يقطع الأنترنت ويقتل الرضّع وسط صمت رهيب

الكيان الصهيوني يواصل حصار غزّة وعزلها عن العالم

الكيان الصهيوني يواصل حصار غزّة وعزلها عن العالم
  • 136
ص. محمديوة ص. محمديوة

تعيش مدينة غزّة والقطاع ككل في عزلة تامة جعلها سجنا بأبواب محكمة الغلق، في ظل استمرار الحصار الصهيوني المطبق على هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية المحتلّة والمنكوب والذي شمل ليس فقط منع الماء والغذاء والدواء والوقود عن سكانها، بل أيضا قطع الأنترنت وكل وسائل الاتصال حتى لا يسمع ويشاهد العالم فصول إبادته المستمرة في صمت رهيب.

ومع اندلاع الحرب بين إيران والكيان الصهيوني الذي كان سببا في تفجيرها بسبب عدوانه الجائر على الأراضي الإيرانية، تراجعت أخبار قطاع غزّة التي كانت تعجّ بها مواقع التواصل الاجتماع، في حين حولت وسائل الإعلام تركيزها على هذه الحرب التي تنعدم مؤشرات احتوائها على الأقل في المستقبل القريب.

وتزداد الأوضاع الإنسانية تعقيدا بسبب تعنّت الاحتلال الصهيوني في منع دخول المساعدات الإنسانية للسكان، واستمرار القصف على كافة المناطق وما تبقى من منشآت طبية وخدماتية وخيام النّازحين. وبقيت غزّة وحيدة تصارع آلة الموت والدمار والحصار والتجويع الصهيونية منفردة ويفقد فيها الرضّع الخدج حياتهم الطفل تلو الآخر بسبب انقطاع الحليب الخاص بهم، وبسبب انعدام الوقود اللازم لتشغيل أقسام المستشفيات والحضانات التي توفر الرعاية الطبية لهم.ومع قدوم فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة عاد سكان غزّة ليعانوا الأمرين وقد أصبحت درجة الحرارة داخل الخيام البلاستيكية والمهترئة مرتفعة جدا وأقصى ما يتنماه سكانها شربة ماء باردة تروي عطشهم. 

وأصبح ما يأتي من غزّة مجرد آهات تسعى جاهدة لإسماع صوتها من تحت الأنقاض والركام لعالم لا يزال في موضع المتفرج، وأكثر من ذلك يلتزم الصمت وكأن ما يحدث في غزّة من إبادة جماعية مستمرة ومتواصلة على مدار اليوم والساعة أمرا اعتياديا لا يعني المجموعة الدولية المنادية باحترام حقوق الإنسان وتطلعات الشعوب. وتشير آخر الاحصائيات إلى ارتفاع حصيلة ضحايا حرب الإبادة الصهيونية المتواصلة على قطاع غزّة منذ السابع من أكتوبر 2023، إلى قرابة 56 إلف شهيد وأكثر من 131 ألف جريح. وأحصت السلطات الصحية في قطاع غزّة، إجمالي ما وصل للمستشفيات من شهداء من منتظري المساعدات بلغ 450 شهيد و3466 إصابة منذ البدء بعمل مراكز توزيع المساعدات شهر ماي الماضي.وهي مأساة أخرى تضاف إلى أوجاع سكان غزّة الذين يقصفون وهم يبحثون عن لقمة عيشهم أمام مراكز المساعدات التي يشرف عليها الاحتلال وحليفته الولايات المتحدة، والتي اتضح الهدف الحقيقي منها وهو قتل مزيد من المدنيين العزّل.وفي هذا السياق، حذّر كاظم أبو خلف، المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" من أن آلية المساعدات الأمريكية تبدو للمراقبين مصيدة للموت بعد تكرار حوادث إطلاق النار على المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزّة، الذين يسعون إلى الحصول على ما يبقيهم على الحياة.وقال أبو خلف "إن أكبر مؤشر على أن الوضع في قطاع غزّة من ناحية المساعدات والجوع وسوء التغذية كارثي بامتياز هو استمرار ذهاب المواطنين إلى تلك المراكز لتوزيع المساعدات على الرغم من تكرار حوادث إطلاق النار لأكثر من 5 مرات".وأضاف « إننا أصدرنا بيانا أكدنا من خلاله انضمام أكثر من 5 آلاف طفل في شهر واحد فقط لمن يحتاجون إلى علاج من سوء التغذية للأطفال من 6 أشهر وحتى 5 سنوات ووصل منهم أكثر من 600 طفل إلى مرحلة تسمى سوء التغذية الحاد الوخيم وهى المرحلة الأشد فتكا، وإذا لم يتم تدارك الأمر سيكون هناك خطر حقيقي على حياتهم".وأشار إلى أنه منذ السابع من أكتوبر 2023، ومعدل قتل الأطفال اليومي في قطاع غزّة حوالي 27 طفلا ولا يوجد مكان في العالم يقتل فيه هذا العدد من الأطفال، وأيضا لا يوجد مؤشر على ممارسة الحرص على حياة الأطفال في قطاع غزّة.وشدد على أن أهم مبادئ العمل الإنساني في الأمم المتحدة هي الحيادية وعدم الانحياز والاستقلالية التشغيلية، ونحن كمنظمة تابعة للأمم المتحدة نتعرض للاتهام من طرفي النزاع وهو ما يدل على أننا على مسافة واحدة من الجميع.وكانت الأمم المتحدة قد أبقت الكيان الصهيوني ضمن القائمة السوداء للأطراف التي ترتكب انتهاكات جسيمة ضد الأطفال في مناطق النزاع خلال 2024. ووصف تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، قوات الاحتلال الصهيوني بأنها الطرف الذي قتل وشوّه الأطفال والطرف الذي هاجم المدارس والمستشفيات، داعيا إلى محاسبة الكيان الصهيوني على تلك الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال.