على خلفية تباين مواقفهما بخصوص ما يجري في ليبيا

العلاقات بين القاهرة والدوحة تعود إلى نقطة الصفر

العلاقات بين القاهرة والدوحة تعود إلى نقطة الصفر
  • القراءات: 656
م. مرشدي م. مرشدي
تدهورت العلاقة بين مصر وقطر بشكل مفاجئ نهاية الأسبوع، الى الحد الذي جعل الدوحة تستدعي سفيرها في القاهرة لـ"التشاور" على خلفية القصف الجوي المصري على مدينة سيرت وعلى خلفية عملية الاغتيال التي أودت بحياة 21 مصريا ذبحا بمدينة سيرت الليبية كانوا اختطفوا الشهر الماضي في ظروف غامضة.
وكانت السلطات القطرية انتقدت خلال اجتماع للجامعة العربية التدخل العسكري المصري الذي نفذته القاهرة "دون العودة الى أعضاء الجامعة العربية الآخرين" وهو الموقف الذي كان كافيا لأن يصب الزيت على نار العلاقة المتوترة بين البلدين وجعلت ممثل مصر الدائم في الهيئة العربية يتهم الدوحة دون مواربة بدعم الإرهاب في تلميح واضح الى تنظيم "الدولة الإسلامية" في ليبيا.
وعلى نقيض المرات السابقة فقد انحازت دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى الى جانب الدوحة في رفض واضح لما أسمته الاتهامات "غير المؤسسة" للقاهرة.
وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، على هامش اجتماع مجلس التعاون الخليجي ان اتهامات السلطات المصرية تجاه دولة قطر "غير مؤسسة".
يذكر أن العلاقات المصرية ـ القطرية تدهورت إلى حد القطيعة النهائية منذ قرابة عامين بعد قرار الجيش المصري عزل الرئيس السابق محمد مرسي، شهر جويلية 2013 وإدراج حركة الإخوان المسلمين في قائمة التنظيمات الإرهابية وهي التي تحظى بدعم من السلطات القطرية.
وبلغت درجة التوتر قمتها الى غاية تدخل العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله، لإعادة هذه العلاقات الى طبيعتها مع دولة تعتبرها دول مجلس التعاون الخليجي محورية في منطقة الشرق الأوسط وعقد لأجلها قمة بالعاصمة الرياض شهر ديسمبر الماضي، مكنت من رأب الصدع وإعادة الدفء الى علاقة القاهرة والدوحة بعودة سفريهما الى البلدين.
وبرز الخلاف ثانية قبل يومين عندما راحت الدبلوماسية المصرية تروج لفكرة التدخل العسكري الدولي في ليبيا وهو ما عارضته الدوحة وأكدت أن ذلك سيؤدي الى تعميق الأزمة بدلا من تسويتها.
وحتى فكرة رفع الحظر على تزويد الحكومة الليبية التي يقودها عبد الله الثني لم تلق هي الأخرى الإجماع لدى الكثير من الدول بما فيها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن عندما أكدت روسيا تحفظاتها في الفكرة بمبرر مخاوفها من احتمالات متزايدة لوقوع تلك الأسلحة بين أيدي أشخاص لا يستحقونها وقد تتحول الى وبال على السلطات الليبية نفسها.
وهو الموقف الذي دعته الولايات المتحدة وبريطانيا اللتان أكدتا من جهتهما أنهما يفضلان الحل السياسي على كل خيار للقيام بتدخل عسكري وبقناعة أن فرص نجاح المساعي الدبلوماسية الأممية في إقناع الأطراف بتشكيل حكومة وحدة وطنية مازالت قائمة.
وقد شجع على تغليب هذه المقاربة التقرير الذي قدمه المبعوث الاممي الى ليبيا الايطالي برناردينو ليون، الذي قال انه يأمل في التوصل "قريبا" الى اتفاق سياسي بين الفرقاء الليبيين وهو الموقف الذي رحبت به الجزائر وتونس اللتين تعتقدان من جهتهما أن كل عمل عسكري في ليبيا سيؤدي الى حدوث انزلاق لا احد بإمكانه التكهن بنهايته. 
ويمكن القول أن الدول الكبرى التي كانت المبادرة بانهيار الدولة الليبية قبل أربع سنوات عندما قررت الإطاحة بنظامها السابق أدركت خطورة القيام بتدخل عسكري آخر على بلد فقد مقومات الدولة المتعارف عليها في ظل الانتحار القائم بين سلطتي حكومة وبرلمان طبرق وحكومة وبرلمان العاصمة طرابلس، بالإضافة الى مليشيات تتنازع السيطرة على مختلف مناطق البلاد وخاصة الإستراتجية منها والغنية بالنفط في موانئ تصدير في الشمال وحقول النفط في الجنوب والمعابر الحدودية مع دول الجوار.
كما أن بروز تنظيم الدولة الإسلامية في هذا البلد زاد من مخاوف الدول الغربية الخوض في مغامرة عسكرية لا يمكنهم توقع تبعاتها على قوات بلدانهم.
وإذا أخذنا بنتائج جلسة مجلس الأمن الدولي فإن المجموعة الدولية مطالبة الآن بأن تلقي بثقلها الدبلوماسي كل من جهته من اجل إقناع أطراف الأزمة الليبية على إيجاد سلطة مركزية نوافقية لأنها السبيل الوحيد أمام المجموعة الدولية للتعاطي معها وبدونها فإن الأمر سيكون مشتتا بين هذا الجناح أو ذاك ولن يزيد ذلك الى في تأجيج الصراع بين فرقاء احتكموا الى القوة العسكرية وجعل الشعب الليبي يدفع الثمن غاليا.