تخدم الإجهاز على الحقوق والضمانات الدستورية.. بنقادي:
تسارع وتيرة سن تشريعات تكرّس منظومة الفساد في المغرب

- 212

يشهد المغرب في الآونة الأخيرة، تسارعا مريبا في وتيرة سن تشريعات تجهز على الحقوق والحريات وتقصي الهيئات المدنية والحقوقية المعنية من دورها في التبليغ عن جرائم الفساد، مقابل سحب قوانين أساسية لمكافحة لصوص المال العام، في مؤشر خطير على تكريس حماية منظومة الفساد ومنع أي رقابة فعالة.
ووصف عضو المكتب التنفيذي للفضاء المغربي لحقوق الإنسان، عبد الحق بنقادي، هذا المسار بأنه "انحراف تشريعي خطير وممنهج" يهدف إلى "حماية منظومة الفساد ونهب المال العام ومنع أي رقابة ولو كانت جزئية وبسيطة للمجتمع المدني".
وأشار إلى أن هذه السياسة التشريعية الجديدة "تخدم ثلاث غايات أساسية أولها الإجهاز على الحقوق والضمانات الدستورية، وثانيها شرعنة الإفلات من العقاب عبر تعطيل أدوات المحاسبة والرقابة، وثالثها ضرب القدرة الشرائية للمواطنين في ظل صمت رسمي عن التهرب الضريبي والريع والصفقات المشبوهة، في الوقت الذي يبرر فيه تبديد المال العام بمشاريع ذات صبغة استعراضية دون ضمان الشفافية أو المحاسبة".
وقال المحامي المغربي، إن "السياسة التشريعية الحالية تتسم بسرعة جنونية ومنحرفة في سن عشرات القوانين"، مسجلا في المقابل وجود "سياسة أخرى تعتمد سحب قوانين جوهرية خصوصا تلك التي تهدف إلى محاربة الفساد واختلاس المال العام، كما هو الحال لقانون الإثراء غير المشروع، في ظل صمت رسمي عن تداعيات ذلك على شفافية التدبير العمومي".
واعتبر أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي يقيّد حق المجتمع المدني في تقديم شكاوى تتعلق بحماية المال العام، "يخالف مواد من الدستور المغربي واتفاقيات دولية ذات صلة بمكافحة الفساد وتعزيز دور المجتمع المدني الرقابي"، مشددا على أن تجميد ما يسمى "الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد والتستر على خروقات فاضحة شابت صفقات عمومية ضخمة التي مرت دون محاسبة، زاد الوضع سوءا".
كما نبّه ذات المتحدث، إلى أن إحدى نتائج "هذا الانزلاق" التشريعي تتمثل في ضرب القدرة الشرائية للمواطنين من خلال رفع الضرائب والرسوم لتعويض العجز الناتج عن نهب المال العام.
وفي سياق توالي فضائح الفساد على مستوى دواليب السلطة، تتعالى المطالب بضرورة محاسبة لصوص المال العام والمتسترين عنهم، رغم الترسانة القضائية التي توفر لهما لحماية والإفلات من العقاب.
وفي هذا الإطار أعلن "الحزب المغربي الحر" عن تقديم شكويين ضد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، على خلفية تورطه في فضيحة مع زوجته في معاملة عقارية مزورّة، إلى جانب ورود اسمه في جلسات محاكمة لشخصيات نافذة في نظام المخزن متورطة في شبكة الاتجار الدولي بالمخدرات.
ودعت ذات التشكيلة السياسية إلى فتح تحقيق "عاجل" في هذه الواقعة واتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية إزاء أي مخالفة ضريبية.
بعد اعتمادها خريطة تفصل الصحراء الغربية عن المغرب
المخزن يستهدف شركة "غلوفو" الإسبانية
يواصل النظام المغربي حملاته العدائية ضد كل تمثيل يعكس الحقيقة الجغرافية والسياسية للصحراء الغربية، وهذه المرة مستهدفا شركة "غلوفو" الإسبانية، وهي منصة رقمية معروفة لتوصيل الوجبات بعدما اعتمدت خريطة تتطابق مع القانون الدولي، وأطلقت على الإقليم اسمه الحقيقي الصحراء الغربية.
وذكرت صحيفة "الانديبندنتي" الإسبانية أن الرباط كانت لها رد فعل هستيري بسبب "تحديث تقني" في تطبيق "غلوفو" قام بفصل الصحراء الغربية عن المغرب على الخريطة، مؤكدة أن هذا الغضب لم يكن بسبب مجرد تسمية على تطبيق، بل لأن النظام المغربي يدرك جيّدا أن القانون الدولي لا يزال يعتبر الصحراء الغربية إقليما غير متمتع بحكم ذاتي وهو يقع تحت الاحتلال منذ عام 1975.وشدّدت الصحيفة، على أن المخزن "يصاب بالهلع في كل مرة يظهر فيها اسم الصحراء الغربية، أو علمها أو حتى خريطة تعيد الأمور إلى نصابها القانوني والتاريخي"، موضحة أن هذا "الهلع" لا علاقة له بالتقنية، بل هو "تعبير عن خوف سياسي مزمن يسعى النظام من خلاله إلى فرض رواية مغلوطة لا يقرّها التاريخ ولا تعترف بها الشرعية الدولية".
وكان البرنامج الأوروبي للأرصاد الجوية "كوبرنيكوس" قد قام مؤخرا بتصحيح خريطته بفصل الصحراء الغربية عن المغرب التي كانت تظهر سابقا كإقليم واحد، وقالت مصلحة مراقبة الغلاف الجوي التابعة لـ«كوبرنيكوس" إن "خطا متقطعا أصبح يحدّد اقليم الصحراء الغربية".
وأوضحت ذات المصلحة، أنها كانت على دراية بهذا المشكل التقني الذي مسّ أيضا وكالة الأرصاد الجوية الوطنية الإسبانية، مؤكدة أنها "تعمل على حلّه". من جهتها محكمة العدل للاتحاد الأوروبي، أكدت في أكتوبر 2024، مرة أخرى على الوضع "المنفصل" و«المتميّز" الذي يتمتع به هذا الاقليم بالنّسبة للمغرب.
بدورها أكدت الكاتبة والصحفية الإسبانية فيكتوريا غارسيا كوريرا، أن الخريطة الوحيدة الشرعية للمغرب هي تلك التي تعترف بها الأمم المتحدة وليس تلك الخرائط التوسعية التي يرسمها المخزن لفرض أمر واقع يتعارض مع القانون الدولي، وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.وفي مقال لها نشرته على منصة "لا تنسوا الصحراء الغربية" انتقدت كوريرا، سياسة الرباط التوسعية التي ظهرت بوضوح سنة 1975، معتبرة أن ما يسمى بـ«الخريطة الموسعة" للمملكة ليس سوى "امتدادا لمشروع احتلالي يناقض مبادئ مناهضة الاستعمار التي يروّج لها المغرب في خطابه الرسمي".
وربطت الصحفية، في مقالها بين الصورة المفروضة على الرأي العام المغربي من خلال المناهج الدراسية والإعلام والدبلوماسية وبين الواقع الميداني الذي تثبته بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء الصحراء الغربية (المينورسو)، وهي الوحيدة المعترف بها بموجب القانون الدولي، إذ تفصل بوضوح بين المغرب والصحراء الغربية باعتبارهما كيانين مستقلين وتؤكد على الوضع القانوني للصحراء الغربية كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي في انتظار استفتاء لتقرير المصير.