إلغاء صفة الحكم الذاتي عن مقاطعة جامو وكشمير

بوادر حرب جديدة في شبه القارة الهندية

بوادر حرب جديدة في شبه القارة الهندية
  • القراءات: 854
م. م م. م

أعلنت الحكومة الهندية أمس، إنهاء الحكم الذاتي الذي كانت تتمتع به مقاطعة جامو وكشمير وحولتها الى سيادتها المباشرة ضمن قرار قد يعيد إشعال فتيل التصعيد الانفصالي في هذا الجزء المتنازع عليه بين نيودلهي وإسلام أباد.

وأكدت مصادر متابعة لتطورات الوضع في هذه المقاطعة الواقعة الى شمال الحدود الهندية ـ الباكستانية أن هذه الإجراء الذي تم الإعداد له في سرية تامة من طرف القوميين الهندوس الموالين للوزير الأول، ناراندرا مودي قد يعيد إشعال فتيل الحرب الانفصالية في هذه المقاطعة التي تقطنها أغلبية مسلمة رافضة للسيادة الهندية.

وفي محاولة لمنع أي انزلاق سارعت السلطات الهندية الى اتخاذ إجراءات أمنية استباقية نشرت من خلالها أكثر من 80 ألف شبه عسكري في المقاطعة لإسناد القوات الأمنية المتواجدة فيها منذ عدة عقود.

كما عمدت سلطات نيو دلهي الى فرض عزلة دولية على سكانها بعد قطعها للاتصالات الهاتفية ووسائط التواصل الاجتماعي وحرمتهم من مغادرتها أو تنظيم تجمعات شعبية، في نفس الوقت الذي أبقت فيه أبواب المؤسسات التربوية مقفلة ضمن خطة لتفادي وقوع مواجهات بين السكان والقوات الأمنية الهندية.

وتمكن القوميون الهندوس الذين سيطروا على الحياة السياسية في هذا البلد خلال السنوات الأخيرة من تمرير مرسوم رئاسي أنهوا من خلاله الوضع الخاص الذي كانت تتمتع به ولاية جامو وكشمير في شمال البلاد، والذي كان الدستور الهندي يضمنه كمقاطعة ذات حكم ذاتي.

وأعلن وزير الداخلية الهندي اميت شاه، عن هذا القرار أمام نواب البرلمان الهندي أمس، قبل أن يواجه بتعالي أصوات نواب احزاب المعارضة على قلتهم تعبيرا عن رفضهم لمثل هذه الخطوة التي وصفوها بالخطيرة على الوضع الأمني العام في البلاد.

ودخل المرسوم الرئاسي حيز التنفيذ مباشرة بعد المصادقة عليه ضمن خطوة تم من خلالها إلغاء مواد الدستور الخاصة بجامو وكشمير، وخاصة المادة 370 التي تمنح صلاحيات واسعة للسلطات المحلية في كشمير في تسيير شؤونها الداخلية باستثناء مسائل الدفاع والشؤون الخارجية والاتصال. واتخذت الحكومة الهندية هذه الإجراءات ضمن خطة أولى قبل تمرير مشروع قانون آخر يتم من خلاله فصل الجزء الشرقي الذي تقطنه أغلبية بوذية.

وتفقد جامو وكشمير التي تضم سهول منطقة جامو التي يقطنها الهندوس في الجنوب وهضبة سريناغار التي يقطنها المسلمون بفضل هذه الإجراءات الجديدة وضعها القانوني السابق، كولاية فيدرالية لتتحول الى مجرد إقليم "داخل الاتحاد الهندي" بما يعني إخضاعها للسلطة المباشرة للحكومة المركزية في نيو دلهي، ضمن خطوة ستفقد هيئاتها المحلية كل سلطة تنفيذية.

يذكر أن فكرة إنهاء العمل بطبيعة الحكم الذاتي في هذه المقاطعة كانت فكرة من الأفكار التي رافع من اجلها الوزير الأول الهندي، خلال الانتخابات العامة التي شهدتها بلاده الربيع الماضي، حيث أعيد انتخابه للمرة الثانية، وسمحت لحزبه بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي  الاحتفاظ بالأغلبية المطلقة في البرلمان الاتحادي.

يذكر أن مقاطعة كشمير تم تقسيمها بين الهند وباكستان منذ استقلال الهند عن التاج البريطاني سنة 1947، حيث اشتد الصراع بين هاتين الدولتين من اجل استعادة الجزء الآخر منها مما تسبب في اندلاع حربين بينهما.

ويخوض سكانها (المسلمون) منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي نزاعا مسلحا مع القوات الهندية خلف مقتل أكثر من 70 ألف شخص، ولا تتوانى السلطات الهندية في كل مرة من اتهام باكستان بدعم الحركات المسلحة، كما لا تلبث إسلام أباد أن تسارع في كل مرة إلى نفيها.

ووصفت السلطات الباكستانية في أول رد فعل لها هذا القرار بـ "خطوة غير شرعية"، بقناعة أن المنطقة معترف بها دوليا على أنها ارض متنازع عليها.

ونددت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان أصدرته أمس، بشدة بهذا القرار رافضة الاعتراف به كونه إجراء أحادي الجانب من الحكومة الهندية، ستعمل باكستان كل ما في وسعها للتصدي له، مجددة التأكيد على دعمها السياسي والدبلوماسي والمعنوي لشعب جامو وكشمير من أجل التوصل لحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير".