إعلان حالة حظر التجوال في كل محافظات البلاد

تونس أمام أعنف أزمة اجتماعية

تونس أمام أعنف أزمة اجتماعية
  • القراءات: 599
م. مرشدي م. مرشدي

ينتظر التونسيون بكثير من الترقب، معرفة طبيعة الإجراءات العملية التي سيصدرها الوزير الأول التونسي حبيب الصيد اليوم وما إذا كانت كافية لإيقاف أعنف موجة احتجاجات تعرفها تونس منذ سنة 2011. واضطر الصيد لقطع جولة أوروبية والعودة إلى تونس؛ حيث يُنتظر أن يلتقي اليوم بطاقمه الوزاري قبل الرد على الأسئلة التي ستُطرح عليه في الندوة الصحفية التي ستعقب هذا الاجتماع. ووجدت السلطات التونسية نفسها أمس مرغمة على إعلان حالة حظر التجوال في كل محافظات البلاد؛ في محاولة لاحتواء موجة غضب شعبي متواصلة منذ عدة أيام؛ على خلفية أوضاع اجتماعية ما انفكت تزداد تدهورا خمس سنوات منذ نجاح ثورة الياسمين التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي. وفقدت مدينة القصرين في وسط البلاد هدوءها منذ السبت الماضي بعد انتحار شاب عاطل عن العمل، وكان ذلك كافيا لاشتعال فتيل ثورة شعبية لم تتمكن تعزيزات قوات وزارة الداخلية والدفاع من احتوائها.

وكان شطب اسم الشاب رضا يحياوي البالغ من العمر 28 عاما، من قائمة التوظيف، كافيا لإشعال نار الغضب لديه إلى الحد الذي فتح باب اليأس في نفسه ودفع به إلى تسلق عمود كهربائي ولمس تياره، ليتحول في لمح البصر إلى مجرد رماد أمام أعين مئات العاطلين عن العمل. وانتشر الخبر في أرجاء المدينة التي تحولت إلى ساحة حرب بين السكان وقوات الأمن، ما لبثت أن انتقلت شرارتها إلى مناطق أخرى من البلاد، ضمن "ثورة" عكست درجة الغضب الشعبي المتزايد بين السكان نتيجة انتشار الفقر والبطالة، وفي وقت لم يتمكن الاقتصاد التونسي من تحقيق الإقلاع الذي كان يأمل التونسيون في تحقيقه. ويبدو أن السلطات التونسية التي تمكنت من تحقيق إقلاع سياسي سلس رغم الهزات التي عرفتها العملية السياسية في بداياتها، عجزت، في المقابل، عن إحداث طفرة مماثلة في اقتصاد تونسي ضرب في مقتل بعد ثورة الحادي عشر جانفي لم يتمكن بعدها أن يتعافى منها رغم كل محاولات الإنقاذ التي نفذتها الحكومات التونسية التي لم تتمكن من وضع اليد على موضع الداء وخاصة إعادة الثقة الى اقتصاد  أصيب بحالة كساد كبيرة. 

وكان انتقال عدوى الاحتجاجات الى قلب العاصمة تونس بمثابة ناقوس خطر بالنسبة للوزير الأول الحبيب الصيد الذي اقتنع أن أحداث القصرين لم يكن حدثا عابرا على صلة بوفاة الشاب العاطل وإنما هو إحساس يتقاسمه كل التونسيين بما فيها العاصمة تونس التي يبقى سكانها أكثر حظا من نظرائهم في الولايات الداخلية الأخرى وخاصة الجنوبية منها والذين يشعرون بحيف اقتصادي توارثوا تركة منذ سنوات حكم الرئيس المطاح به. وإذا كانت حادثة انتحار محمد البوعزيزي قبل خمس سنوات بمدينة سيدي بوزيد أشعلت نار الغضب الذي حمل خلفيات سياسية ضد نظام بوليسي، فإن حادثة انتحار رضا يحياوي عكس هذه المرة درجة تذمر اجتماعي في أوساط شرائح واسعة على خلفية اقتصادية ضمن أزمة أعمق ما لم يتم احتواؤها في حينها على اعتبار أن الأمر له علاقة مباشرة ببطون الناس الخاوية وإسكات "قرقرة أمعاء" لم تعد تحتمل الشد على بطنها في غياب حلول استعجاليه لوضع استثناني.