رفضها الشارع فور إعلانها

تشكيل أول حكومة لبنانية بعد فراغ سياسي دام 4 أشهر

تشكيل أول حكومة لبنانية بعد فراغ سياسي دام 4 أشهر
  • القراءات: 633
م. م م. م

وضع لبنان أمس، اول خطوة  له على طريق الخروج من حالة الانسداد السياسي والفراغ الدستوري، بعد تمكن حسن دياب، المعين قبل شهر من تشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة الوزير سعد الحريري، المستقيل في خضم حراك شعبي متواصل منذ 17 اكتوبر الماضي.

وتم الكشف عن الطاقم الحكومي الجديد المشكل من 20 وزيرا في قصر بعبدا الرئاسي، ضمن اختراق نوعي في مشهد سياسي لبناني معقد بنفس تعقيدات النظام السياسي في هذا البلد، ولكن ذلك يبقى مجرد بداية في مسار سياسي واقتصادي صعب ومتشابك بالنظر إلى الوضعية التي بلغها هذا البلد منذ خروج آلاف اللبنانيين من كل التوجهات والديانات والمذاهب إلى الساحات العمومية في العاصمة بيروت، ومنها إلى مختلف المدن الاخرى في مشهد كشف عن أزمة ثقة حقيقية بين شعب يبحث عن نفسه وطبقة سياسية منغمسة في خدمة مصالحها الشخصية والحزبية الضيقة.

وهي الحقيقة التي ضمنها رئيس الحكومة الجديد في أول تصريح له أمام أعضاء طاقمه الوزاري، عندما اعترف بأن لبنان أصبح في مفترق طرق كارثة اقتصادية وتحديات كبيرة يتعين مواجهتها بجرأة وشجاعة للتخفيف من آثارها وتبعاتها على عامة اللبنانيين.

وطمأن دياب، بالقول إن حكومته ستعمل بما يخدم تطلعات المتظاهرين في كل أنحاء البلاد، وستعمل على الاستجابة لكل مطالبهم ومنها تحرير العدالة ومحاربة الثراء غير المشروع، والعمل على توفير مناصب الشغل لفئة الشباب العاطل عن العمل، في نفس الوقت الذي أكد فيه أن كل وزراء حكومته من التكنوقراط وأن لا لون سياسي لهم ولا ولاءات حزبية.

وشكل هذا التصريح رسالة ود وجهها السيد دياب، إلى مئات آلاف اللبنانيين المعتصمين في الساحات العامة عله يسكب رضاهم، وهم الذين رفضوا كل وجوه الطبقة السياسية اللبنانية التي اتهموها بتركيع لبنان اقتصاديا، زادتها تطورات السنوات العشر الأخيرة، في سوريا والعراق واليمن وقطر متاعب أكبر أوصلته إلى حالة انسداد قاتلة اعترف حسن دياب بصعوبتها.    

ولكن هل يحصل رئيس الحكومة الجديد على رضى المتظاهرين الذين عادوا إلى الشوارع أمس، فور الإعلان عن الحكومة الجديدة، حيث أحرقوا العجلات المطاطية  ونصبوا حواجز على الطرقات الرئيسية في مدن طرابلس في شمال البلاد، وصيدا في جنوبها ومدينة بيبلوس على ساحل العاصمة بيروت في مظاهرات رافضة لهذا التشكيل الحكومي.

واضطرت قوات الشرطة لاستعمال القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه ردا على قيام المتظاهرين برشقهم بالحجارة ومحاولتهم نزع الحواجز المقامة على مقربة من الساحة المقابلة لمقر الهيئة التشريعية. وإذا كانت التصريحات المتفائلة من عادة المسؤولين وخاصة في الوضع اللبناني، فإن تجسيد الوعود يبقى صعبا إن لم نقل مستحيلا في بلد انهار اقتصاده وأصبح تحت وطأة 90 مليار دولار من الديون الخارجية بما يمثل 150 بالمئة من الناتج الداخلي الخام.

وهو ما يجعل مهمة الطاقم الوزاري الذي ضم ست نساء من بينهم وزيرة للدفاع صعبا جدا في ظل التوقف شبه التام للآلة الاقتصادية وشح المساعدات التي كانت البلدان الخليجية تغدق بها عليها وخاصة في قطاع السياحة الذي كان يجلب لها موارد ضخمة، قبل أن ينهار كل شيء بتعدد الأزمات التي دخلتها دول مجلس التعاون الخليجي، وكان آخرها الشرخ الذي ضرب علاقات دول هذا المنتظم شهر جوان 2017، على خلفية صراع زعامة بين الدوحة والرياض دفع لبنان ثمنا غاليا له.