80 ألف جندي ودركي وشرطي لتأمين الانتخابات التشريعية

تونس على موعد مع انتقال ديمقراطي دائم

تونس على موعد مع انتقال ديمقراطي دائم
  • القراءات: 636
م. مرشدي م. مرشدي
ينتظر أن تضع تونس مساء اليوم، قدما على طريق بناء الدولة الديمقراطية بتنظيم أول انتخابات عامة تعددية في انتظار وضع القدم الثانية على سكة الإقلاع بمناسبة إجراء الانتخابات الرئاسية نهاية الشهر القادم، لتطوي بذلك صفحة الحزب الواحد وكل صلة بنظام الرئيس بن علي.
تنطلق اليوم، الانتخابات العامة التونسية وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة جند لضمان إتمامها في أجواء السكينة والهدوء قرابة 80 ألف عسكري ودركي وشرطي لمنع أية مفاجآت "إرهابية" قد تعكر أجواءها.
ويجرى هذا الموعد الانتخابي الهام على خلفية تزايد المخاوف من تهديدات إرهابية بعد عملية منوبة في ضاحية العاصمة تونس أول أمس، وشكلت هاجسا إضافيا للسلطات التونسية التي تعاملت مع منفذيها بصرامة واضحة لتأكيد إصرارها على منع أي إخلال بالأجواء العامة التي طبعت الحملة الانتخابية وتريد استمرارها خلال عملية الاقتراع.
ولم يمنع ذلك وزير الدفاع التونسي، غازي الجريبي، من توجيه نداء الى كافة الناخبين على التصويت بقوة على اعتبار انه "يوم هام في تاريخ تونس و"عدم الاكتراث بتهديدات الإرهابيين الذين يبقى هدفهم منع تنظيم الانتخابات وإقامة الديمقراطية ودولة القانون".
وأكد شفيق صرصار، رئيس اللجنة العليا لتنظيم هذه الانتخابات من جهته أمس، أن المهم أن نرى الإجراءات الأمنية المتخذة أخيرا وهي تطبق على أرض الميدان وتحسبا لما أسماه بـ"ساعة الحقيقة".
وتكمن أهمية هذا الموعد الانتخابي في كونه سيمنح لتونس بأول برلمان تعددي يضع نهاية لمرحلة انتقالية تجاوزت الآجال القانونية المحددة لها بشهر نوفمبر من العام الماضي، وزرعت بعض الشك في عملية التحول الديمقراطي الذي تعهدت الطبقة السياسية بتحقيقه وفاء للعهد مع أولئك الذين ثاروا على نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وهو رهان تريد مختلف القوى السياسية تحقيقه اليوم، عبر تنظيم انتخابات في أجواء الهدوء والسكينة على اعتبار أن ذلك سيكون تجربة ذات فائدة تمهد المسار لتنظيم الانتخابات الرئاسية يوم 23 نوفمبر القادم، والتي ستكون آخر محطة لتحقيق الانتقال الديمقراطي والانتهاء مع مرحلة انتقالية عرفت هزات وفترات شك بسبب خلافات بين مكونات أعلى هرم السلطة في قصر قرطاج الرئاسي، وأيضا في قصر القصبة الحكومي بين أعضاء حكومة توافقية، ولكن أيضا في أوساط المواطنين الذين ضاقوا ذرعا من وضع اقتصادي ما انفك يزداد تدهورا في غياب مؤشرات تحسنه.
ويتوقع أن يكون التنافس حادا بين مختلف التشكيلات السياسية التي قررت خوض هذا السباق الذي التزمت فيه حكومة مهدي جمعة، بالسهر على إجرائه في ظروف الشفافية وتمكين الناخبين التونسيين الـ5,3 مليون من أداء واجبهم الانتخابي في ظروف عادية.
ولكن السباق سينحصر بين أحزاب وتكتلات سياسية معروفة مثل حركة النهضة ونداء تونس وأحزاب التكتل والتجمع من أجل الجمهورية، وهي كلها قوى تعكس صورة المشهد السياسي التونسي التي تكرست مباشرة بعد الانتهاء من هيمنة حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الحزب الذي حكم تونس طيلة حكم الرئيس بن علي، في السابع نوفمبر 1987، والى غاية 11 جانفي 2011، تاريخ الإطاحة به وهروبه الى الخارج.     
ورغم الهيمنة الظاهرية لهذه الأحزاب الكبرى فإن اعتماد نظام "الاقتراع النسبي بالباقي الأقوى" من شأنه أن يمكن الأحزاب الصغيرة من الفوز بمقاعد نيابية حتى يكون التمثيل أوسع لمختلف العائلات السياسية والشرائح في المجتمع التونسي.
وهو النظام الانتخابي الذي يحتم على الأحزاب الكبرى التعامل مع التشكيلات الصغيرة من اجل تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة.
ويكون ذلك هو الذي جعل راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، الذي ترشحها بعض التوقعات للفوز بحوالي 150 مقعدا من أصل 217 مقعدا نيابيا، يؤكد أن "انتهاج سياسة الوفاق الوطني لترسيخ الوحدة بين أبناء الوطن الواحد هي السياسة المناسبة للدولة التونسية".
وهي دعوة صريحة من أكبر الأحزاب التونسية باتجاه مختلف القوى السياسية الأخرى إلى تبنّي خيار تشكيل حكومة وفاق وطني، لمواصلة  مسيرة الانتقال لتثبيت المسار ومنع انحرافه وهو رهان يتعين على كل القوى أن تأخذ به.