موسكو تتهم كييف بقرب تصنيعها

"القنبلة القذرة".. ذريعة أم حقيقة؟

"القنبلة القذرة".. ذريعة أم حقيقة؟
  • القراءات: 475
ص. م ص. م

تواصل أطراف الحرب الروسية ـ الأوكرانية المباشرة وغير المباشرة تبادل الاتهامات بخصوص تعمد كل طرف استفزاز الآخر، ضمن مؤشر  على مزيد من التصعيد في هذه الحرب المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر، دون أدنى مؤشرات لاحتوائها في المستقبل القريب. أجرى رئيس هيئة أركان الجيوش الروسية، فاليري غيراسيموف، أمس، مكالمتين هاتفيتين مع نظيريه الأمريكي، الجنرال، مارك ميلي والبريطاني الأميرال، طوني راداكين، أثار معهما  قضية "القنبلة القذرة " ومخاوف موسكو من لجوء كييف إلى استخدامها.

وجاء اتصال غيرسيموف يوما فقط بعد اتصال مماثل أجراه وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، مع نظرائه الأمريكي والبريطاني والفرنسي والتركي الذين أثار معهم نفس الانشغال، وهي معطيات توحي أن الحرب في أوكرانيا قد تنزلق باتجاه استخدام أسلحة محرمة دوليا، مع كل التبعات الكارثية لمثل هذا المنحى. وجدّدت روسيا، أمس، التأكيد بأن أوكرانيا دخلت المرحلة الأخيرة في صنع "القنبلة القذرة"، التي تسعى كييف، بحسب موسكو، الى تفجيرها على أراضيها، بكل ما تحمله من مخاطر باعتبارها قنبلة تقليدية غير نووية، لكنها محاطة بمواد مشعة مهيأة للانتشار على شكل غبار على نطاق جد واسع عند الانفجار.

وقال مسؤول الجيش الروسي المكلف بالمواد المشعة والمنتجات الكيماوية والبيولوجية، ايغور كيريلوف، إنه "وفقا للمعلومات المتوفرة لدينا، فإن منظمتين أوكرانيتين لديهما تعليمات محدّدة بصنع ما يسمى القنبلة القذرة، حيث دخل عملهما مرحلته الأخيرة". وحسب المسؤول العسكري الروسي، فإن "الهدف من هذا الاستفزاز، اتهام روسيا باستعمال أسلحة الدمار الشامل في أوكرانيا وأيضا إطلاق حملة قوية معادية لروسيا في العالم"، معتبرا أن كييف تريد "ترهيب السكان المحليين وزيادة تدفق اللاجئين عبر أوروبا".

وبينما حذّر من أن "تفجير عبوة ناسفة مشعة يؤدي، حتما، إلى تلوث المنطقة على مساحة تصل إلى عدة آلاف من الأمتار المربعة"، اتهم كيريلوف المملكة المتحدة بإجراء اتصالات مع كييف حول مسألة "حصولها المحتمل على التكنولوجيا الضرورية لإنتاج السلاح النووي". وجاء تصريح المسؤول العسكري الروسي غداة إعراب وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، لنظرائه الأمريكي والفرنسي والبريطاني والتركي عن "قلقه بخصوص استفزازات محتملة من أوكرانيا، بسعيها إلى تفجير قنبلة قذرة"، وهي اتهامات سارعت كييف وحلفائها الغربيين لنفيها واعتبروها مؤشرا آخر من موسكو على تصعيد جديد في حربها على أوكرانيا بعد تكثيفها، مؤخرا، لغاراتها الجوية على العاصمة كييف وعدة مدن أوكرانية وضمّها لأجزاء من أراضي هذه الأخيرة.

وبينما وصفت كييف اتهامات موسكو بـ"السخيفة" والخطيرة"، قالت كل من باريس ولندن وواشنطن في بيان مشترك، أمس، بأن اتهامات موسكو لكييف بصناعة ما يعرف بالقنبلة القذرة "خاطئة". ويرى الأوكرانيون والغربيون، على حد سواء، أن الأمر يمثل تهديدا بالتحضير لهجوم تحت ذريعة "خاطئة"، الى درجة أنهم يشتبهون في أن روسيا مستعدة لتفجير "قنبلة قذرة" بنفسها لتبرير التصعيد العسكري، من خلال استخدام سلاح نووي تكتيكي كرد فعل انتقامي.

وتبقى مؤشرات التصعيد التي توحي بإطالة أمد الحرب الروسية ـ الأوكرانية هي الغالبة على وضع لا يحمل في طياته، لحد الساعة، أي بوادر تهدئة في هذا الصراع المسلح الذي ألقى بضلاله على العالم بأجمعه بتداعياته وانعكاساته السلبية، خاصة على الاقتصاد العالمي وما أفرزه من أزمة طاقة خانقة أولى المتضررين منها هم الاوروبيون أنفسهم. وفي هذا السياق، ندد الكريملين، أمس، بما اعتبرته "انعدام الرغبة" سواء لدى باريس أو برلين للمشاركة في أي وساطة لاحتواء الوضع المتفجر.

وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، أنه فيما "يخص السيدين ماكرون وشولتز، فهما في الفترة الاخيرة لم يظهرا أي رغبة للاستماع لموقف الطرف الروسي والمشاركة في أي جهود وساطة"، مشيرا، بالمقابل، إلى موقف أنقرة الذي اعتبره انه "مختلف" مقارنة بموقفي باريس وبرلين. للإشارة، فإن كل من الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، والمستشار الألماني، اولف شولتز، كان قد باشر في بداية اندلاع الحرب مساعي وساطة حثيثة لإقناع موسكو بالعدول عن عمليتها العسكرية في أوكرانيا، لكنها انتهت بالفشل بعد تمسك روسيا بموقفها في بلوغ مرادها بلغة الرصاص.