تقرير أممي يفضح جرائم الاحتلال في غزة صيف العام الماضي

جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية تنتظر القصاص

جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية تنتظر القصاص�
  • القراءات: 524
القسم الدولي � القسم الدولي

انتهى محققون أمميون في تقرير أنجزوه حول المجازر التي اقترفها جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه، الصيف الماضي، ضد سكان قطاع غزة، إلى تأكيد أن جنوده اقترفوا جرائم حرب وجرام ضد الإنسانية؛ ضد المدنيين الفلسطينيين في هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية.

وهي القناعة التي انتهى إليها التقرير الذي طرح سبعة أسئلة حول ما حدث في مختلف مدن القطاع، وبصفة خاصة مقار الأمم المتحدة والمدارس التي تشرف عليها في غزة؛ حيث عدّدوا الكيفية التي اقترف بها الجنود الإسرائيليون جرائمهم ببرودة دم وبعنصرية نازية وبضوء أخضر من مسؤوليهم المباشرين إلى غاية وزير الدفاع وقائد هيئة الأركان، وصولا إلى الوزير الأول بنيامين نتانياهو.

وبالوصف الدقيق لكثير من الجرائم، ألقى محققو الأمم المتحدة الضوء على مجريات تلك الجرائم التي استهدفت مقار تابعة للأمم المتحدة، بطرح أسئلة دقيقة؛ ماذا حدث في جباليا نهاية شهر جويلية العام الماضي ومدرستي بيت حانون وجباليا، قبل أن ينتهوا إلى طرح تساؤل جوهري: ماذا يجب فعله بعد نشر هذا التقرير؟

وتحت عنوان ”الحوادث السبعة”، أشار معدّو التقرير إلى جرائم الحرب التي أودت بحياة عشرات الفلسطينيين ممن احتموا داخل الهيئات الأممية العاملة في قطاع غزة، بدون أن يجنّبهم ذلك جبروت قوات الاحتلال وانتهاكاتها لحق كل من لجأ إلى مقراتها. 

وإذا كان الفلسطينيون تابعوا تلك الجرائم مشهدا بمشهد فإن التقرير الأممي جاء متأخرا جدا بدون أن يمنع ذلك من القول إن فضح بشاعة تلك الجرائم يبقى مهمّا على الأقل من الناحية النفسية، لكشف حقيقة الجيش الإسرائيلي وديمقراطية الكيان المحتل. 

تم ضمن هذا المنطق طرح التساؤل: ماذا حدث يوم 24 جويلية 2014 في مدرسة بيت حانون الابتدائية، التي حوّلتها الأمم المتحدة إلى ملجأ للسكان الذين فروا إليها من جحيم الحرب المفروضة عليهم؟

وبسبق الإصرار، قام جيش الاحتلال بقصف المدرسة؛ بدعوى أنها تأوي ”إرهابيين” من عناصر القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية ”حماس”؛ في ذريعة نفتها الأمم المتحدة وكثير من الشهود، الذين أكدوا أن كل من لجأ إليها مدنيون فلسطينيون، اعتقدوا مخطئين أن رايتها الزرقاء كافية لحمايتهم، ولكنهم نسوا أن إسرائيل لم تعد تكترث لا بالأمم المتحدة ولا بمنظماتها الفرعية.

ولم تمر سوى ساعات حتى سقطت أولى قذائف المدفعية على مقربة من ساحة المدرسة، وكانت نتيجتها استشهاد 14 فلسطينيا وإصابة مائة آخرين.  

وبنفس درجة الحقد والضغينة، تعرضت مدرسة بعثة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين في مخيم جباليا للاجئين، التي لجأ إليها أكثر من 3 آلاف فلسطيني ممن أُرغموا على مغادرة منازلهم والاحتماء داخل هذه المدرسة.

وبنفس الطريقة أمرت إسرائيل الفارين إلى المدرسة، بمغادرتها؛ بدعوى وجود عناصر المقاومة فيها. وبعد ساعة وبدون سابق إنذار، سقطت قذيفتان من عيار 155 ملم، كانتا كافيتين لحصد أرواح 18 شهيدا.

وزعمت حكومة الاحتلال حينها أنها فتحت تحقيقا جنائيا في الاستخفاف بالهيئة الأممية والمجموعة الدولية، التي نددت بقتل مدنيين في مقرات الأمم المتحدة؛ بدليل أنها لم تتوان أسبوعا بعد ذلك في قصف مدرسة ثالثة بمدينة رفح في جنوب القطاع؛ مما خلّف سقوط 15 فلسطينيا. 

ولكن السؤال الذي يطرحه الفلسطينيون وعلى وجه الخصوص عائلات شهداء هذه الجرائم: ماذا بعد نشر هذا التقرير، خاصة أن الأمين العام الأممي بان كي مون، اعترف بنفسه بمقتل 44 فلسطينيا في مقار هيئته، ولكنه اكتفى بالقول إنه مستاء جدا على التصرفات الإسرائيلية؟ 

وإذا كان معدو التقرير أكدوا أن ليس من صلاحيتهم توجيه الاتهام وتحديد المسؤوليات في الجرائم التي وقعت، إلا أن الإقرار باقتراف جيش الاحتلال جرائم حرب ضد الفلسطينيين، يمكن اعتماده في الدعوى القضائية التي تعتزم السلطة الفلسطينية رفعها أمام محكمة الجنايات الدولية بلاهاي، التي انضمت إليها بداية الشهر الجاري.

ولكن ذلك لا يمنع من القول إنه إذا كانت الأمم المتحدة أثارت جريمة استشهاد 44 مدنيا فلسطينيا فمن ينصف 2100 شهيد آخرين قتلهم جيش الاحتلال في أبشع عدوان يتعرض له قطاع غزة، طيلة حرب تواصلت خمسين يوما بلياليها، وشكلت جحيما عانى منه 1,8 مليون فلسطيني ومازالوا بعد أن دُمرت مساكنهم وبناهم التحتية وهم ينتظرون بعد قرابة عام كامل، إيفاء دول كبرى بتعهداتها، بمنح 5,8 ملايير دولار لإعادة إعمار ما دمره هذا العدوان النازي.