ممثل البوليساريو في أوروبا أبي بشراي البشير في حوار لـ"المساء":
المخزن فشل في الحصول على الهدية المنتظرة
			
						- 570
 
			   				    			         حاورته صبرينة محمديوة 			         			    
			    			    
			    			ممثل البوليساريو في أوروبا أبي بشراي البشير في حوار لـ"المساء":
يوضح ممثل جبهة البوليساريو في أوروبا ولدى الاتحاد الأوروبي، أبي بشراي البشير، في هذا الحوار مع "المساء" مضمون وخلفيات وأبعاد اللائحة الأممية الجديدة حول تمديد بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية، وموقف الطرف الصحراوي وخطواته القادمة من أجل تمكين الشعب الصحراوي من حقه المشروع في تقرير المصير.
❊ "المساء": ما هو موقف جبهة البوليساريو من قرار مجلس الأمن الدولي خاصة وأنه يبدو متناقضا في مضمونه، فهو من جهة يمدّد ولاية "المينوىسو" عاما كاملا ومن جهة أخرى يقدم مقترح "الحكم الذاتي" على أنه الحل المناسب للقضية الصحراوية؟
❊ ابي بشراي البشر: قبل الخوض في القراءة التقنية والقانونية لابد من وضع اللائحة كما تمّ التصويت عليها في سياقها العام والخاص، حتى نفهم أنه ورغم انحيازها الواضح للطرح المغربي وممانعة الولايات المتحدة حاملة القلم، وبفضل جهود ومعارضة غالبية الدول الأعضاء وعلى رأسهم الجزائر، حافظت على الأهم.
فانطلاقا مما يتعلق بوضعية العالم اليوم الذي تسيطر عليه الرؤية الأحادية الجانب في مقابل الدبلوماسية المتعددة الأطراف والتي يرمز لها القانون الدولي والأمم المتحدة، يكفي فقط أن ننظر لغزة وكيف يتم ذبح الشعب الفلسطيني على المباشر، أمام أنظار العالم.. وبالتالي فهو سياق دولي معقد، بالنسبة لقضية كقضية الشعب الصحراوي المبنية على القانون والشرعية الدولية.
وفيما يتعلق بالسياق الخاص بهذا القرار تحديدا، والمداولات الساخنة التي طبعت مسار المصادقة عليه من المسودة صفر، التي كانت انقلاباً على القانون والتاريخ والمنطق إلى النسخة الأخيرة، التي لم تكن توافقية (امتناع ثلاث دول، وعدم مشاركة واحدة) لكنها تخلصت من المقاربة المتعجرفة الأولى التي كانت تتصور إمكانية القفز على الحق وإقبار قضية الشعب الصحراوي في ظرف ثلاثة أشهر.
وهو ما يكرس الاعتقاد بأنه تم تجنب الأسوأ والاحتفاظ بمستوى معين من القاعدة القانونية التي يتأسس عليها نزاع تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية. وفيما يخص القراءة التقنية والقانونية، ففي المجمل، تم التحرك خطوة، وربما خطوات لتبني المقترح المغربي كقاعدة للحل، لكن دون جعله "القاعدة الوحيدة" للحل، والإشارة إلى أنه "من الممكن" أي "ليس بالضرورة" أن يقود إلى حل.
وبالتالي فإن المغرب فشل في الحصول على الهدية المنتظرة خلال ولاية ترامب، وهي تحديد مجال التفاوض وصيغة الحل بشكل حصري ومطلق في مقترحه، كما أن الإشارة إلى التفتح على مقترحات أخرى، يفتح المجال أمام الوسطاء الأمميين لوضع مقترحي الطرفين، بشكل أو بآخر على الطاولة.
لكن الأهم، من الناحية القانونية، كضمانة استراتيجية أمام المنزلق غير القابل للتدارك هو التأكيد على أن الحق في تقرير المصير وفق مبادئ وميثاق الأمم المتحدة يبقى هو الهدف النهائي للعملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة. والضمانة الإجرائية الأخرى هو التأكيد على ضرورة أن يكون "الحل توافقيا" بين طرفي النزاع، وهو ما يجعل صوت الشعب الصحراوي عن طريق ممثله الشرعي والوحيد، صوتا معطلا لكل مسعى للالتفاف على حقه.
وعليه فإنه، وبالرغم من تنديدنا الشديد بالمساعي المحمومة التي رافقت مسار المصادقة والهادفة إلى إقبار حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال، وأسفنا بانحياز المجلس للمقاربة المغربية، إلا أن القراءة المتأنية للقرار قانونيا وسياسيا، تجعلك تستغرب أيما استغراب هذه الاحتفالات العارمة التي شهدتها مدن المغرب على وقع خطاب ملك المغرب للتعبير عن الفرحة بانتصار غير موجود. والحقيقة أن المخزن، وعلى خلفية مظاهرات "جيل زد" ومظاهر التململ من الواقع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم في حاجة للتهليل لنصر سرعان ما سيكتشف المغاربة، بعد هدوء الجلبة، بأنه لم يكن كذلك.
❊ ما هي الخطوات القادمة للطرف الصحراوي من أجل افتكاك حقه في تقرير المصير؟
❊ الموقع القانوني للقضية الصحراوية مازال قويا ومحصنا، قبل أسابيع فقط من صدور هذا القرار، كانت اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة قد صادقت على توصية تاريخيّة في دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال، وهو نفس الموقف الذي تعبر عنه مختلف المنظمات الدولية الكبرى كالاتحاد الإفريقي ودول عدم الانحياز وكذا المحاكم الدولية المرموقة وعلى رأسها محكمة العدل الدولية، محكمة العدل الأوروبية والمحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.
القاعدة القانونية للنزاع، تتأسس على ثلاثة عناصر رئيسة، - الصحراء الغربية إقليم غير مستقل ذاتيا، بصدد عملية تصفية استعمار غير مكتملة وهو إقليم منفصل ومتمايز عن المملكة المغربية التي لا تمتلك أي سيادة عليه، - ممارسة الشعب الصحراوي لحقه في تقرير المصير هي جوهر تصفية الاستعمار، والشعب هو من يمتلك الحق الحصري في تحديد الوضع النهائي للإقليم، - جبهة البوليساريو هي الممثل الشرعي والوحيد لهذا الشعب.
وأعتقد أن قوة ذلك البناء القانوني، هو ما أجبر إدارة ترامب، حامل القلم، على التراجع عن الكثير من النقاط الواردة في المسودة الأولى، وقد تأكدت الولايات المتحدة الأمريكية من خلال مجريات نقاش التوصيات والتعديلات عليها، أنها إذا لم تنزل من علياء "الاعتقاد" بالقدرة على القفز على الجميع، فسوف تخسر التصويت على القرار، الدليل أنه، وبالرغم من التعديلات الكثيرة على المسودة الأولى أربعة أعضاء لم يصوّتوا لها وستة آخرين على مضض. وبالتالي، كما يقال "رب ضارة نافعة"، لقد عرفت الولايات المتحدة وفرنسا والمغرب أن القفز على القانون الدولي رياضة غير ناجحة في جميع الحالات، وهي محفوفة بالكثير من المخاطر فيما يتعلق بالصحراء الغربية.
❊ هل ستدخل جبهة البوليساريو في مفاوضات وفق نص القرار؟
❊ أعتقد أن العنصر بالغ الأهمية الآخر المسجل في هذه اللائحة هو التأكيد على أهمية دور الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي في المسار التفاوضي، وهو ما يحد، على الأقل بالنسبة للقرار، من طموح القوى الأخرى التي تريد اختطاف الملف والإسراع، بدفع "الثمن المؤجل" لتطبيع المغرب مع الكيان الصهيوني ولعبه دورا رياديا في اتفاقيات آبراهام وما تلا ذلك من أدوار لاحقة.
بالنسبة للسيناريوهات المحتملة، ففيما يخص الأمم المتحدة، أعتقد أن الأمين العام ومبعوثه الشخصي مطالبان، قبل الدعوة لمفاوضات مباشرة محتملة، بالتخلص من "التسميم" الذي تركه مسار المصادقة على القرار الأخير، وتدبير المسار بناء على هو منسجم مع مأمورية الأمم المتحدة وميثاقها وتقاليدها في تصفية الاستعمار.
وفيما يتعلق بجبهة البوليساريو، فمن الناحية المبدئية السيناريو القائم أمامنا، بالأمس واليوم وغدا هو مواصلة المقاومة الوطنية في مختلف الجبهات لتحقيق هدفنا الوطني في الحرية والاستقلال، وسنبقى كما كنا دائما، منفتحين على التفاوض ومستعدين للمساهمة الإيجابية للتوصل إلى الحل العادل، السلمي والنهائي للنزاع، في إطار مأموريتنا التاريخية والقانونية ألا وهي الحق الشرعي غير القابل للتصرف ولا للسقوط بالتقادم في تقرير المصير والاستقلال.
وأعتقد أن القرار الصادر سيترك حيزا لذلك، إذا ما توفرت الإرادة المفقودة لدى المغرب وتوقفت الولايات المتحدة وفرنسا عن إعطائه الإشارات السلبية التي تشجعه على مواصلة التعنت ومحاولة فرض قراءته الضيقة للقرار فيما يتعلق بفرض مقترح الحكم الذاتي، الذي لا يعدو أن يكون سوى تشريع للاحتلال.