الهجمات العسكرية الإيرانية ضد القواعد العسكرية الصهيونية

رد فعل محتوم أم تحذير مباشر؟

رد فعل محتوم أم تحذير مباشر؟
  • القراءات: 451
ص. م ص. م

فتح الهجوم الإيراني، ليلة السبت إلى الأحد، على الكيان الصهيوني، باب التساؤل حول تبعات وتداعيات مثل هذه العملية العسكرية غير المسبوقة على منطقة منهكة بالتوترات والصراعات التي تعصف بها منذ عقود وهي مهددة بالانزلاق إلى حرب لا تحمد عقباها.

ففي الوقت الذي يشتد الترقب في انتظار ردة فعل إسرائيل على هجوم المسيرات الايرانية التي انفجرت في سمائها وخلفت حالة من الذعر أدت إلى اضطرابات في الملاحة الجوية، تأرجحت القراءات والتساؤلات حول ما إذا كانت إيران قد نفذت هذا الهجوم باعتباره رسالة تحذير ملموسة لهذا الكيان أم هي رد اعتبار بعد أن بلغت الاستفزازات الصهيونية عليها حد استهداف قنصليتها في العاصمة دمشق.

ويرى محللون أن الضربات الإيرانية تعني دخول الصراع مرحلة "جيش نظامي ضد جيش نظامي آخر"  ويمثل تصعيدا خطيرا في المنطقة ضمن سيناريو كانت الولايات المتحدة تقول منذ بداية العدوان الصهيوني على قطاع غزة في السابع أكتوبر الماضي أنها تأمل تجنبه.

ولكن عدم رد الكيان الصهيوني السريع وقول مسؤوليه بأن إسرائيل تدرس الرد وستبني تحالفا إقليميا وستجمع الثمن من إيران بالطريقة وفي الوقت الذي يناسبها، يطرح تساؤلات أخرى حول ما إذا كان رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتانياهو، قد نجح فعلا في جر إيران إلى صراع موسع لربح مزيد من الوقت وكسب أوراق جديدة تنتشله من حالة الإفلاس السياسي التي أوقعته فيها حربه الهمجية على غزة، وهو الذي لم يحقق بعد أكثر من ستة أشهر أيا من أهدافه المعلنة في القطاع بما وضعه ومن يدعمونه في حكومته اليمينية المتطرفة في مأزق حقيقي خاصة في مواجهة الشارع الإسرائيلي وعائلات الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة المطالبين بصفقة تبادل سريعة.

وبالتالي فإن دخول إيران على خط المواجهة من شأنه أن يعيد لنتانياهو ذلك الزخم السياسي وقد يحظى بالالتفاف مجددا تحت غطاء حماية أمن إسرائيل من التهديد الايراني الذي تحول إلى الفعل.

وتجد مثل هذه المقاربة الكثير من المؤيدين خاصة وأن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أكد أن أي مغامرات صهيونية جديدة ستقابل برد أقوى وأكثر حزما، مؤكدا أن بلاده "تعتبر أن السلام والاستقرار في المنطقة المحيطة ضروريان لأمنها الوطني.. ولم ولن تدخر جهدا لاستعادة السلام والاستقرار والحفاظ عليهما".

وبحسب مسؤولين إيرانيين لم يكشفوا عن هوياتهم، فقد أمر المرشد الايراني، علي خامنئي، بضرب اسرائيل من داخل إيران لتأكيد التحول من الصبر الاستراتيجي إلى الردع، وهو ما ذهب إليه مساعد الرئيس الايراني للشؤون السياسية، محمد جمشيدي، الذي أكد من جهته بأن "معنى عمليتنا هو أن عصر الصبر الاستراتيجي على خبث كيان الاحتلال قد ولى".

وأضاف أن "المعنى الاستراتيجي للعملية كذلك هو أن إيران هزمت استراتيجيتهم القائمة على الحرب بين الحروب والمعادلة الاستراتيجية تغيرت الآن واي استهداف للقوات الايرانية أو ممتلكاتها سيقابل برد مباشر"، وهو ما بدى بانه انتقال في الموقف الايراني من مجرد خطابات الوعيد والتهديد التي يستخدمها قادتها ومسؤولوها دائما عندما يتعلق الامر اعتداءات وانتهاكات بإسرائيل والولايات المتحدة الى مرحلة الفعل. كما أن أرئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية، محمد باقري، أكد أمس أن تلك الهجمات "جاءت ردا على إجراء كان ينبغي الرد عليه"، معلنا أن "العملية انتهت وكانت بمثابة عقاب".

وكانت ايران أكدت انها مارست حقها في الدفاع عن النفس، مشددة على أنها لن تتردد باتخاذ المزيد من الإجراءات الدفاعية لحماية مصالحها المشروعة أمام أي عدوان عسكري واستخدام القوة ضده، وقالت الخارجية الإيرانية، في بيان لها أن "القوات المسلحة الإيرانية نفذت سلسلة من الهجمات العسكرية ضد القواعد العسكرية للاحتلال الصهيوني في إطار حقها بالدفاع المشروع وردا على الاعتداءات العسكرية المتكررة خاصة مهاجمة القنصلية الإيرانية بدمشق".

 


 

رعب وسط الكيان الصهيوني وطهران تتوعد بعملية أقوى.. دعوات دولية للتهدئة وضبط النفس

تباينت ردود الفعل الدولية بخصوص الهجوم غير المسبوق الذي شنته إيران، ليلة السبت إلى الأحد، على قواعد عسكرية للكيان الصهيوني بين الإدانة الشديدة والقلق العميق والمباركة، لكنها تشاركت في  نقطة واحدة وهي الدعوة إلى التهدئة وضبط النفس قدر الامكان لتجنيب منطقة الشرق الأوسط صراعا خطيرا غير محمود العواقب هي في غنى عنه.

ففي الوقت الذي أعرب فيه قادة دول مجموعة السبع، التي تضم الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا واليابان، عن كامل تضامنهم مع إسرائيل والتزامهم بحماية أمنها، اصطفت العواصم الغربية جميعها دون استثناء بداية من بواشنطن مرورا بباريس وبرلين وصولا الى لندن وروما وبروكسل ومدريد وغيرها في رواق المدينين بشدة لهجوم ايران الذي كان مرتقبا وصعد مجددا المخاوف من امكانية تفجر الوضع الى حرب اقليمية في منطقة مثقلة منذ زمن بالأزمات والصراعات الحادة.

وراح الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الحليف الأول لإسرائيل يطمئن هذه الأخيرة بأن "التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل في مواجهة تهديدات إيران ووكلائها في المنطقة لا يتزعزع"، مشيرا إلى أن القوات الأمريكية ساهمت في اسقاط تقريبا جميع المسيرات الايرانية المستخدمة في الهجوم، في نفس الوقت الذي اكد مسؤولون امريكيون ان الولايات المتحدة لا تريد لا حربا ولا تصعيدا مع إيران.

وبنيرة شديدة الحدة، أدان الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، الهجوم الإيراني على الكيان الصهيوني، معبرا عن تضامنه البالغ مع "شعب اسرائيل"، بينما سارعت رئيسة الحكومة الايطالية، جيورجيا ميلوني، إلى الاعراب عن قلقها البالغ وقالت ان بلادها تواصل العمل من أجل تفادي توتر في المنطقة. كما شدد رئيس الحكومة الاسبانية، بيدرو سانشيز، على ضرورة تجنب أي تصعيد في المنطقة باي ثمن. وقال انه "بعد ليلة طويلة ومؤلمة تأكد خلالها حجم الهجوم الذي ارتكبته إيران، تدينه الحكومة الإسبانية، كما أدانت وستدين دائما جميع أشكال العنف التي تهدد أمن ورفاهية المدنيين الأبرياء".

أما رئيس الوزراء البلجيكي، الكسندر دي كروو، فقد قال أن "ايران معروفة بأنها دولة ترعى الارهاب"، واصفا "هجومها المباشر على اسرائيل بانه تصعيد خطير للعنف في الشرق الأوسط".  واضاف "انني أدين هذا الهجوم واسع النطاق على إسرائيل وأدعو جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس.. فقد طال انتظار وقف فوري لإطلاق النار".ولم تخرج برلين عن نفس هذا النهج ، حيث حذرت من إمكانية أن يقود الهجوم الايراني المنطقة الى الفوضى. وقالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، أنه "يجب على إيران ووكلائها أن يتوقفوا على الفور"، مضيفة أن برلين تقف "بحزم إلى جانب إسرائيل".

ونفس موقف الإدانة عبر عنه حلف الناتو والاتحاد الاوروبي اللذان داعيا الى التهدئة وشددا على أهمية أن لا يخرج الصراع في منطقة الشرق الاوسط عن السيطرة.

وبينما دعت موسكو إلى التهدئة وقالت انها تعتمد على دول المنطقة من أجل ايجاد حل للمشاكل القائمة عبر السبل السياسية والدبلوماسية، عبرت بيكين عن بالغ قلقها للتصعيد الخطير بين إيران وإسرائيل ودعت ايضا لضبط النفس مثلها مثل تركيا التي دعت الى وقف التصعيد بين إيران واسرائيل.

من جانبه، أدان الأمين العام الاممي، انطونيو غوتيريس، بشدة ما وصفه بـ"التصعيد الخطير" الذي يمثله الهجوم الايراني على إسرائيل، ودعا إلى "الوقف الفوري لهذه الأعمال العدائية"، وقال إنه "يشعر بقلق عميق إزاء الخطر الحقيقي للغاية المتمثل في تصعيد مدمر على مستوى المنطقة"، حاثا "جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنب أي عمل قد يؤدي إلى مواجهات عسكرية كبيرة على جبهات متعددة في الشرق الأوسط".

وعبرت وزارة الخارجية القطرية، عن عميق قلقها ودعت جميع الأطراف الى وضع حد للتصعيد والتحلي بأكبر قدر من التعقل في موقف عبرت عنه ايضا الخارجية السعودية التي دعت الى تجنيب المنطقة وسكانها خطر الحرب. أما مصر فلم تخف قلقها من مغبة توسع الصراع حيث حذرت من خطورة ذلك ودعت الى التهدئة القصوى وقالت انها على اتصال مباشر مع كل الاطراف في مسعى لاحتواء الوضع.

وعلى نقيض كل هذه المواقف المستنكرة والقلقة، باركت حركتا المقاومة الإسلامية "حماس" والجهاد الإسلامي وحزب الله العملية العسكرية التي قامت بها إيران ضد الكيان الصهيوني، وقالت "حماس" أنها تعتبرها حق طبيعي ورد مستحق على جريمة استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق واغتيال عدد من قادة الحرس الثوري فيها.

وأكدت "حماس" في بيان امس، على "الحق الطبيعي للدول ولشعوب المنطقة في الدفاع عن نفسها في مواجهة الاعتداءات الصهيونية"، ودعت الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم وقوى المقاومة في المنطقة إلى مواصلة إسنادهم لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس في موقف عبرت عنه الخارجية السورية التي قالت في بيان أمس بأن "الضربات الإيرانية على أهداف عسكرية إسرائيلية، جاءت في اطار ممارسة ايران حقها في الدفاع عن النفس".