في أول خطاب له أمام الكونغرس

ترامب يهذّب ألفاظه في التعاطي مع العالم

ترامب يهذّب ألفاظه في التعاطي مع العالم
  • القراءات: 1468
م/ مرشدي م/ مرشدي

لم يخلّف أول خطاب يلقيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمام نواب غرفتي الكونغرس ذلك التشنج الذي تركه خطاب تنصيبه الذي ألقاه بمناسبة استلامه مهامه بصفة رسمية في العشرين من شهر جانفي الماضي، مفضلا هذه المرة استعمال عبارات فيها الكثير من اللباقة الدبلوماسية والليونة اللفظية.

وعرّج ترامب في هذا الخطاب التقليدي حول السياسة العامة على كل المسائل التي أثارها ودافع عنها في حملته الانتخابية من شعار أمريكا أولا ووصولا إلى قانون الهجرة مرورا بمواقفه المثيرة للجدل حول محاربة الإرهاب وعلاقة بلاده بحلفائه التقليديين في حلف (الناتو) والاتحاد الأوروبي وحتى مع روسيا.

وبدا الرئيس ترامب أكثر ارتياحا وهو يلقي خطابه الذي استغرق ساعة كاملة، محاولا في كل مرة وضع الحروف على نقاط القضايا التي جلبت له سيلا من الانتقادات وذهب بعضهم إلى حد نعته بالرئيس العنصري والخطر على أمريكا والعالم.

وقال مدافعا عن نفسه إنه لم يكن أبدا ضد المهاجرين ولكنه أراد أن يضبط هذه القضية بقانون يفتح أبواب أمريكا أمام الهجرة النوعية في إشارة واضحة إلى استقطاب الأدمغة القادمة من الدول الفقيرة بدلا عن أولئك الذين يتوافدون على «الفردوس الأمريكي» بحثا عن لقمة العيش لهم ولأفراد عائلاتهم.

وحتى وإن تمسك برفض بقاء المهاجرين المجرمين فوق التراب الأمريكي إلا أنه لمح إلى إمكانية تسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين الذين لم يقترفوا أية جرائم. 

ولم يفوت مناسبة هذا الخطاب ليجدد مقاربته الخاصة بالدفاع عن مصالح «أمريكا أولا» من خلال انتهاج سياسة حمائية للدفاع عن الاقتصاد الأمريكي وترقيته ليكون قادرا على منافسة الاقتصاد الأوروبي والصيني.

وهو خيار تشبث به رغم الانتقادات اللاذعة التي طالته من بكين وبرلين وباريس ومختلف القوى الصناعية الأخرى التي رأت في العقيدة «الترامبية» على الأقل في شقها الاقتصادي بأنها تسير إلى نقيض توجهات الاقتصاد العالمي في ظل الانفتاح والعولمة الشاملة.

وقال إنه يريد الدفاع عن مصالح بلاده قبل مصالح المجموعة الدولية وحاثا حلفاء بلاده إلى إدخال أيديهم في جيوبهم للدفاع عن أنفسهم في إشارة واضحة إلى أعضاء الحلف الأطلسي الذين انتقدهم، وقال إن بلاده لن تقبل من الآن فصاعدا الدفاع عنهم ويتعين عليهم المشاركة في ميزانية أحد أكبر الأحلاف العسكرية في العالم.

وتشبث الرئيس الأمريكي الجديد بالدفاع عن موقفه وقال إن الولايات المتحدة تنتظر من حلفائها سواء في (الناتو) أو في الشرق الأوسط أو في آسيا ـ المحيط الهادي أن يساهموا في تمويل العمليات العسكرية الإستراتيجية وعدم انتظار ذلك من بلاده فقط. 

وقال إنه لا يعقل أن تنفق الولايات المتحدة ستة آلاف مليار دولار في الشرق الأوسط في وقت تشهد مشاريع التنمية في الولايات المتحدة تآكلا متواصلا، وقال إن المبلغ كان يمكن استغلاله لبناء أمريكا مرتين أو ثلاث مرات.

ولكنه عاد ليؤكد أنه سيواصل تقديم دعمه لهذا الحلف حتى يتمكن من مواصلة مهامه تماما كما فعل في دحر الفاشية والنازية خلال الحرب العالمية الثانية والشيوعية خلال الحرب الباردة. 

وترك الرئيس ترامب، الغموض قائما بخصوص علاقات بلاده المستقبلية مع المجموعة الدولية عندما قال إنه سيعمل على المحافظة على الزعامة الأمريكية في العالم دفاعا عن مصالحها ذات الصلة بقضايا الأمن التي نتقاسمها مع الدول الفاعلة في العالم، فاتحا بذلك الباب واسعا أمام إمكانية إقامة تحالفات جديدة مع قوى قال إنها تقاسمنا نفس المصالح في إشارة واضحة إلى روسيا، حتى وإن لم يذكرها بالاسم ورئيسها فلاديمير بوتين، علنا أمام نواب غرفتي الكونغرس. وهي لغة المهادنة نفسها التي استعملها تجاه الدول الإسلامية بعد أن أشار إلى تعهده بمحاربة الإرهاب الإسلاموي المتطرف للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» الذي وصفه بالتنظيم القذر.