وبالتالي الضغط عليه من أجل عدم التمادي في مثل هذه التصريحات التي لم تعد تضرب الدبلوماسية الأمريكية في الظهر ولكنها أصبحت تطعن في الصدر مباشرة وهو يدرك جيدا أن الولايات المتحدة لن تقدر على ردعه وحثه على الامتثال للشرعية الدولية.

ولم يبق أمام الرئيس الامريكي سوى الرئيس الفلسطيني الذي يشكل الحلقة الأضعف في هذه المعادلة من أجل ممارسة ضغوط أكبر عليه من أجل القبول بأمر واقع يصب مباشرة في خدمة مصالح حكومة الاحتلال.

ولكن مشكلة السلطة الفلسطينية عقدين بعد التوقيع على اتفاق السلام في أوسلو لم يعد لها ما تقدمه من تنازلات لأنها إن فعلت ستجد نفسها قد فقدت دواعي وجودها إذا سلمنا أن القدس الشريف دخلت في المخططات الاستيطانية الإسرائيلية وأن المستوطنات في الضفة الغربية تضاعفت بنسبة 300 بالمائة منذ هذا الاتفاق المشؤوم على جوهر القضية الفلسطينية.

ويمكن القول أنه حتى وإن نجح الرئيس اوباما يوم غد في إقناع الرئيس الفلسطيني بمواصلة المفاوضات بعد انتهاء مهلة 29 أفريل القادم فإن ذلك لن يكون سوى خطوة لحفظ ماء وجه الادارة الأمريكية على اعتبار أن فترة التمديد لن تغير في المشهد شيئا إن لم تغير الولايات المتحدة من أسلوب إدارتها للمفاوضات والضغط على الطرف المعرقل لا على الطرف الذي لم يعد لديه ما يقدمه من تنازلات.

ويبدو أن واشنطن تدرك ذلك جيدا ولكنها لا تجرؤ على قول الحقيقة لحكومة الاحتلال لأنها مكبلة بقوة تأثير لوبي صهيوني متغلغل في الولايات المتحدة يريد ان يسير المفاوضات من وراء ستار خدمة لمصلحة الفكرة الصهيونية بإقامة الدولة اليهودية في "أرض الميعاد".