كارثة إنسانية على حدود جيب مليلية بعد مقتل 18 مهاجرا

المخزن يقترف مجزرة في حقّ المهاجرين الأفارقة

المخزن يقترف مجزرة في حقّ المهاجرين الأفارقة
  • القراءات: 1599
ص.محمديوة ص.محمديوة

سانشيز في مواجهة انبطاحه للملك المغربي وبطانته

فضحت الكارثة الإنسانية، التي راح ضحيتها فجر الجمعة عشرات المهاجرين غير شرعيين عبر السياج الفاصل بين الناظور المغربية ومليلية الاسبانية، رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، الذي كان قد نفى تعرضه للابتزاز المغربي بورقة الهجرة لتغيير موقف مدريد إزاء القضية الصحراوية لصالح الطرح المغربي الواهي.

جاءت مأساة الجمعة التي راح ضحيتها 18 مهاجرا إفريقيا، حسب الإحصائيات الرسمية المغربية والعشرات، حسب منظمات حقوقية مغربية وإسبانية، بعدما تعرضوا للتعنيف والقمع على يد القوات المغربية بلغت درجة قتلهم، لتشكل أكبر دليل على حقيقة الانبطاح ورضوخ الحكومة الإسبانية لمطالب المخزن.

وعاد المغرب منذ انحياز مدريد لصالح طرحه الواهي في الصحراء الغربية ليلعب دور الحارس على حدود المدينتين الواقعتين تحت السيادة الإسبانية سبتة ومليلية، اللتين سبق وأن شهدتا موجات تدفق هائلة العام الماضي لمئات المهاجرين غير شرعيين القادمين من جنوب الصحراء ومن أبناء الشعب المغربي، منهم القصر الذين ضاقت بهم الحياة في مملكة تسيير بمنطق الابتزاز والاستفزاز.

في مسعى منه للتغطية على الجريمة الشنعاء في "حق الانسانية" التي اقترفتها قوات النظام المخزني ضد هؤلاء، راح رئيس الحكومة الاسبانية يلقي مسؤولية مقتلهم على من وصفهم بـ"مافيا" الاتجار بالبشر.

ووصف سانشيز في تصريحات صحافية أمس محاولة اقتحام نحو 2000 مهاجر غير شرعي، أغلبهم من منطقة الساحل الإفريقي لمدينة مليلية بأنه "هجوم عنيف ومنظم من قبل المافيا التي تشارك في الاتجار بالبشر ضد مدينة هي تابعة لأراض إسبانية"، مشيرا إلى أن "الدرك المغربي عمل بالتنسيق مع القوات الاسبانية لصد هذا الهجوم العنيف الذي شهدناه".

غير أن تصريحات سانشيز، جاءت متناقضة تماما مع المشاهد والصور الصادمة التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي وأظهرت استخدام الشرطة المغربية للقوة المفرطة لمنع نحو 2000 من المهاجرين عبور جيب مليلية الإسباني فجر الجمعة ما تسبب في مقتل 18 منهم، حسب إحصائيات رسمية قدمتها سلطات المخزن. وهو ما أكدته المنظمة الاسبانية غير الحكومية "كاميندو فرونتيريس" المختصة في مجال الهجرة بين إفريقيا وإسبانيا والتي تحدثت عن مأساة راح ضحيتها ما لا يقل عن 27 قتيلا في صفوف المهاجرين، ما جعلها تطالب في بيان لها أمس بـ"فتح تحقيق فوري مستقل من الجانب المغربي ومن الجانب الاسباني وأيضا على المستوى الدولي لإلقاء الضوء على حثيات هذه المأساة الإنسانية".

من جانبها، أكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع الناظور أن "الاقتحام جاء بعد يوم من اشتباك المهاجرين مع أفراد الأمن المغربي الذين كانوا يحاولون إخلاء مخيمات أقاموها في غابة قرب مليلية"، ناشرة على صفحتها على "فايسبوك" فيديوهات صادمة تنقل تدخل الشرطة المغربية بقسوة واستخدامها القوة المفرطة وبصورة غير متكافئة ضد المهاجرين، حيث شددت على أن "السبب الرئيسي لهذه الكارثة الانسانية هي سياسة الهجرة المتبعة من قبل الاتحاد الأوروبي مع المغرب".

ودعا فرع الجمعية في الناظور إلى فتح "تحقيق جاد لتحديد ملابسات هذه الخسائر الفادحة" التي تدل على أن "سياسات الهجرة المتبعة مميتة بحدود وحواجز تقتل"، كما حذر من أي محاولة لدفن المهاجرين غير النظاميين من دول جنوب الصحراء الذين لقوا حتفهم بسرعة، دون فتح تحقيق قضائي سريع وشامل وجاد. ودعا إلى تحديد المسؤوليات وأوجه القصور التي كانت وراء "الخسائر الفادحة" بما في ذلك تحديد هوية هؤلاء المهاجرين الضحايا وإبلاغ عائلاتهم بمصيرهم.

واعتبرت الجمعية إهمال السلطات المغربية والإسبانية للمهاجرين "أدى بلا شك إلى زيادة عدد الوفيات"، مستنكرة ما سمته "العنف المجاني" ضد الجرحى من المهاجرين الموجودين على الأرض مكدسين أمام الجثث، قائلة إن هذه "الانتهاكات الجسيمة" تتطلب فتح تحقيق لتحديد المسؤولية. وأضافت أن عشرات المهاجرين المصابين بجروح خطيرة تركوا دون أي مساعدة لمدة 9 ساعات تقريبا محاطين بالقوات العمومية في وقت كانوا في حاجة ماسة إلى رجال إنقاذ وسيارات إسعاف أو مسعفين في الموقع.

أما رئيس مدينة مليلية، ايدواردو كاسترو، فقد أدان من جانبه ما وصفه بـ"الرد غير متناسب" من المغرب على محاولة اقتحام المهاجرين غير شرعيين، حيث عبر عن أسفه "لهذه الدراما الإنسانية مع هذه الصور القادمة من المغرب.. ما يحدث هو حقًا بربري"، لكنه أشار إلى أن "هؤلاء المهاجرين من جنوب الصحراء يغزون أراض بطريقة عنيفة.. هذه ليست المرة الأولى.. لكن يجب أن يكون للمغرب رد معين مناسب".