مشاريع وإنجازات لدعم الموروث التاريخي والحضاري بالأوراس

تراث في مواجهة عراقيل إحياء السياحة

تراث في مواجهة عراقيل إحياء السياحة
  • القراءات: 1524
ع. بزاعي ع. بزاعي
تولي السلطات الولائية بباتنة اهتماما خاصا لقطاعات الثقافة، السياحة والصناعات التقليدية، تجسيدا لبرامج الدولة التي خصصت مبالغ مالية وصفت بالمهمة، لإنعاش القطاعات الثلاثة التي تشترك كلها في دعم الموروث التاريخي والحضاري للمنطقة التي تزخر بمعالم تاريخية وسياحية لو استغلت أحسن استغلال لتحولت الأوراس إلى قبلة مهمة للسياح.
يتوفر قطاع الثقافة بالولاية على مشاريع تنموية كفيلة بالاهتمام، وفي هذا الصدد تم تخصيص 1.369 مليار دج للقطاع لإنجاز 20 عملية، من بينها ترميم ضريح مدغاسن النوميدي الذي انتهت به الأشغال ذات الطابع الاستعجالي، إلى جانب مشروع إنجاز متحف متعدد الخدمات بالقطب الثقافي الرياضي بحي النصر بغلاف مالي قدره 142 مليون دينار جزائري، فضلا عن إنجاز وتجهيز 06 مكتبات بلدية بمبلغ 220 مليون دج، 03 مكتبات ريفية بمبلغ 90 مليون دج، ملحقة المكتبة الوطنية بمبلغ 120 مليون، توسيع مدرسة الفنون الجميلة بمبلغ 08 ملايين دج -دخلت حيز الخدمة قبل 3 سنوات- ومشروع إنجاز المتحف الأثري بتيمقاد بمبلغ 30 مليون دج.
واستفاد القطاع سنة 2009 من مبلغ إجمالي وصل إلى 191 مليون دج لإعادة تقييم العمليات الجاري إنجازها، علما أن القطاع سيشرع في إتمام عملية جرد الممتلكات الثقافية والعقارية وإنجاز بنك المعلومات الثقافية غير المادية.
كما يتوفر القطاع الثقافي بالولاية على 500 موقع أثري وطبيعي مصنف وغير مصنف، منها 18 موقعا مصنفا و20 موقعا آخر غير مصنف، ووصل عدد الجمعيات الثقافية إلى أزيد من 262 جمعية. كما تزخر الولاية بمعالم أثرية وتاريخية وحمامات معدنية، إضافة لما تعزز به القطاع الثقافي في إطار البرنامج الخماسي المنقضي الذي تضمن إنجاز مسرح الهواء الطلق، الذي أنجز ويستقطب فعاليات مهرجان تيمقاد الدولي منذ الطبعة الـ32، إضافة لدراسات شملت ترميم عدة مواقع أثرية بتيمقاد، تازولت إمدغاسن، طبنة، بوزينة ثاقوست، إمنطان وتيغانيمين. فضلا عن فنادق جديدة للخواص.
كما تم ترميم المسرح الجهوي الذي أصبح تحفة فنية، ونفس الشيء بالنسبة لدار الثقافة، وتم أيضا تخصيص دراسة لانجاز مكتبة جهوية بالمركب الثقافي الرياضي ستسلم بداية الموسم الدراسي الجديد، إضافة لعملية توسيع المدرسة الجهوية للموسيقى، فضلا عن إنجاز دراسة لإعادة الاعتبار لقصور مدوكال لتبقى شرفات غوفي قلب السياحة بالأوراس الكبير وهبة السماء للأرض وكنز من الكنوز التي تزخر بها المنطقة.
كما شهد مركز التعذيب "لوكا" عمليات ترميم بقيمة 08 ملايير سنتيم، فضلا عن عمليات لإعادة الاعتبار لعدد من مساجد الولاية وإنجاز مدارس قرآنية ضمن 07 عمليات بغلاف مالي يقدر بـ130 مليون دينار.
ويعد ضريح مدغاسن النوميدي من بين المواقع السياحية التي حفظت للتراث هيبته وجمعت بين الأصالة والعمران، ويتواجد الضريح ببلدية بومية دائرة المعذر ولاية باتنة ويقع في أعلى هضبة، مما جعـله يتراءى من بعـد، كما يتوسط مقبرة، غير أن هذه الأخيرة تكاد ملامحها تندثر.
ويعتقد المختصون أن شق الطريق بالقرب من الضريح كـان مـن الأسباب الرئيسية لهذا الاندثار كما أن عدم الاهتمام والعناية بهذا المعلم الحضاري والتاريخي ساعد على ذلك. وهو تحفة أثرية تنتمي إلى صنف "البزائن"، شكله مستدير وقطر دائرته يمتد على 59 مترا والارتفاع الإجمالي للمبنى يبلغ 19 مترا.
كما استخدمت في عمارة البناء، عناصر معمارية ممزوجة بالطابع الشرقي الإغريقي وفقا للعلاقات التي كانت تربط شمال إفريقيا بالعالم الخارجي. وحددت نتائج البحوث تاريخ بناء ضريح امدغاسن بواسطة طريقة الكربون "كامبس جي" فيما بين أواخر القرن الرابع وبداية القرن الثالث قبل الميلاد.
وتوجد شرفات غوفي التي تعكس تقاليد السكان المحليين الذين كانوا يسكنون المساكن الحجرية القديمة التي بنيت في أخدود، بين مرتفعين صخريين يتخللهما الوادي الأبي، وفي أسفل الوادي تنتشر أشجار النخيل والزيتون وتوجد حول محيط الشرفات جبال شامخات ومضائق صخرية في غاية الجمال الأخاذ.
وبخصوص قطاع السياحة، فإن الجهود مكثفة لتطويره وعصرنته، وذلك من خلال تخصيص غلاف مالي يقدر بـ40 مليون دج لإنشاء وإعادة تأهيل 4 مسالك سياحية عبر الولاية، وذلك على مستوى وادي الشعبة، سعيدة بنقاوس، شابورة بكيمل والمحمل بثنية العابد.
ويشير الواقع السياحي الحالي استنادا إلى تقارير المجالس المنتخبة، إلى أن قدرات الاستيعاب الحالية التي تصل الى 776 سريرا، لا تلبي الطلب السياحي المتزايد على المنطقة، وقد نوقشت عدة قضايا لها علاقة بالاستثمار السياحي وآفاق تطويرها وعصرنتها في العديد من المناسبات خلال زيارات سابقة لسفراء بعض الدول الأوروبية بالجزائر.
وتم طرح العراقيل التي تعيق بعث السياحة في منطقة الأوراس، بدءا بتوفير العامل الإنساني المتكوّن إلى تخصيص المرافق وعصرنتها وفق متطلبات العولمة والتطور الحاصل في الميدان، إضافة إلى ضرورة حماية الآثار مما يتطلب إعادة الاعتبار للمتاحف وتفعيل دورها للمحافظة على هذه الكنوز والعمل على إبراز سياسة واضحة المعالم وذلك لدعم القطاع إعلاميا وماديا من خلال استغلال وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة للتحسيس بأهمية المحافظة على التراث المادي الذي تزخر به المنطقة.
وما يجدر ذكره، أن المنطقة التي ترقد على كنوز سياحية مدعمة بمكتسبات تحققت وأخرى جار إنجازها، استفاد منها القطاع في إطار البرامج التنموية المختلفة خلال الفترة 2005 / 2007 بغلاف مالي قدره 234 مليون دينار لإنجاز 9 عمليات، 4 منها انتهت بها الأشغال، إضافة إلى 6 مناطق توسع سياحي بتيمقاد، تازولت، المحمل، ثنية العابد، أريس، انقاوس وغوفي، هي في حاجة إلى مواكبة متطلبات السياحة العصرية وترسيخ الثقافة السياحية وتعزيز القطاعات بالفنادق العصرية.
وفيما يتعلق بنشاط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تشير التقارير إلى أهمية الجهود المبذولة التي تعكس التصورات المستقبلية للقطاع، الذي يساهم في الحد من ظاهرة البطالة بتوفير مناصب شغل للشباب. في هذا الصدد، أشارت تقارير المجلس الولائي قبل هذه السنة إلى وجود 48393 مؤسسة، منها 5458 مؤسسة حرفية مصرح بها لدى صندوق الضمان الاجتماعي لغير الأجراء، إضافة لـ4618 مؤسسة مصرح بها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتي توظف 38576 عامل موزعين على 22 قطاعا.
وقد سجلت الوكالة الوطنية لتسيير القروض المصغرة قبل هذه السنة، مدى التطور الحاصل في إنشاء المؤسسات الصغيرة والاستفادة من القروض، حيث بلغت 2226 قرضا لاستحداث 2263 منصب شغل واستحداث 280 مؤسسة في إطار الصندوق الوطني للتأمين على البطالة، دخلت 137 مؤسسة منها النشاط الفعلي..
للإشارة، فإن عدد المؤسسات المنشأة في إطار الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب بلغ 1449 مؤسسة سمحت قبل هذه السنة باستحداث 5207 مناصب عمل، فيما بلغ عدد المسجلين في سجل الصناعات التقليدية فنية وحرفية، 3949 حرفيا، وهو المجال الذي يعتمد عليه في إعادة بعث الأنشطة الحرفية التقليدية الآيلة الى الزوال، حيث تسعى الجهات المعنية إلى تذليل العقبات التي تواجه الحرفيين، وأهمها عدم اعتراف مصالح الضرائب بشهادة التأهيل المسلمة من غرفة الصناعة التقليدية والحرف وصعوبة تسويق المنتوج.