استقبلت حفتر والسراج في موسكو

روسيا تلقي بثقلها الدبلوماسي في الأزمة الليبية

روسيا تلقي بثقلها الدبلوماسي في الأزمة الليبية
  • 671
م/ مرشدي م/ مرشدي

عكس تسريب أخبار عن تمكن السلطات الروسية من إجلاس قطبي الأزمة الليبية المشير خليفة حفتر، والوزير الأول الليبي فايز السراج، إلى طاولة مفاوضات واحدة بالعاصمة موسكو، الثقل الذي يريد قصر الكريملين أن يلعبه في وضع ترتيبات إنهاء الأزمة الليبية وترك بصمته والمحافظة على مصالحه هناك.

وفي سرية تامة انتقل الرجلان إلى العاصمة الفيدرالية الروسية بعد اتصالات في الظل قامت بها جهات دبلوماسية روسية من أجل بحث آخر تطورات الأزمة، ومواقف الطرفين المتباينة حول إشكالية إنهاء الأزمة السياسية بينهما، وحالت إلى حد الآن دون تمكن الحكومة الليبية من بسط سيطرتها على مقاليد السلطة وأيضا على الأرض.

وإذا أخذنا بالسياق الزمني الذي تم فيه تسريب خبر اللقاء من طرف وكالة الأنباء الروسية «انترفاكس» بالعاصمة موسكو، فإن السلطات الروسية تريد أن  تصحح خطأ استراتيجيا وقعت فيه سنة 2011، عندما نزلت عند رغبة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، الذي تمكن من إقناعها بضرورة الإطاحة بالعقيد معمر القذافي، رغم العلاقات المتميزة بينها وبين نظامه.

ولم تدرك موسكو خطأها إلا بعد أن تم تحييد دورها لصالح فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا وقوى إقليمية أخرى لعبت دورا مدمرا في هذا البلد تنفيذا لخطة أمريكية لإعادة ترتيب خارطة منطقة الشرق الأوسط من أساسها.

ويبدو أن روسيا استغلت العامل الزمني واستمرار الأزمة الليبية لتعود من جديد إلى بلد تعتبره رقما مهما في استراتيجيتها الجيو ـ السياسية في قلب المياه الدافئة المتوسطية، بدأته باستقبالها في العديد من المرات للجنرال خليفة حفتر، الذي وجدت فيه حليفا لا يمكن التفريط فيه لصالح حساباتها في كل هذا البلد، قبل أن تصل إلى رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، الذي اقتنع هو الآخر بأن لموسكو دورا يمكن أن تلعبه ومساعدته في إيجاد أرضية توافقية مع غريمه خليفة حفتر، لإعادة ترتيب البيت الليبي المنهار من جديد.

ومهما كانت حقيقة اللقاء وما دار فيه من حديث فإن التحركات الروسية جاءت لتؤكد أن الرئيس فلاديمير بوتين، الساعي إلى إعادة هيبة بلاده ودورها التقليدي في ترتيب خارطة العالم، لا يريد أن يترك المجال مفتوحا للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي أقحم بلاده في المعادلة الليبية وأبان عن نزعة للاستيلاء على الحصة الأكبر من الكعكة الليبية، حيث تمكن شهرين بعد وصوله إلى قصر الاليزي من إجلاس حفتر والسراج إلى طاولة مفاوضات واحدة وحصل منهما على تعهد مبدئي لوقف إطلاق النار تمهيدا لتنظيم انتخابات عامة ورئاسية ربيع العام القادم.

والمؤكد أن تحرك موسكو في المستنقع الليبي ومحاولتها حلحلة المعادلة الليبية لن يمر هكذا دون أن يثير مخاوف عواصم غربية لا تريد أن تجد روسيا مرة أخرى موطأ قدم لها في منطقة بأهمية شمال إفريقيا، وهي التي أخلطت عليها حساباتها في شبه جزيرة القرم وسوريا ضمن خطة لاستعادة مجد الإمبراطورية السوفياتية المنهارة.

ولم تنتظر الصحف الإيطالية طويلا لتوجه سيل انتقادات باتجاه روسيا واتهمتها بمحاولة الاستئثار لنفسها بدور محوري في بلد تعتبره ايطاليا مجالا حيويا لها دون غيرها بحكم علاقاتها التاريخية معها وقربها الجغرافي ومصالحها في مستعمرتها السابقة.

بل أن الولايات المتحدة لن تسكت على مثل هذا الاختراق الروسي، وهي التي بدأت على غير العادة تولي اهتماما أكبر لما يجري في ليبيا، وتريد أن تلقي بثقلها الدبلوماسي في بلد تخلى عنه سابقه باراك اوباما، رغم أنه سهل على الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، مهمة الإطاحة بنظام العقيد الليبي معمر القذافي.