تحت أنقاض المنازل المنهارة في مدينة غزّة
بدء عمليات البحث عن جثامين الشهداء المفقودين
- 180
ص. محمديوة
أعلن جهاز الدفاع المدني في غزّة، عن البدء أمس، بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في عمليات البحث لانتشال جثامين الشهداء من تحت أنقاض المنازل صغيرة الحجم في مدينة غزّة، التي دمرها الاحتلال الصهيوني على رؤوس سكانها خلال عدوانه الغاشم الذي دام عامين كاملين وخلّف حصيلة ضحايا تخطت عتبة 70 ألف شهيد مع قرابة 10 آلاف مفقود.
ويشارك في هذه العملية الصعبة والمعقّدة “الهيئة العربية لإعادة إعمار غزّة” وكل من لجنة الطوارئ وإدارة الاستجابة السريعة، والأدلة الجنائية والطب الشرعي في محافظة غزّة ووزارتي الصحة والأوقاف وذوي الشهداء المفقودين وتجمع القبائل والعشائر. وتبدأ طواقم الدفاع المدني عمليات البحث في هذه المنطقة تحت أنقاض منزل يعود لعائلة “أبو رمضان”، حيث كان يحتضن في داخله حوالي 60 شخصا نزحوا إليه منهم الأطفال والنساء والشيوخ.
ومع انطلاق هذه العملية أكدت مديرية الدفاع المدني، خلال مؤتمر صحفي عقده مسؤولوها أمس، على أن طواقمها ستواصل عمليات البحث عن جثامين الشهداء من تحت الأنقاض ضمن المشاريع التي تتوفر وتنتظر مشاركة جهات أخرى لتوفير أليات الحفر ومستلزماته الضرورية لاستكمال المهام الإنسانية لعمليات البحث عن الجثامين المفقودة. ولفتت إلى أن جهاز الدفاع المدني في قطاع غزّة لا يمتلك أي معدات إنقاذ ثقيلة، حيث تعمل طواقمه في تنفيذ مهماتها بأدوات بدائية بسيطة بعد أن دمر الاحتلال معظم مقدرات الجهاز وإمكاناته خلال حرب الإبادة الجماعية على القطاع.
وبينما أكدت أنها بحاجة إلى 20 باقرا و20 حفارا لتتمكن طواقمها من انتشال آلاف الجثامين من تحت الأنقاض وحتى يتاح لذويهم دفنهم بكرامة، وطرحت مديرية الدفاع المدني، عدة تساؤلات عن دلالات صمت المجتمع الدولي؟ وازدواجية تعريفه لمصطلح “الإنسانية” في قطاع غزّة؟ ومدى تناقض هذه المواقف مع مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني؟..
وقالت "نتساءل في الوقت الذي يتم فيه إدخال كافة المعدات والأجهزة الثقيلة المطلوبة للعثور على عدد قليل من جثامين الأسرى الإسرائيليين في غزّة، ويمنع تقديم المساعدة لجهاز الدفاع المدني وللجهات المختصة للعثور على جثامين آلاف الشهداء المفقودة والعمل على انتشالها من تحت أنقاض المباني المدمرة؟". وذكرت في هذا السياق، بأن القانون الإنساني الدولي وقوانين حقوف الإنسان، واتفاقيات جنيف تدعو إلى العمل على احترام جثامين الموتى وصون كرامتهم، وتتضمن أحكاما توجب الكشف عن مصير المفقودين واستجلاء أماكن وجودهم.
وانطلاقا من ذلك جدد جهاز الدفاع المدني في غزّة مطالبته المنظمة الدولية للحماية المدنية والضامنين لاتفاق وقف إطلاق النّار في قطاع غزّة، بالتدخل العاجل لإخال المعدات والآلات الثقيلة لأعمال البحث عن المفقودين واستخراج الجثامين من تحت الأنقاض. كما دعا المنظمات الإنسانية الدولية إلى المشاركة في تنفيذ مشاريع إنسانية تساعد في انتشال جثامين الشهداء.
ودعا أيضا الأهالي وذوي الشهداء للتعاون مع طواقمه من أجل المساعدة في التعرّف على هوية أبنائهم الشهداء، حيث من المتوقع وجود جثامين متحللة وقد تغيرت صفاتها وملامحها وربما تحولت إلى رفات. وكذلك قد لا يوجد أثرا لجثامين أخرى بفعل قوة وضخامة المواد المتفجرة التي أسقطها الاحتلال الصهيوني على منازل العزّل من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة المنكوب. ووفقا لتقارير فرق الإنقاذ، فإن الآلاف لا يزالون في عداد المفقودين، حيث يقدر عددهم بقرابة 10 آلاف مفقود، في وقت تتواصل فيه جهود البحث تحت الأنقاض وفي المناطق المنكوبة وسط ظروف إنسانية قاسية ونقص حاد في الإمكانيات.
القرار الأممي بشأن إنهاء الاحتلال في فلسطين
منعطف حاسم يفتح مسارا قانونيا وسياسيا جديدا
سلّط المركز الفلسطيني للدراسات السياسية، في ورقة تحليلية معمّقة تناولت القرار الصادر مؤخرا عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، الضوء على دلالات هذا القرار القانونية والسياسية وإمكانات توظيفه فلسطينيا.
ووفق مركز التحليل الفلسطيني، فإن القرار الأممي رغم صدوره عن الجمعية العامة وعدم تمتعه بقوة الإلزام التنفيذي، يمثل تطورا نوعيا في التراكم القانوني الدولي ضد الاحتلال، خاصة أنه يستند إلى فتوى محكمة العدل الدولية، ويصف الاحتلال صراحة بأنه "وجود غير قانوني"، مشيرا إلى أن القرار جاء في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية لمحاسبة الكيان الصهيوني على سياساته الإجرامية وانتهاكاته الصارخة في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، في سياق تصاعد الحراك القانوني الدول حول فلسطين.
وبحسب تحليل المركز، فإن هذا التوصيف يحمل دلالات قانونية عميقة، حيث ينقل القضية الفلسطينية من إطار “إدارة النزاع” إلى إطار “إنهاء وضع غير مشروع”، بما يفتح المجال أمام مسارات جديدة للمساءلة الدولية، ويعزز مبدأ عدم الاعتراف بالوضع الناتج عن الاحتلال أو تقديم الدعم لاستمراره. وتؤكد الورقة التحليلية أن أهمية القرار لا تكمن في نصه فحسب، بل في قابليته للتوظيف السياسي والدبلوماسي من خلال رفع كلفة استمرار الاحتلال عن الكيان الإسرائيلي وتوفير مرجعية قانونية يمكن الاستناد إليها في حملات الضغط الدولية سواء على مستوى المحاكم الدولية أو في إطار العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف.
وسياسيا، ترى الورقة أن القرار يعكس تحولا نسبيا في المزاج الدولي، مع اتساع رقعة الانتقادات للسياسات الإسرائيلية وتصاعد دور دول الجنوب العالمي داخل الجمعية العامة، غير أن المركز يحذّر من أن هذا التحوّل قد يبقى محدود الأثر في حال غياب استراتيجية فلسطينية موحدة قادرة على استثمار هذا الزخم الدولي. كما تتناول الورقة التحليلية التحديات التي تحول دون تفعيل القرار الأممي وفي مقدمتها الانقسام الفلسطيني الداخلي والتفاوت في مواقف الدول العربية والإسلامية، إضافة إلى اختلال موازين القوى الدولية واستمرار الدعم الأمريكي للكيان الإسرائيلي.
ويخلص المركز الفلسطيني للدراسات السياسية في ورقته إلى أن القرار الأممي الأخير لا يشكل نهاية مسار، بل بداية مرحلة جديدة تتطلب انتقالا من خطاب المطالبة إلى خطاب التوظيف القانوني والسياسي المنظم، معتبرا أن الاستثمار الجاد في هذا القرار يمكن أن يسهم في إعادة الاعتبار للمسار القانوني الدولي كأحد ميادين الصراع الأساسية مع الاحتلال. وتأتي هذه الورقة ضمن سلسلة دراسات تحليلية يصدرها المركز الفلسطيني، تهدف إلى قراءة التحولات السياسية والقانونية المرتبطة بالقضية الفلسطينية، وتقديم رؤى استراتيجية لصنّاع القرار والفاعلين السياسيين والإعلاميين.
بعد أكثر من ربع قرن في الأسر بمعتقلات الاحتلال
18 أسيرا فلسطينيا يستحقون الحرية
أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن الاحتلال يعتقل 18 أسيرا فلسطينيا أقلهم أمضى ربع قرن في سجون الاحتلال بشكل متواصل يستحقون الحرية بعد هذه السنوات الطويلة من الاعتقال والتنكيل، وقد فقدوا العشرات من عائلاتهم وأحبابهم خلال فترة الأسر.
وعبر مدير المركز الباحث، رياض الأشقر، في تصريح أمس، عن استيائه كون "العالم يقف متفرجا على أعمار هؤلاء الأسرى وهي تنقضي خلف قضبان السجن الباردة والتي تحمل بين جدرانها الموت المحقق أو المرض الملازم بقية الحياة دون شفقة أو رحمة ودون تدخل حقيقي يضمن الحرية والانعتاق من الأسر لهؤلاء الأسرى".
وأشار إلى أنه رغم تمكن المقاومة من تحرير مئات الأسرى القدامى والمحكومين بالمؤبد خلال الصفقة الأخيرة بمراحلها الثلاثة، إلا أن الاحتلال لا يزال يعتقل ما يزيد عن 250 أسير من "عمداء الأسرى". وهم الذين أمضوا ما يزيد عن 20 عاما متواصلة في سجون الاحتلال منهم 18 أسيرا أمضوا أكثر من ربع قرن وبينهم 10 أسرى أمضوا ما يزيد عن ثلاثة عقود متواصلة في الأسر.
وهو ما جعل الأشقر، يشدّد بأن هؤلاء الأسرى ليسوا أرقاما يتم تداولها عبر وسائل الإعلام بقدر ما هم ضحايا للإجرام الصهيوني الذي أقام سجونا لتكون قبورا لهم ولكل أسير منهم حكاية تحمل في طياتها حب الحياة والاستمرار والحرية ولكل أسير أحباب فقد العشرات منهم خلال فترة اعتقاله الطويلة ولم يتمكن من وداعهم أو إلقاء نظرة فقط على جثمانهم قبل مواراتهم الثرى وغالبيتهم من الفئة الأولى كالآباء والأمهات والأبناء والأشقاء.
وقال الأشقر إن “العالم بمؤسساته التي تدعي حرصها على مواثيق حقوق الإنسان لم تستطع أن تساند هؤلاء الأسرى الأبطال وأن تقف بجانب حقوقهم ليس من أجل إطلاق سراحهم فقط، بل لم تستطع الضغط على الاحتلال لتوفير حياة كريمة لهم داخل الأسر وتوفير احتياجاتهم الأساسية وأغراض المعيشة البسيطة وقد تجاوز العديد منهم من العمر 70 عامًا ويعاني من عدة أمراض”.
وأضاف أن غالبيتهم أمضوا ما يزيد عن ربع قرن يعانون من أمراض مختلفة تتراوح ما بين المتوسطة والخطيرة نتيجة تراكم الظروف القاسية عليهم والانتهاكات التي تعرضوا لها خلال 25 عاما وأكثر أمضوها في المعتقلات وسياسة الإهمال الطبي التي لا تسمح لهم بالعلاج أو إجراء عمليات جراحية أو حتى تقديم أدوات مساعدة كالكراسي المتحركة أو العكاكيز أو النظارات الطبية وخاصة خلال العامين الأخيرين بعد تشديد ظروف اعتقال الأسرى ومضاعفة التنكيل والتعذيب بحقهم بأوامر من وزراء حكومة الاحتلال المتطرفين.
وبين أن أقدم الأسرى في سجون الاحتلال ثلاثة من أسرى الداخل الفلسطيني وهم إبراهيم أبو مخ وإبراهيم بيادسه وإبراهيم أبو جابر ومعتقلون منذ ما يقارب 40 عاما وتبقى لهم عدة شهور لإنهاء محكومياتهم والإفراج عنهم حيث أنهم يقضون حكما بالسجن الفعلي لمدة 40 عاما بعد تخفيضه من الحكم المؤبد الذي صدر بحقهم بعد الاعتقال علما أنهم معتقلون منذ عام 1986.