انتخاب رئيس جديد للحزب الحاكم في موريتانيا

تبخر حلم ولد عبد العزيز في العودة إلى الساحة السياسية

تبخر حلم ولد عبد العزيز في العودة إلى الساحة السياسية
  • القراءات: 867
م. م م. م

تبخرت آمال الرئيس الموريتاني السابق، الجنرال محمد ولد عبد العزيز في العودة إلى واجهة المشهد السياسي في بلاده بعد أن صد المشاركون في أشغال المؤتمر الثاني لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الذي أسسه قبل عشر سنوات، الباب أمامه مفضلين انتخاب شخصية أخرى تحظى بإجماع وسط شرائح المجتمع الموريتاني بسبب مؤهلاته والمناصب التي سبق أن شغلها.

وانتخب أكثر من 2200 مشارك في مؤتمر الحزب الحاكم، الوزير والدبلوماسي السابق، سيدي محمد ولد الطالب أعمر البالغ من العمر 56 عاما، ليصبح خامس رئيس لهذا الحزب نظير مؤهلاته العلمية كمهندس في الميكانيك، وهو بالإضافة إلى ذلك، وزير وسفير سابق لبلاده في كل من بكين وموسكو والأمم المتحدة.

ووضع هذا الاختيار حدا لكل مساعي رئيس البلاد السابق محمد ولد عبد العزيز لتولي قيادة الحزب الذي أسسه يوم فاز بأول انتخابات رئاسية سنة 2009 تمهيدا ربما لإعادة توليه مقاليد الدولة الموريتانية على اعتبار أن دستور بلاده ينص على عهدتين رئاسيتين لا ثالث لهما.

ولم يخف محمد ولد عبد العزيز سخطه على انتخاب رئيس آخر من غيره للحزب، معتبرا ذلك بمثابة طعنة في الظهر ومخطط مقصود لسد الطريق في وجهه لمنعه من قيادة الحزب من جديد بعد أن لقي معارضة كبيرة لتحركاته من طرف منتسبي الحزب، الذين وصفوا قيادته له بمثابة ”تشويش” على المشهد السياسي العام وعلى الرئيس الغزواني مما جعلهم يؤكدون على أنه يبقى بمثابة ”مرجعية وحيدة للحزب”.

ولم يكن الرئيس محمد ولد عبد العزيز يتوقع مثل هذه النهاية بعد عهدتين رئاسيتين قضاهما على رأس الدولة الموريتانية سنة 2009 و2014 بعد أن عرف وزير دفاعه ورجل ثقته محمد ولد الشيخ الغزواني كيف يحيده ويقطع عليه الطريق للاستيلاء على رئاسة الحزب لمنعه من استغلاله لضرب عمل الحكومة في حال عارضت مشاريعها خطة الحزب الحاكم.                    

وهو ما جعله يؤكد على عدم اعترافه بنص البيان الذي أصدرته الكتلة البرلمانية لحزبه والذي اعتبرت الرئيس الحالي للبلاد محمد ولد الشيخ الغزواني، ”مرجعية الحزب الوحيدة”، حيث تعهد بـ«التصدي” له بكل الطرق.

وعاد ولد عبد العزيز إلى موريتانيا لاستكمال طموحه السياسي، بنية اقتسام السلطة مع الرئيس الحالي من خلال قيادة الحزب الحاكم والسهر على تسيير الكتلة البرلمانية للحزب الذي يحوز على أغلبية مقاعد البرلمان، بينما يضطلع الرئيس الغزواني برئاسة الدولة والسهر على عمل الحكومة.

وشكل مثل هذا التصور لإدارة الشأن السياسي العام في موريتانيا مخاوف في صفوف الحزب الحاكم وحتى أحزاب المعارضة من حدوث انقسام في مواقف الطبقة السياسية تجاه رئيس البلاد، وهو ما جعل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية يسارع بالدعوة إلى تشكيل ”ذراع سياسية” لدعم الرئيس الغزواني.

ورغم أن المسعى لم يلق الإجماع بسبب مخاوف من وقوع الحزب ضحية صراع سياسي يؤدي إلى انهياره، إلا أن تلك المخاوف تبددت بمجرد انضمام أحزاب الموالاة إلى الفكرة وحتى في أوساط أحزاب المعارضة، وهو ما شكل أول خطوة مكنت الرئيس الموريتاني من إذابة الجليد الذي علق في علاقات  الرئاسة مع المعارضة بعد سنوات القطيعة مع النظام السابق رغم أنها طعنت في نتائج انتخابات الرئاسية التي فاز بها ولد الغزواني، شهر جوان الماضي.

وتمكن الرئيس الموريتاني الحالي من إفشال كل مسعى لرفيق دربه في العودة إلى واجهة المشهد السياسي في بلاده بفضل سياسة انفتاح وحوار باتجاه أحزاب المعارضة بمجرد استلامه مهامه وهو الموقف الذي وجده الآن لمنع محمد ولد عبد العزيز من إتمام مخططه.