القمة الإفريقية تختتم اليوم بالمصادقة على قرارات عملية

تسوية النزاعات القارية بعيدا عن التدخلات الأجنبية

تسوية النزاعات القارية بعيدا عن التدخلات الأجنبية
  • القراءات: 713
م. مرشدي م. مرشدي

تختتم اليوم، أشغال قمة الاتحاد الإفريقي العادية في دورتها الثالثة والثلاثين بتبني عدة توصيات تخص مبادرات إفريقية لإنهاء الاقتتال في عدة مناطق ساخنة في القارة، وذلك من أجل "إسكات لغة السلاح في إفريقيا" الذي تم اختياره شعارا للقمة.

وعكف المشاركون في هذه القمة العادية من حيث الانعقاد الطارئ والمواضيع المعروضة عليها، على وضع تصورات عملية لإعطاء المنتظم الإفريقي دورا أكثر فعالية في تسوية مختلف النزاعات في القارة بعد سنوات من تراجع هذا الدور، في وقت عملت فيه قوى أجنبية على الاستئثار لنفسها بدور في قضايا إفريقية محضة تهم الأفارقة قبل غيرهم وحلها يمر حتما عبر دور إفريقي متجانس وموحد.

وأصبحت هذه المقاربة أكثر من ضرورة بدليل أن الدول التي تحركت في المعترك الإفريقي بدعوى المساعدة على تسوية هذا النزاع أو ذاك عملت في الحقيقة على إبعاد فرص التسوية السياسية، وشجعت بدلا عن ذلك المقاربة العسكرية، حيث شكلت الحالة الليبية أحسن مثال على ذلك، وهي التي دخلت عامها العاشر من اقتتال دام من دون ظهور بارقة أمل لانفراج وضعها السوداوي.

وتأكد من خلال تعدد المبادرات الأجنبية أن الساعين فيها إنما وضعوا خططا تضمن مصالحهم الضيقة ضمن صراع خفي بين قوى دولية ومن انساق وراءها من قوى إقليمية بنية الظفر بـ«الكعكة الإفريقية" كاملة، وهي التجاذبات التي عمّقت الشرخ الإفريقي.

وعلى أمل الخروج من هذه الدوامة، ينتظر أن تكون هذه القمة نقطة فارقة لوضع حد لتراجع الدور الإفريقي وبين الديناميكية التي يريد قادة الدول الأفارقة إعطاءها كفاعلين يتعين عليهم حسم خلافاتهم بعيدا عن تداخل المصالح الأجنبية التي عمقت أزمات بلدانهم بدلا من تسويتها. وهي الحقيقة التي يتعين على القادة الأفارقة تحملها بشجاعة في ضوء فشل المنتظم الإفريقي، في تجسيد شعار إسكات السلاح الذي تم اعتماده سنة 2013، ووضعت هذه السنة موعدا لإحلال السلم في قارة مازالت تبحث عن مكانة لها تحت شمس.

إنها القناعة التي انتهى إليها رئيس المفوضية الإفريقية محمد موسى فكي الذي اعترف بالفشل الإفريقي، فبعد مرور سبع سنوات من تبني هذا الشعار، وقفت القارة على حقيقة تعقيدات الوضعية الأمنية في مناطق التوتر والتي كانت أكبر من قدرتها، فعجزت عن  تسوية النزاعات والحروب المندلعة فيها.

كما جاءت هذه المعضلات لتكبح عمليات الإصلاح التي اعتمدتها القمم السابقة سواء من حيث إعادة هيكلة المنتظم ليتكيف مع واقع قاري متغير بسرعة "الفضاء الأزرق" أو من حيث توفير الأموال الكافية لتسيير هياكل ومؤسسات الاتحاد القاري وعدم انتظار الإعانات الخارجية في كل مرة، والتي كثيرا ما تتبع بالمن وأذى الصفقات المشبوهة التي كرست الرشوة كمرض فتاك في أجساد الدول الإفريقية وحولت إفريقيا وفق تقارير الشفافية الدولية إلى وكر لهذه الظاهرة التي أنهكت اقتصادياتها وحالت دون تحقيق إقلاعها النهضوي.

ولم يحد الرئيس الجنوب إفريقي، سيريل رامافوزا الذي تولى رئاسة الاتحاد الإفريقي خلفا للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن هذه الحصيلة عندما اعترف بأن النزاعات المتأججة في القارة حالت دون تنميتها.

هذه الحقيقة جعلت رئيس المفوضية الإفريقية موسى فكي يطالب القادة الأفارقة بطرح سؤال على أنفسهم بخصوص الأسباب الحقيقية لاندلاع النزاعات واستفحالها حتى يسهل التوصل إلى إيجاد حلول فورية لها بعيدا عن خيار القوة العسكرية والتدخلات الأجنبية.

والواقع أن هذا الحل سيكون سهلا إذا ما تخلت الدول الإفريقية عن أنانيتها الضيقة في تسوية كل النزاعات أو عن ترجيح علاقاتها الضيقة مع الدول الكبرى وحتى الإقليمية الأخرى والحرب الليبية خير مثال على ذلك. وهو ما استغلته هذه القوى وحتى الأمم المتحدة لتهميش دور الاتحاد الإفريقي إلى غاية أول أمس، حيث اعترف الأمين العام الأممي بهذا التجاهل وتعهد بتمكين المنتظم الإفريقي من دور أكبر في الملف الليبي كقضية إفريقية محضة.

وما ينطبق على ليبيا، يمكن إسقاطه على أزمات الصومال وإفريقيا الوسطى وجنوب السودان ودول منطقة الساحل وصولا إلى الكاميرون والموزمبيق مرورا بالصحراء الغربية التي تبقى من أهم الإشكاليات التي يسمح حلها بوضع قارة بكاملها على سكة السلم والاستقرار ومنه إلى تحقيق التنمية والرفاه.


رفض إفريقي لـ"صفقة القرن"

أكدت قمة الاتحاد الإفريقي في أول جلساتها أمس، بالعاصمة الإثيوبية رفضها لمبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي الموسومة باسم "صفقة القرن" باعتبارها مبادرة شكلت خرقا آخر لقرارات ولوائح الأمم المتحدة الخاصة بهذا النزاع.وذهب الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا الذي تولت بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي إلى وصف "صفقة القرن" بعملية استنساخ بائسة لنظام الميز العنصري الذي عانت منه بلاده طيلة أربعة قرون. وقال في كلمة عقب استلامه رئاسة الاتحاد إن "المبادرة الأمريكية أعادت إلى مخيلتي التاريخ المرعب الذي عانينا منه في جنوب إفريقيا".

وفيما أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن القضية الفلسطينية ستبقى دائما في قلوب وأرواح الشعب المصري، أكد رئيس المفوضية الإفريقية التشادي موسى محمد فكي أن "صفقة القرن" خرق آخر للوائح التي صادقت عليها الأمم المتحدة على مدار السبعين عاما الأخيرة وكل لوائح الاتحاد الإفريقي ذات الصلة بهذا لنزاع.

وانتقد فكي المبادرة الأمريكية التي قال بشأنها إن صياغتها تمت خارج إطار المشاورات الدولية، في إشارة إلى انفراد صهر الرئيس الأمريكي غاريد كوشنير ذي الأصول اليهودية بوضعها على مقاس الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، دون مراعاة أدنى الحقوق الفلسطينية، بل عمدت إلى انتهاك أدنى ما تبقى من هذه الحقوق.

وجاء الموقف الإفريقي ليعزز موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي لم يحضر هذه المرة قمة الاتحاد الإفريقي لتواجده بالولايات المتحدة، حيث ينتظر أن يجدد رفض السلطة الفلسطينية للمبادرة الأمريكية أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي في جلسة مغلقة بداية من يوم غد الثلاثاء.

ق. د