اعتمد خطة التهجم، العقوبات وتليين الموقف مع خصومه

ترامب جدد التأكيد أن المفاوضات مع إيران ستكون "قريبا جدا"

ترامب جدد التأكيد أن المفاوضات مع إيران ستكون "قريبا جدا"
  • القراءات: 737
م م م م

عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مرة أخرى أمس، ليؤكد بلغة المتيقن من تصريحاته أن مفاوضات يمكن أن تتم في "وقت قريب جدا" مع القيادة الإيرانية دون أن يقدم توضيحات حول دواعي ثقته المفرطة في علاقات ميزها العداء والتشنج الدائم.

وما يثير التساؤلات حول مدى صدقية هذه التصريحات أن الرئيس الأمريكي، أشار إلى العلاقات مع إيران في خطاب ألقاه بولاية فلوريدا وقال أتمنى أن هذه المفاوضات ستأتي بالخير على الإيرانيين بالنظر إلى المشاكل الصعبة التي يواجهونها في مثل هذه الظروف.

ويجهل ما إذا كان الرئيس الأمريكي يتكلم على خلفية وجود اتصالات غير رسمية أو عبر طرف ثالث، أم أنها مجرد تخمينات أراد الرئيس الأمريكي من خلالها جس نبض السلطات الإيرانية ومدى تجاوبها مع مقترح المفاوضات التي قال إنها ستكون في حال التئامها "دون شروط مسبقة".

ولكن استعماله ملاحظة " في وقت قريب جدا" رجح احتمال وجود هذه الاتصالات وتكون السلطات الإيرانية، فضلت التكتم عنها إلى غاية معرفة النوايا الحقيقية للرئيس الأمريكي من وراء انسحابه من الاتفاق النووي ونظرته لمستقبل العلاقات التي يريد إقامتها مع إيران، وأيضا مضمون الاتفاق النووي الذي يريد التوصل إليه لمنعها ـ كما قال ـ من امتلاك القنبلة النووية.

ورغم هذه الفرضية إلا أن طهران سارعت أمس لتؤكد على لسان نائب رئيس البرلمان، علي مطهر، أن التفاوض مع الادارة الأمريكية " سيكون بمثابة إهانة " لبلاده في نفس الوقت الذي أكد فيه وزير الداخلية، عبد الرضا رحماني فاضلي أن أمريكا لا يؤتمن جانبها" بعد قرارها المتعجرف والأحادي الجانب من الاتفاق النووي، متسائلا : فهل بعدها يمكن أن نثق فيها؟ في تلميح واضح إلى أن السلطات الإيرانية متى وجدت نية جدية لدى الادارة الأمريكية فإنها لن ترفض التفاوض معها ولا يهم حينها التوصل إلى اتفاق أم لا.

وإذا تناولنا الأمر من وجهة نظر براغماتية فإن السلطات الإيرانية لا يمكنها تفويت فرصة المفاوضات المقترحة إذا أخذنا بالتطورات التي عرفها الموقف الدولي بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، والذي أصبح في مرحلة الشلل غير المعلن بعد أن عجزت الدول الأخرى الموقّعة عليه عن إيجاد كيفية للقفز على القرار الأمريكي، ولم تتحرك لفعل أي شيء لمواجهة جملة العقوبات التي قرر الرئيس الأمريكي فرضها على إيران وعلى عدد من الشخصيات الإيرانية، ضمن حزمة أولى تدخل حيز التطبيق بداية من يوم الإثنين القادم، وأخرى شهر نوفمبر ضمن خطة مرحلية لخنق الاقتصاد الإيراني.

بل إن دولا مثل ألمانيا وفرنسا وحتى بريطانيا ورغم ثقلها الاقتصادي راحت تلتمس من الرئيس ترامب استثناء شركاتها العاملة في إيران من سيل العقوبات الاقتصادية التي هدد بفرضها عليها في حال رفضت الانسحاب من هذا البلد وليس ذلك فقط فإن الكثير من هذه الشركات فضّلت عدم المغامرة وقررت انسحابها من مشاريع ضخمة فازت بها في إيران لتفادي الوقوع تحت طائلة الغضب الأمريكي.

وهي كلها معطيات تحتم على السلطات الإيرانية أخذها في الحسبان، وقد وجدت نفسها وحيدة في مواجهة الموقف الأمريكي مما يزيد من احتمالات دخولها في مفاوضات مع الإدارة الأمريكية رغم الحرب الكلامية والتهديدات التي اندلعت بين مسؤولي البلدين، والتي عادة ما تدخل في سياق الضغط المعنوي الذي يلجأ إليه عادة كل الفرقاء للتأثير على بعضهم البعض قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

وربما تكون خيبة الأمل الإيرانية هي التي جعلت رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الإيراني حشمة الله فلاح بيشح، يؤكد في موقف مغاير لكل تصريحات المسؤولين الإيرانيين الآخرين، أن المفاوضات مع الولايات المتحدة لا يجب أن تكون من المحرمات لمجرد وجود عدم ثقة تاريخية بين البلدين ولكن الهدف يجب أن يبقى تخفيف الضغوط الخارجية على إيران".

ويدرك المسؤول الإيراني أن هذه الضغوط ستكون أكبر عندما يبدأ سريان حزمة العقوبات التي يعتزم الرئيس الأمريكي فرضها على بلاده  كونها ستزيد من متاعب اقتصاد عاني الكثير في ظل الحصار الاقتصادي وملة وطنية ما انفكت قيمتها تتهاوى من يوم لآخر في ظل غضب شعبي متزايد من نسبة تضخم تصاعدية وغلاء معيشة لم يعد يحتمل.