بوتيرة أقل ضجيجا ومنهجية جديدة

تحذير من إصرار الاحتلال على تنفيذ جريمة الإبادة في غزّة

تحذير من إصرار الاحتلال على تنفيذ جريمة الإبادة في غزّة
  • 248
ص. م ص. م

حذّر "المرصد الأورو ـ متوسطي لحقوق الإنسان" من أن الكيان الصهيوني يواصل تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزّة، ولكن بوتيرة أقل ضجيجا ومنهجية جديدة تقوم على خرق وقف إطلاق النار بشكل يومي عبر قصف محدود، يتطور كل بضعة أيام إلى حملات قصف واسعة تستهدف المدنيين في مراكز النزوح والمنازل والخيام.

أوضح المرصد الأوروـ متوسطي في بيان له مساء أول أمس، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ينفذ منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر الماضي، سياسة التصعيد المتدرج، فيتحول من قصف متقطع إلى موجات إبادة واسعة. وأشار إلى أنه قتل 219 فلسطيني من ضمنهم 85 طفلا منذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار، بمعدل قتل ما يزيد عن 10 فلسطينيين يوميا وإصابة نحو 600 آخرين بواقع إصابة 28.5 يوميا. وهي معدلات مرتفعة وتدل على أن هذا المحتل الجائر لم يتوقف عن منهج القتل الذي بدأته قبل أكثر من عامين.

وبين المرصد أنه إلى جانب إطلاق النار والقصف اليومي، نفذ جيش الاحتلال موجتي عدوان كبيرتين أولاهما يوم 19 أكتوبر الماضي، أسفرت عن مقتل 47 فلسطينيا من بينهم 20 طفلا و6 نساء، وثانيهما يومي 28 و29 من نفس الشهر، حيث قُتل خلالهما 110 فلسطينيين من بينهم 46 طفلً و20 امرأة.

وأشار إلى أن القصف المدفعي وإطلاق النار ونسف المباني تكرر في اليومين الماضيين وحتى صباح الجمعة في الأحياء الشرقية لخانيونس جنوب القطاع وفي مدينة غزة. وهو ما يشير إلى أن "إسرائيل" تسعى لتكريس أمر واقع جديد تبيح فيه لنفسها باستمرار أعمالها الحربية في المنطقة التي تسيطر عليها في قطاع غزة، والتي تمثل نحو 50 بالمئة من مساحة القطاع وإخراجها من معادلة وقف إطلاق النار، رغم أن كل ذلك يجري دون أعمال قتالية أي تنفيذ عمليات بهدف التدمير وإعدام سبل الحياة مستقبلا. ووثّق الفريق الميداني للمرصد الأوروـ متوسطي تحركات لآليات جيش الاحتلال في مخيم جباليا شمال القطاع، حيث قامت بوضع كتل إسمنتية صفراء في مناطق محددة كإشارات لتحذير السكان من الاقتراب منها. وأدى ذلك إلى موجة نزوح. جديدةٍ شملت مئات السكان والنازحين الذين كانوا عادوا إلى المخيم وشرعوا بمحاولاتٍ لترتيب شؤون حياتهم وسط واقع مدمر بالكامل تقريبا.

كما نبه إلى أن فريقه الميداني وثق في موجة العدوان الواسعة الأخيرة يومي 28 و29 أكتوبر، عشرات الغارات التي افتقرت في مجملها لمبدأ الضرورة والتمييز، بما يؤكد أنها جاءت في إطار الانتقام والعقاب الجماعي والاستمرار في جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين. وأشار المرصد الأوروـ متوسطي إلى أن هذه الجرائم لا تُعد حوادث منفصلة، بل تمثل نمطا متعمدا يعكس توجها واضحا لدى المستويين السياسي والعسكري الإسرائيلي نحو تقويض وقف إطلاق النار من خلال انتهاج سياسة "القتل المتقطع"، بما يبقي العدوان العسكري في حالة استمرارية دائمة ويتيح مواصلة جريمة الإبادة الجماعية تحت غطاء من الصمت الدولي والتواطؤ السياسي.

وهو ما جعله يحذّر من أن ما يجري حاليا يبدو كمخطط لإعادة رسم الخريطة الجغرافية لقطاع غزة عبر فرض تقسيم فعلي بين شرقه وغربه واقتطاع أجزاء واسعه من جنوبه "رفح" وشماله "بيت حانون وبيت لاهيا وأجزاء من مخيم جباليا" وإقامة مناطق حمراء وصفراء تمنح فيها إسرائيل نفسها بدعم أمريكي صلاحيات مطلقة في الاستهداف والتدمير. كما حذّر من أن هذا التقسيم يؤدي عمليا إلى تفكيك وحدة النطاق الجغرافي وتحويل القطاع إلى مساحة غير قابلة للحياة، ودفع السكان نحو الهجرة القسرية باعتبارها الخيار الوحيد للبقاء.

وبين أن استهداف الخيام والمدارس التي تؤوي نازحين وقتل الأطفال والنساء والصحفيين، يمثل انتهاكا صارخا لأحكام اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 ويؤكد نية مبيتة لإيقاع أكبر عدد من الضحايا وبث الرعب في نفوس المدنيين. وقال إن "استمرار المجتمع الدولي في الصمت وعجزه عن تفعيل أدوات المساءلة يعني عمليا منحه "إسرائيل" ضوء أخضر لمواصلة القتل الجماعي. ويكرس مرحلة جديدة من الإبادة الجماعية البطيئة التي تهدف إلى إنهاء الوجود الفلسطيني في القطاع".

وطالب المرصد الأوروـ متوسطي المجتمع الدولي باتخاذ خطوات عملية لفرض حماية فورية للمدنيين ووقف جميع أشكال القصف والحصار وضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع وإطلاق آلية دولية للمساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية المرتكبة في غزة.


  يواجه انتهاكات خطيرة من الكيان الصهيوني

تحذير فلسطيني من هشاشة وقف إطلاق النار في غزة

حذّر المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، من أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة لا يزال هشّا للغاية ويواجه انتهاكات خطيرة ومتكررة من قبل الكيان الصهيوني القوة القائمة بالاحتلال. وجاء ذلك في ثلاث رسائل متطابقة بعثها الوزير الفلسطيني إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر "الاتحاد الروسي" ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في غزة منذ 10 أكتوبر 2025. 

وأشار، منصور، إلى ارتكاب قوات الاحتلال الصهيوني مئات الانتهاكات خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بما أسفر عن استشهاد 211 فلسطيني في غزة من بينهم نساء وأطفال وتدمير واسع للبنية التحتية، لافتا أن عدد الضحايا ارتفع إلى أكثر من 68 ألف شهيد فلسطيني خلال حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها قوات الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني. وأضاف أن آلاف الفلسطينيين لا زالوا في عداد المفقودين، حيث لا تزال جثامينهم تحت الأنقاض نتيجة الدمار الهائل الذي حلّ بالقطاع.

وأشار إلى إصابة أكثر من 170 ألف فلسطيني جراء الهجمات الصهيونية منذ الاتفاق على وقف إطلاق النار، مبينا أن عديد الجرحى يعانون دون الحصول على الرعاية الطبية العاجلة بسبب استمرار انهيار النظام الصحي في غزة واستمرار القيود الصهيونية على دخول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الإمدادات والمعدات الطبية.

وناشد منصور المجتمع الدولي، وخاصة الدول الوسيطة، المطالبة بالوقف الفوري والكامل لانتهاكات اتفاق وقف إطلاق النار وضمان استدامته واحترامه وتنفيذه بهدف تخفيف معاناة السكان وتسهيل عملية التعافي وإعادة الإعمار وتسريع الانسحاب الصهيوني الكامل من غزة. كما شدّد على ضرورة أن يصبح وقف إطلاق النار دائما وشاملا ليشمل بقية الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، حيث تواصل فيها قوات الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم الوحشية على الشعب الفلسطيني مما أدى إلى استشهاد طفلين بالضفة الغربية المحتلة.

وأشار إلى مواصلة الاحتلال توسيع المستوطنات غير القانونية بشكل منهجي في تحد صارخ للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وللرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في جويلية 2024، الذي طالب بإنهاء هذا الاحتلال غير القانوني. وبيّن أن إجمالي ما تمّ الإعلان عنه هذا العام من مشاريع استعمارية غير شرعية يقارب 30 ألف وحدة، حيث سيتم نقل مئات الآلاف من المستوطنين إليها بشكل غير قانوني بهدف ترسيخ الاحتلال الصهيوني وتدمير حل الدولتين.

وحث الدبلوماسي الفلسطيني المجتمع الدولي على التحرك العاجل لتنفيذ القرارات ذات الصلة، بما في ذلك إعلان نيويورك، داعيا إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف تدهور حياة الفلسطينيين على يد الاحتلال الصهيوني ومساعدة الفلسطينيين في غزة على التعافي وبدء إعادة الإعمار وضمان وضع حد نهائي لهذه الإبادة الجماعية والبدء بمسار حقيقي نحو العدالة والحرية والسلام للشعب الفلسطيني وإيجاد حلّ عادل ودائم لهذا الصراع الطويل والمأساوي. 


عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية

ما يتعرض له الشعب الفلسطيني حرب إبادة ممنهجة

أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم، علي أبو زهري، أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة، يمثل "حرب إبادة جماعية ممنهجة تهدف إلى محو الإنسانية والهوية الوطنية والثقافة الفلسطينية"، حسبما أوردته أمس وكالة الأنباء الفلسطينية.

وقال أبو زهري - خلال كلمته أمام المؤتمر العام الثالث والأربعين لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، الذي انطلقت أشغاله أول أمس في مدينة سمرقند بأوزبكستان - إنّ العدوان الصهيوني المستمر منذ أكثر من عامين أدى إلى تدمير 90% من المدارس، واستشهاد أكثر من 18 ألف طالب، و786 من أعضاء الهيئات التدريسية، وحرمان نحو 650 ألف طالب وطالبة من حقهم في التعليم، إضافة إلى تدمير الجامعات والمكتبات والمراكز الثقافية والمساجد والكنائس والمتاحف.

وأوضح أن قوات الاحتلال دمرت أكثر من 83% من مباني قطاع غزة و77% من طرقه، إلى جانب تضرر 226 موقع تراثي وثقافي، من بينها عشرات المواقع ذات القيمة العالمية. وأضاف أن الاحتلال قتل حتى اليوم نحو 70 ألف فلسطيني، من بينهم 75% من الأطفال والنساء وكبار السن، وجرح أكثر من 170 ألف، من بينهم آلاف حالات البتر. وتحدث أبو زهري عن مدينته، رفح جنوب قطاع غزة، قائلا إنها "سويت بالأرض وتحوّلت إلى ركام مسحوق لا معالم له، بعد تهجير سكانها البالغ عددهم 250 ألف نسمة، في جريمة تمثل تحديا صارخا لكل القوانين الدولية والإنسانية".

وأشار إلى أن الضفة الغربية والقدس تشهدان تصعيدا خطيرا في سياسات التهويد، من خلال محاولات تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا، والتضييق على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وسلب صلاحيات بلدية الخليل والأوقاف الإسلامية في الحرم الإبراهيمي الشريف، المدرج على قائمة التراث العالمي المهدّد بالخطر. وشدد في ختام كلمته، على أن "الشعب الفلسطيني، رغم كل الدمار، سيبقى متمسّكا بحقوقه وبقيم التعليم والثقافة والتراث كهوية لا تمحى، وبالكرامة الإنسانية التي لا تشترى ولا تقهر".