بعد استقالة حكومة الحريري..

تساؤلات حول مستقبل لبنان ما بعد الحريري ؟

تساؤلات حول مستقبل لبنان ما بعد الحريري ؟
  • القراءات: 571
م. م م. م

يطرح كافة اللبنانيين، سلطة ومتظاهرين سؤالا جوهريا حول ما إذا كانت استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، هي بداية ـ نهاية حالة الاحتقان التي يعرفها الشارع اللبناني أم أنها ستكون بداية لأزمة قادمة أكثر تعقيدا في ظل التنافر الحاصل بين تركيبة المشهد السياسي اللبناني وصعوبة تشكيل حكومة جديدة.

وساد هدوء حذر أمس، العاصمة بيروت ومختلف مدن البلاد الأخرى بعد إقدام الجيش على إزالة كل المتاريس والحواجز التي أقامها المتظاهرون في الطرق السيارة والشوارع الرئيسية في مختلف المدن، لشل كل حركة في البلاد ضمن خطة للضغط على السلطات المركزية لتلبية مطالبهم في تحسين الظروف المعيشية ووضع حد لتفشي الرشوة وكل مظاهر الفساد.

وإذا كان المتظاهرون ابتهجوا لاستقالة الحريري، فإنهم في قرارة أنفسهم يشعرون أن ذلك يبقى نصف انتصار على اعتبار أن ذهابه ما هو سوى مهدئ تم اللجوء إليه لإطفاء غيض الشارع ومنع اشتعال فتيل العصيان الذي بدأ يلوح في الأفق اللبناني.

وهو الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول الخطوة القادمة التي سيتخذها المحتجون لتحقيق كل مطالبهم التي رفعوها من الاجتماعية والأخلاقية وصولا إلى السياسية.

ويبقى ذلك صلب المعضلة اللبنانية ويلقي بالكرة في معسكر الرئيس ميشال عون حول الشخصية التي سيختارها لتولي مقاليد الحكومة القادمة وتحظى بإجماع المتظاهرين إذا سلمنا أنها لن تخرج عن دائرة الوجوه التي اعتاد اللبنانيون على رؤيتها لعقود، والذي من شأنه ألّا يغير في المعطى اللبناني شيئا وخاصة في حال تمسك المحتجون بمطلبهم  برحيل كل وجوه الطبقة السياسية التي حكمت البلاد على مدى العقود الثلاثة الأخيرة.

وهو مطلب ذا أهمية في قائمة مطالب اللبنانيين الذين جعلوا من هذه المظاهرات نقطة تحول في تفكير شباب لبناني لم يعد يؤمن بالطائفية واقتسام السلطة وفق المعتقدات الدينية في تكريس لنظرة فرنسا الاستعمارية لبلد بسطت عليه وصايتها ضمن عقيدتها في اقتسام مناطق النفوذ وتركة الإمبراطورية العثمانية المتهالكة.

ولم يعد نظام الحكم المعتمد في لبنان يتماشى مع وضع لبناني داخلي متغير وواقع إقليمي عاصف في سياق حالة التوتر التي تعرفها سوريا والعراق وكذا تغيير الدول الخليجية لطريقة تعاملها مع بلد كان محل اهتمامها، تغدق عليه المساعدات والمشاريع الاستثمارية الضخمة جعل من لبنان توصف بـ»سويسرا الشرق".

ولم ينتظر المتظاهرون معرفة الشخصية التي سيقع عليها اختيار رئيس الحكومة اللبناني لخلافة الحريري وراحوا يؤكدون أن قرار رحيل هذا الأخير يعد مكسبا هاما توج أسبوعين من المظاهرات ولكنه يبقى غير كاف ما لم يتبع بقرارات أكثر جرأة على طريق مسار تغيير حقيقي للطبقة السياسية اللبنانية التي يتهمونها بالفشل في تحمل مسؤولياتها، بل وعملها على ضمان مصالحها على حساب مصالح الشعب اللبناني.     

وحسب متتبعين لتطورات الأزمة اللبنانية، فإن الرئيس ميشال عون رفض استقالة الحريري لإدراكه المسبق أن ذلك لن يغير في الوضع شيئا وبقناعة أن مطالب الحراك الشعبي لن تتوقف عند مجرد رحيل حكومة والمجيء بأخرى.