بعد أن ضاقت به السبل في قضية الصحراء الغربية

المغرب ينتهج سياسة "نطح الحائط"

المغرب ينتهج سياسة "نطح الحائط"
  • القراءات: 746
م. مرشدي م. مرشدي

تأكد مرة أخرى أن وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، لم يحفظ درس موقف بلاده شهر ماي سنة 2012 عندما رفض استقبال الموفد الاممي إلى الصحراء الغربية، كريستوفر روس، وكذا استئناف مفاوضات السلام مع الجانب الصحراوي. وأصرت الرباط على موقفها لعدة أشهر قبل أن ترضخ للأمر الواقع الأممي وقبلت مكرهة باستقباله وحتى تغاضيها عن زيارته مدينة العيون عاصمة الصحراء الغربية المحتلة لأول مرة منذ بداية مهمته، ولكنها عاودت التجربة هذه المرة أيضا بعد أن ضاقت عليها السبل ولم تجد من طريق سوى اتخاذ هذا الموقف النشاز الذي يقود حتما إلى الاصطدام بجدار الإرادة الدولية.

والحقيقة أن المغرب فضل تلقي هذه الصفعة الجديدة على الخد الآخر بعد أن وجد كل البدائل التي حاول استغلالها للدفاع عن فكرة الحكم الذاتي تنهار الواحد تلو الآخر بعد أن تيقن أن مبرراته لم تعد تقنع أحدا رغم خطابه المنمق باتجاه من يسميهم بـ«ساكنة الأقاليم الجنوبية" بقناعة أنهم يقبلون بطرحه ولكنه رفض تمكينهم من استفتاء لإنهاء وضع بلغ درجة التعفن. كما أن الملك محمد السادس وأكبر مستشاريه لم يجدوا في سلة بدائلهم سوى خيار الرفض هذه المرة بعد أن تأكدوا أن الأمم المتحدة تزداد من عام لآخر قناعة أن تقرير مصير الشعب الصحراوي يبقى أفضل مقاربة لإنهاء آخر قضية تصفية استعمار في القارة الإفريقية. وهي الحقائق التي تدفع إلى التساؤل حول قدرة المغرب على التمسك بموقفه القديم ـ الجديد سواء بالنسبة لاستقبال روس وأيضا بالنسبة لاستئناف المفاوضات الثنائية مع الجانب الصحراوي والمدة التي سيثبت فيها على موقفه المتعارض مع كل الأعراف الدبلوماسية؟

والمؤكد وفق التجربة السابقة وانطلاقا من موقف الأمين العام الاممي، أمس، فإن المخزن المغربي سوف لن يجد إلا الرضوخ للضغوط الدولية وسيعود صلاح الدين مزوار نفسه لاحقا ليؤكد أن بلاده مستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات وأن روس مرحب به في المغرب متى أراد القيام بزيارته تماما كما فعل في المرة الأولى. ويبدو أن السلطات المغربية لم تحفظ درس تجربة رفضها مواصلة التعامل مع كريستوفر روس سنة 2012 قبل أن تصطدم بموقف الأمين العام الاممي بان كي مون الذي تمسك به رغم مزاعم الرباط أنه إنحاز إلى جانب مواقف جبهة البوليزاريو. ويتذكر الرأي العام المغربي كيف وجد الملك محمد السادس نفسه مرغما على استقباله ضمن أكبر انتكاسة تتعرض لها الدبلوماسية المغربية التي فضلت تصعيد موقفها دون أن تكون لها أدوات الدفاع عنه.

وهو الطرح القائم اليوم بعد أن تبنت الأمم المتحدة موقفا صارما بعد أن أعطى لها المغرب المبرر لتغيير سياسة المداهنة التي انتهجتها معه منذ التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991 وبدء مسار التسوية التفاوضية التي تقر بحق الصحراويين في تقرير مصيرهم. والحقيقة الأخرى التي كشف عنها مثل هذا الموقف أن الرباط وجدت نفسها أمام طريق مسدود ويكون روس قد حملها مسؤولية الانسداد الحاصل مما جعلها تزداد تعنتا في وضع يتطلب ليونة وحنكة دبلوماسية أكبر، اللهم إلا إذا كانت قد حصلت على ضوء اخضر فرنسي لاتخاذ مثل هذا الموقف على اعتبار أن باريس كانت ومازالت سندها في رفض الامتثال لقرارات الأمم المتحدة رغم خطر ذلك على مسار السلام الاممي في الصحراء الغربية وإهدار جهود ثلاثة عقود من المساعي الدبلوماسية الأممية في "ماء بركة تعنت" المغرب ولكن إلى متى؟ ذلك هو السؤال الذي يطرحه المغربيون ساسة ومواطنين.