عندما تتعامل المقاومة وفق قوانين الحرب

"حماس" تفرج عن رهينتين أمريكيتين لدواع إنسانية

"حماس" تفرج عن رهينتين أمريكيتين لدواع إنسانية
  • القراءات: 591
ص. محمديوة ص. محمديوة

أفرجت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مساء أول أمس، عن رهينتين وهما أم وابنتها تحملان الجنسية الأمريكية لدواع إنسانية، كانتا في قبضة مقاومي كتائب القسام الجناح المسلّح لحماس منذ اليوم الأول من اندلاع عملية "طوفان الأقصى" في السابع أكتوبر الجاري.

جاء إخلاء سبيل الرهينتين الأمريكيتين من قبل "حماس" بعد وساطة قطرية، حيث يتعلق الأمر بكل من جوديت وناتالي رعنان، اللتين استلمهما في وقت متأخر من مساء أول أمس، الصليب الأحمر الدولي عبر الحدود مع اسرائيل.

وكانت المقاومة الفلسطينية التي أكدت أسرها لأكثر من 200 رهينة، أشارت على لسان المتحدث باسم "كتائب القسام"، أبو حمزة، عن وجود رهائن يحملون جنسيات أجنبية لم يتمكن عناصرها من التأكد من هوياتهم. وطمأنت بأن هؤلاء يعتبرون ضيوفا لديها وسيتم الإفراج عنهم متى سمحت الظروف بذلك.

وعندما تقول المقاومة إن هؤلاء ضيوف، فيعني أنهم سيعاملون جيدا ولن يصيبهم مكروه، إلا في حال راحوا ضحية القصف الصهيوني الجنوني والمكثف المستمر منذ أسبوعين كاملين على كل القطاع، والذي لا يأخذ بالاعتبار أرواح أسراه المحتجزين في غزّة.

الرئيس الأمريكي جو بادين، الذي أبان هذه المرة أن لديه إحساس، راح يعبّر عن شعوره بالغبطة وسعادته الغامرة لتمكن أقوى دولة في العالم من استلام الرهينتين. ووعد الرأي العام الأمريكي بمواصلة المساعي والجهود الحثيثة للإفراج عن البقية الذين لا يزال عدد معتبر منهم ـ حسبه ـ في قبضة المقاومة.

كيف لا والأمر يتعلق بمواطنين أمريكيين حياتهم غالية وفوق كل اعتبار، وليس بفلسطينيين يتعمد الاحتلال الصهيوني قتلهم ويقترف في حقهم إبادة جماعية وتطهيرا عرقيا في غزّة، ولم يحرك بايدن لذلك شعرة من رأسه بل راح هذا الأخير يدعم المنطق الدموي الصهيوني بكل الوسائل المادية والعسكرية والمالية وغيرها.

وقد يضع إفراج "حماس" والمقاومة الفلسطينية التي يصنّفها الغرب في خانة "الإرهاب" عن هاتين الرهينتين، الإعلام العبري ومعه الغربي في حرج وهو الذي ينتظر على أحر من جمر الاستفراد بشهادتهما على أمل أن تزيد في ضرب وتشويه صورة "حماس" وتقديم عناصرها على أنهم "إرهاب" يقتلون دون رحمة ويعذبون من يقع في أيديهم، فقد روج هذا الإعلام الدعائي لإشاعات كاذبة ومعلومات مغلوطة عن استهداف المقاومين للمدنيين في المستوطنات وقطع رؤوس أطفالهم واغتصاب بناتهم وخطف جداتهم من دون أن يكون له دليل واحد يثبت صحة تلك الأكاذيب، قبل أن تتكشف الحقيقة التي أكدت أن كل ذلك من صنع خيال بني صهيون.

وقبل هاتين الرهينتين الأمريكيتين أطلقت المقاومة سراح مستوطنة وطفليها، قدمت شهادتها لوسائل إعلام عبرية وتحدثت بصدق عندما قالت إن مقاتلي حماس لم يلحقوا بها أي أذى، بل قدم أحدهم لها ملابس لتستر جسدها قبل أن يقرروا إخلاء سبيلها. وجاءت شهادة أخرى من مستوطنة يهودية، اقتحم عناصر من المقاومة منزلها ولم يسببوا أي أذى لها ولأطفالها، وقالت إنها استغربت من طلب أحد المسلّحين إذنها لأكل حبة موز كانت على الطاولة في مطبخ منزلها، قبل أن ينسحبوا دون أن يخربوا أو يبعثروا محتوياته كما تفعل قوات الاحتلال ببيوت الفلسطينيين على مر 75 عاما.

المؤكد أن قضية الرهائن ستكون واحدة من أهم الأوراق الرابحة في يد المقاومة، فهي قد تستخدمها لممارسة مزيد من الضغط للسماح بإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزّة. كما تسمح بدحض الأكاذيب الصهيونية وتؤكد أن المقاومة تواجه المحتل وفق قوانين الحرب، وليس كما يفعل الكيان الصهيوني المتمعن في انتهاك وخرق كل القوانين والمواثيق الدولية، وقد تجرد من كل ذرة إنسانية وهو يقتل وينتقم من المدنيين في غزّة، كما أنها ورقة رابحة فيما يتعلق بآلاف الأسرى الفلسطينيين منهم مئات النساء والأطفال المعتقلين منذ سنوات، وحتى عقود في معتقلات الاحتلال والذين نفضت المجموعة الدولية يدها منهم وتركتهم لمصيرهم المجهول في تلك السجون، ونفس المجموعة الدولية تقيم اليوم الدنيا ولا تقعدها على الرهائن الذين أسرتهم المقاومة.