رغم قرار المعارضة التوجه الى جنيف

تسوية مشاكل سوريا ليست غدا

تسوية مشاكل سوريا ليست غدا
  • القراءات: 1172
 م. مرشدي م. مرشدي

عبٌد قرار ائتلاف المعارضة السورية بالمشاركة في ندوة جنيف الثانية الطريق لانطلاق فعالياتها بعد شد وجذب على خلفية التباين الكبير في مواقف مختلف أجنحتها المتراوحة من أقصى اليمين الى أقصى اليسار.

فبعد اجتماع حاسم ونقاش حاد دام لعدة ساعات مساء السبت بمدينة اسطنبول التركية انتهى ممثلو مختلف فصائل المعارضين للنظام السوري الى قناعة بضرورة قبول فكرة الذهاب الى جنيف ضمن خطوة أولى على طريق إنهاء الحرب الأهلية.

وصوت لصالح خيار المشاركة 58 ممثلا وعارضها 14 بينما امتنع ممثلان عن التصويت وممثل واحد ألغيت ورقة تصويته.

والواقع أن نتيجة التصويت "الايجابي" التي انتهى إليها الائتلاف الوطني السوري الذي يضم مختلف فصائل المعارضة لم يجد من خيار آخر سوى قبول فكرة الذهاب الى جنيف بعد أن حاصره العامل الزمني والضغوط الدولية التي مارستها القوى الإقليمية والدولية الداعمة لها والتي تبنت هي الأخرى مبدأ المشاركة في مؤتمر جنيف الثاني.

وهو الموقف الذي رحبت به الدول الغربية جميعها من منطلق أن ذلك يخدم مصالحها في المنطقة وهي التي عملت على تكييف مواقفها حسب معطيات الواقع وصراع القوى الدولية والإقليمية في أزمة خرجت عن الإطار الذي حدد لها وأصبحت تهدد التوازنات الدولية الكبرى.

فقد تضاربت مواقف الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ومختلف الدول الغربية من النظام السوري في بدايات الأزمة وأبدت معارضة شرسة له إلا أنها عادت وتراجعت عن هذا الموقف لأنها أدركت أن موقفها سيقودها حتما الى طريق مسدود وهو ما حدث فعلا عندما ألقت روسيا بكل ثقلها وتمسكت بالرئيس الأسد رغم الضغوط الغربية وقد نجحت في رهانها بدليل قبول واشنطن بفكرة ندوة جنيف الثانية التي سوفت قبل القبول بعقدها.

ويمكن القول أيضا أن نشوة التصويت بـ "نعم" تبقى ظرفية على اعتبار أن التمسك بفكرة المشاركة يبقى مرهونا بأطوار المفاوضات التي ينتظر أن تنطلق بشكل جدي بين الفرقاء يوم 24 الجاري بعد مراسيم الافتتاح الرسمي يومي 22 و23 منه بمدينة مونترو وخاصة وان بعض الفصائل قبلت المشاركة على خلفية عدم إفشال هذه الفرصة المتاحة لوقف إراقة دماء السوريين.

ثم أن قرار المشاركة في الندوة الذي جاء بعد مخاض عصيب ما هو في الواقع إلا مجرد بداية لمسار مفاوضات أصعب بعد أن تباينت مواقف الفرقاء وخاصة ما تعلق بمصير الرئيس بشار الأسد ونظامه.

ففي الوقت الذي تصر فيه دمشق على أن هذا الأخير ستكون له كلمة الفصل في المرحلة الانتقالية تتمسك المعارضة من جهتها بموقفها الرافض لهذا الدور التي تصر أن يؤول الى حكومة انتقالية تتمتع بصلاحيات واسعة.

وهو ما شددت الرئاسة السورية على التأكيد عليه أمس عندما كذبت الأخبار التي نشرتها وكالة الأنباء الروسية "انترفاكس" وقالت أن الرئيس الأسد باق في منصبه ولا ينوي تقديم استقالته ولو كان يفكر في ذلك لما انتظر الى غاية الآن. 

والأكثر من ذلك فان المعارضة التي قبلت الذهاب الى جنيف لا يمثلون الفصائل المتطرفة التي عارضت منذ البداية الانضمام الى مسار التسوية التفاوضي واقتنعت بخيار القوة كوسيلة وحيدة للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.وهو الموقف الذي تمسك به تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة التي أدرجتها الولايات المتحدة  ضمن التنظيمات الإرهابية بالإضافة الى جبهة الإنقاذ التي عرفت ميلادها مؤخرا لمواجهة العناصر التكفيرية ولكنها لم تشأ الانضمام الى مسار المفاوضات مع ممثلي النظام السوري.

وهي كلها عوامل تجعل من موعد 22 جانفي القادم مجرد بداية لحرب كواليس وتحركات دبلوماسية ستشتد بين الفرقاء وأيضا بين الدول الكبرى بهدف تغليب كفة ميزان التفاوض لصالح هذا الطرف على حساب الآخر وتلك معركة أخرى ينتظرها الجميع