طباعة هذه الصفحة

بعد دخول الرئيس قايد السبسي المستشفى

حالة ترقب في تونس

حالة ترقب في تونس
  • القراءات: 895
م. مرشدي م. مرشدي

عاشت تونس لليوم الثاني على التوالي أمس، حالة استنفار أمني قصوى وترقب متواصل بعد الوعكة الصحية التي تعرض لها الرئيس الباجي قايد السبسي وشيوع خبر وفاته وتبعات الهجومين الانتحاريين اللذين هزا قلب العاصمة تونس واديا إلى مقتل شرطي وإصابة ثمانية آخرين بجروح وصفت بـ«الخطيرة".

مازال التونسيون يترقبون تطورات الوضع الصحي للرئيس الباجي قايد السبسي، بعد الوعكة الصحية المفاجئة التي تعرض لها نهار أول أمس، الخميس بسبب شح المعلومات حول حقيقة وضعه الصحي وفي ظل حالة الاستنفار التي يعيشها هرم السلطة في تونس وخاصة بعد ذيوع خبر وفاته رغم مسارعة الرئاسة التونسية إلى تفنيد ذلك مؤكدة أنه بدأ يستعيد عافيته شيئا فشيئا.   

وسارعت مختلف القوى السياسية في البلاد إلى إثارة مسألة الشغور الدستوري في قصر قرطاج بما يستدعي اتخاذ الإجراءات التي ينص عليها دستور البلاد في هذا الخصوص لتفادي حالة الفراغ الدستوري في البلاد وتبعات ذلك على وضع سياسي هش قبل موعد تنظيم الانتخابات العامة والرئاسية في البلاد نهاية العام الجاري.

ولتفادي كل ما من شأنه زرع الشك في أوساط الرأي العام، قطعت الرئاسة التونسية الشك باليقين عندما أصدرت بيانا رسميا نفت من خلاله شغور منصب رئيس الجمهورية رغم أنها أكدت قبل ذلك أن الرئيس الباجي قايد السبسي البالغ من العمر 92 عاما نقل إلى المستشفى في حالة حرجة جدا. ونفى نور الدين بن تيشة، مستشار الرئيس السبسي، وجود حالة فراغ دستوري في البلاد في نفس الوقت الذي أكدت فيه سعيدة غراش الناطقة باسم قصر قرطاج أن وضع الرئيس في "تحسن مستمر"، مؤكدة بأنه تحادث مع وزير الدفاع وأنه سيغادر المستشفى قريبا.

وتزامن تعرض الرئيس التونسي لهذه الوعكة مع تنفيذ مسلحين عمليتين إرهابيتين في قلب العاصمة تونس، خلفت مقتل شرطي وإصابة ثمانية آخرين بجروح بليغة، سارع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الإرهابي إلى إعلان مسؤوليته عنهما.  واضطر مختلف المسؤولين التونسيين إلى تكثيف تصريحاتهم لطمأنة الرأي العام التونسي مؤكدين أن الوضعية الصحية للرئيس "خطيرة" ولكنها مستقرة، دون أن يحددوا أسباب هذا التدهور المفاجئ للوضع الصحي لرئيس البلاد الذي يجتاز ضغوطا سياسية واقتصادية وأمنية حادة في المدة الأخيرة تكون قد زادته إرهاقا وهو في عقده التاسع. 

وتدهور الوضع الصحي للرئيس التونسي في ظل أزمة سياسية متواصلة أطوارها منذ العام الماضي حتى في داخل حزب "نداء تونس" الذي أسسه الرئيس السبسي، حول من يقود البلاد خلال العهدة القادمة وانشقاق الوزير الأول يوسف الشاهد عنه بعد إعلان نيته الترشح للانتخابات الرئاسية في وقت فضلت حركة النهضة الإسلامية الاحتفاظ بكل أوراقها تحسبا لهذا الموعد الهام في بلد لم يتمكن من وضع أولى أسس التحول الديمقراطي الذي كان مهد حراك كل ثورات ما أصبح يعرف بثورات "الربيع العربي" نهاية سنة 2010. ويأمل التونسيون في عودة رئيسهم إلى منصبه في أقرب وقت ممكن لتفادي كل فراغ دستوري والسماح بإتمام التحضيرات لتنظيم هذه الانتخابات في موعدها المحدد.

يذكر أن الدستور التونسي يخوّل لأعضاء المحكمة الدستورية صلاحية تحديد ما إذا كانت البلاد دخلت فعلا "حالة الشغور" في منصب رئيس الجمهور بصفة "نهائية" أو "مؤقتة". وفي حال تأكدت حالة الشغور النهائي، فإن قيادة البلاد ستؤول إلى رئيس البرلمان محمد الناصر البالغ هو الآخر من العمر 82 عاما أما في حالة الشغور المؤقت، فستؤول مهمة إدارة شؤون الرئاسة إلى الوزير الأول يوسف الشاهد. غير أن المعضلة بالنسبة للوضع في تونس أن مختلف الأحزاب السياسية فشلت، تسع سنوات منذ الإطاحة بنظام الرئيس الفار زين العابين بن علي في التوصل إلى اتفاق لتشكيل هذه الهيئة القضائية العليا في البلاد.

ومما زاد في مخاوف دخول البلاد في حالة ترقب وفراغ سياسي، إقدام مسلحين على تنفيذ عمليتين إرهابيتين في قلب العاصمة تونس ضمن إنذار لأجهزة الأمن التونسية في عز موسم الاصطياف الذي تراهن السلطات التونسية على إنجاحه للتخفيف من عبء وآثار الأزمة الاقتصادية التي تعرفها تونس. وهو ما جعل وزير السياحة روني الطرابلسي يسارع إلى توجيه رسائل طمأنة باتجاه التونسيين وأفواج السياح الذين كانوا في شارع بورقيبة لحظة وقوع الهجوم أن كل المنشآت السياحية ستبقى مفتوحة رغم اعترافه بانعكاسات هاتين العمليتين على موسم الاصطياف ولكنه أكد أن مختلف الدول تعرف الجهود التي تبذلها تونس من أجل محاربة الإرهاب وضمان موسم اصطياف آمن وناجح، حيث توقعت السلطات التونسية استقطاب تسعة ملايين سائح هذا العام.