الدول الغربية مازالت متمسكة بالخيار السياسي

القاهرة تفشل في إقناع الغرب بتدخل عسكري في ليبيا

القاهرة تفشل في إقناع الغرب بتدخل عسكري في ليبيا
  • القراءات: 608
م. مرشدي م. مرشدي
بدأت التساؤلات تطرح حول قدرة الدبلوماسية المصرية في إقناع أعضاء مجلس الأمن الدولي بتبني دعوتها للقيام بتدخل عسكري دولي مباشر في ليبيا بمبرر محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
ورغم أن سامح شكري، وزير الخارجية المصري حمل الى نيويورك كل المبررات التي اعتمدتها بلاده لعرضها على سفراء الدول الخمسة عشر بعد اغتيال 21 مصريا على أيدي هذا التنظيم فإن فكرة التدخل العسكري بدت وكأنها أمرا لم يحن موعد طرحه استنفاذ كل الخيارات المتاحة لإعادة ليبيا الى سكة المصالحة بين مكوناتها الوطنية قبل التفكير في القضاء على تنظيم "داعش" بالقوة العسكرية.
ويبدو أن الدول الغربية استخلصت الدرس جيدا من تجربة تدخلها للإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي سنة 2011، قبل أن تترك الشعب الليبي في مواجهة تبعات هذه المغامرة العسكرية التي كانت السبب المباشر فيما آل إليه الوضع في ليبيا رغم تحذيرات دول الجوار ومنها الجزائر وحتى مصر من الانعكاسات السلبية لمثل هذه المقامرة .
وتدرك القوى الغربية أن تدخلا في ليبيا سيكون أشبه بتدخلها في أفغانستان وهو ما يستدعي منها أموالا ضخمة ومغامرة حقيقية بقوات ستجد نفسها في مواجهة أشباح في صحراء ليبية شاسعة ممتدة من السودان الى التشاد مرورا بالجزائر وتونس. وضغط رأي عام غربي رافض لفكرة إرسال أبنائه الى دول أخرى يعتقدون أنهم لا مصلحة لهم أن يموت أبناؤهم من اجلها.
وكانت تجربة الحربين الأفغانية والعراقية وسقوط آلاف القتلى في صفوف القوات الأمريكية من بين أهم أسباب الانسحاب العسكري الامريكي من هذين البلدين بعد أن خرجت عائلات الجنود الأمريكيين الى أمام البيت الأبيض ضاغطة لعودة أبنائهم من حروب خاسرة.
ولذلك فإن الدول الغربية إن هي قبلت الفكرة المصرية فإنها ستركز فقط على تقديم المساعدات اللوجيستية في حال قبلت مصر أو دول أخرى إرسال قوات بشرية عنها الى المستنقع الليبي.
وحتى وان سلمنا أن مصر ستقبل بمثل هذا الطرح فان الإشكالية التي ستواجهها تبقى دون شك مدى جاهزية وحدات جيشها النظامي المتمرس على الحرب الكلاسيكية في مواجهة عناصر تنظيمات مسلحة تتحرك ضمن مجموعات صغيرة تظهر وتختفي تنفذ عملياتها دون أن تترك أثرا لها.
وهي الإشكالية التي تواجهها وحدات الجيش المالي في شمال هذا البلد وكذا القوات النيجيرية وفي مواجهة عناصر تنظيم "بوكو حرام" وكل التنظيمات الأخرى التي تعتمد على حرب العصابات بالنظر الى عدم تكافؤ القوة بينها وبين الجيوش النظامية.
كما أن رفض دول الجوار لفكرة التدخل العسكري في ليبيا يبقى عاملا آخر يعيق كل تفكير في تبني مثل هذا الخيار لما له من انعكاسات سلبية على امن هذه الدول والتي تدفع حاليا ثمن تدخل حلف "الناتو" ضد النظام الليبي السابق.
وهي كلها عوامل أخذتها الدول الغربية في حساباتها لتقييم الوضع، وأكدت عليها في بيان مشترك وقعته الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا واسبانيا أكدت جميعها أنها تعمل من اجل تغليب  خيار"حل سياسي" للنزاع في ليبيا.
واعتبر بيان القوى الغربية أن تشكيل حكومة وحدة وطنية ليبية يبقى أمل كل الليبيين مما جعلها تضغط على مختلف الفرقاء اللبيبين من اجل تعجيل التوصل الى توافقات سياسية لإعادة بناء مؤسسات الدولة الليبية المنهارة وبعثها من جديد.
وتكون السلطات المصرية قد أحست بدرجة الخذلان التي خلفها مضمون هذا البيان على مساعيها الى الحد الذي جعل بدر عبد العاطي الناطق باسم الخارجية المصرية  يطالب الدول الغربية بعدم انتهاج سياسة الكيل بمكيالين في التعامل مع تنظيم "داعش" في إشارة الى قرار هذه الدول محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا وتجاهلها في ليبيا.
وهي القناعة التي خلص إليها سامح شكري وزير الخارجية المصري بعد اللقاءات التي جمعته بسفراء الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي واكتفى بالقول انه يأمل في أن ترفع الأمم المتحدة حظرها على تسليم أسلحة لـ"الحكومة الشرعية" في ليبيا تلميحا الى حكومة الوزير الأول عبد الله الثني التي دعمت الموقف المصري وساعدت سلاح طيرانه على ضرب أهداف الدولة الإسلامية في مدينة سرت قبل ثلاثة أيام.