حمل في طياته عتابا لعدم تضمنه وقفا فوريا لإطلاق النار في غزّة

ترحيب دولي واسع بقرار محكمة العدل الدولية

ترحيب دولي واسع بقرار محكمة العدل الدولية
رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا
  • القراءات: 437
ص. م ص. م

راموفزا: انتصار حاسم لسيادة القانون الدولي ومنعطف مهم لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني

جاءت ردود الفعل الدولية على قرار محكمة لاهاي حول العدوان الصهيوني على قطاع غزّة، في معظمها مرحبة ومتفائلة حتى وإن حملت في طياتها بعض العتب لكون الحكم لم يتضمن دعوة صريحة لوقف فوري لأطلاق النار في غزّة، كما طالبت بذلك جنوب إفريقيا في دعوتها القضائية ضد الكيان الصهيوني. 

أشادت جنوب إفريقيا صاحبة الدعوى بالحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية، وأكدت أنه انتصار حاسم للقانون الدولي، حيث قال رئيسها سيريل رامافوزا، في خطاب متلفز إن قرارات العدل الدولية انتصار للعدالة، مشيرا ألى أن "إسرائيل تقف اليوم أمام المجتمع الدولي وتكشف جرائمها ضد الفلسطينيين في وضح النهار". ووصفت وزارة خارجيتها القرار بأنه "يمثل انتصارا حاسما لسيادة القانون الدولي ومنعطفا مهما في السعي لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني".

وشددت رئيسة الدبلوماسية، ناليدي بندور، على ضرورة قراءة قرار المحكمة بشكل دقيق، فهي أوامر مباشرة وإجراءات احترازية أو مؤقتة لمنع الإبادة، وقالت "كنّا نأمل أن تصدر المحكمة قرارا بوقف إطلاق النار في غزّة، من أجل تنفيذ الأوامر المؤقتة التي أصدرتها، لكن فعلنا ما يلزم لحماية أرواح المواطنين في قطاع غزّة"، مشيرة إلى أنه لا يمكن تنفيذ أوامر المحكمة دون وقف إطلاق النار.

ونفس موقف الترحيب عبّر عنه الجانب الفلسطيني، حيث أكد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، أنه يؤكد أن لا دولة فوق القانون بما في ذلك الاحتلال الصهيوني القوة القائمة بالاحتلال، باعتباره قرارا قانونيا ملزما.

وأضاف المالكي، في البيان أنه "يترتب على الدول الآن التزامات قانونية واضحة لوقف حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الصهيوني على الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة، والتأكد من أنها ليست متواطئة"، مشددا على أن أمر محكمة العدل الدولية هو بمثابة تذكير مهم بأنه لا توجد دولة فوق القانون، وينبغي أن يكون بمثابة دعوة للاستيقاظ للكيان المحتل والجهات الفاعلة التي مكنته من الإفلات من العقاب.

ونفس موقف الترحيب عبّر عنه رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، الذي أكد أن صدور هذا القرار يعني انتهاء الزمن الذي يفلت فيه الكيان الصهيوني من العقاب، بما يفرض على الدول المساعدة للكيان الصهيوني التوقف عن دعمه ومساعدته، معتبرا أنه ينطوي على درجة عالية من الأهمية لأنه يضع الكيان الصهيوني في قفص الاتهام كمجرم حرب.

أما حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، فقد قالت إن هذا القرار التاريخي هو تذكير للعالم بأنه لا أحد فوق القانون الدولي، وأنه يضع حدا لإفلات الكيان المحتل من العقاب والمحاسبة على جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض حتى هذه الآونة إلى عدوان الاحتلال الدموي، وأنه سابقة قضائية تاريخية يدحض الرواية الصهيونية ويبدد مزاعمها.

من جانبه اعتبر الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، الحكم بأنه بداية لمحاسبة اسرائيل والداعمين لها على جرائم الحرب وجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها في قطاع غزّة وعموم فلسطين. وأكد على ضرورة أن يفتح مثل هذا الحكم الطريق لإجبار اسرائيل على وقف عدوانها ووقف شامل ودائم لإطلاق النار، وإدخال كامل المساعدات الإنسانية فورا إلى القطاع.

ولم يكن غريبا على إسبانيا التي أبدت تضامنها الرسمي مع سكان غزّة، ودعت علنا لوقف العدوان الصهيوني على القطاع، أن تسارع للترحيب بقرار محكمة لاهاي. ودعت على لسان رئيس حكومتها، بيدرو سانشيز، كل الأطراف المعنية وعلى رأسها اسرائيل لتطبيق التدابير المؤقتة التي أمرت بها المحكمة لمنع الإبادة الجماعية في غزّة.

كما رحبت عدة دول مثل إيران وتركيا بقرار لاهاي ودعت الكيان الصهيوني للامتثال لمقتضياته وعدم التنصل من التزاماته الدولية كما اعتاد على ذلك بدعم مفضوح أمريكي وغربي. وحتى الاتحاد الأوروبي، الذي أشار إلى أن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة لجميع الأطراف، رحب بالحكم وقال إنه يتوقع من اسرائيل تنفيذا كاملا وفوريا وفعّالا لقرارات المحكمة. بينما اكتفت الولايات المتحدة بالإشارة إلى أنه يتوجب على اسرائيل اتخاذ التدابير اللازمة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين وزيادة تدفق المساعدات.

مثول دولة الاحتلال أمام أعلى هيئة قضائية دولية انتصار كبير للشعب الفلسطيني

أكد مدير المرصد الفلسطيني لحقوق الإنسان، المحامي عبد اللطيف خضر، أن "جلب دولة الاحتلال للمثول أمام أعلى هيئة قضائية دولية هو انتصار كبير للشعب الفلسطيني وإهانة غير مسبوقة للاحتلال وداعميه"، موضحا بأن المحكمة "نزعت الغطاء القانوني عن جميع أعمال القتل التي شنها الاحتلال منذ السابع أكتوبر".

كما أكد الخبير في القانون الدولي، بأن عدم إشارة المحكمة بأن العمليات العسكرية الاسرائيلية هي "دفاع عن النفس" كما يروج لذلك الكيان الصهيوني وداعميه يعد في غاية الأهمية، إضافة إلى الحيثيات التي تطرقت إليها المحكمة حول الأوضاع الإنسانية غير المسبوقة التي يعاني منها سكان القطاع، وعدم سماح سلطات الاحتلال بإدخال الماء والغذاء والدواء وقطع الكهرباء.

ورغم أنه أشار إلى أنه لو تضمن القرار بندا واضحا وصريحا بوقف فوري لإطلاق النار لكان أقوى وأكثر تأكيدا على استقلالية المحكمة، فإنه شدد على الجوانب الايجابية خاصة وأن محكمة لاهاي، رفضت طلب اسرائيل رد دعوة جنوب إفريقيا بخصوص تهمة الإبادة الجماعية. كما أن التدابير الذي تضمنها ستكون سندا لطلبات قانونية أخرى أمام مجلس الأمن الدولي، والجمعية العام الأممية ومشجعا للجنائية الدولية في المضي لملاحقة المجرمين الصهاينة.

من جانبه أكد رئيس المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، أن قرار العدل الدولية يعطي بارقة أمل للشعب الفلسطيني في ظل الوضع الإنساني المأساوي والمعاناة الراهنة في قطاع غزّة. وقال إنه جاء لصالح الشعب الفلسطيني ويتمثل في وقف العدوان الصهيوني نصرة لمنظومة العدل الدولية حول العالم أجمع.