بعد اعتراف ترامب بـ«يهودية” هضبة الجولان

العرب يتجرعون نكسات حرب جوان 1967

العرب يتجرعون نكسات حرب جوان 1967
  • القراءات: 424
م. م م. م

لم تخرج مواقف الدول العربية والإسلامية ودول العالم الأخرى بخصوص اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السوري عن دائرة التنديد الذي لن يجدي نفعا أمام أمر واقع أعاد تكرار ما أقدم عليه الرئيس الامريكي شهر ديسمبر من العام الماضي عندما اعترف بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي.

فمن دمشق إلى الرياض والمنامة والكويت وصولا إلى القاهرة ومرورا بطهران وأنقرة ونيويورك، حيث مقر الأمم المتحدة، لم تخرج مواقف سلطات هذه الدول عن دائرة التنديد واتهام الولايات المتحدة بالرضوخ لضغوطات اللوبي اليهودي المتغلغل في دواليب مختلف الهيئات الرسمية الأمريكية خدمة لمصالح الدولة العبرية.

والمؤكد أن هذه المواقف لن تغير في المعطى الميداني شيئا على اعتبار أن الرئيس الامريكي لم يقم سوى بترسيم واقع مفروض منذ التاسع جوان 1967 عندما تمكنت القوات الإسرائيلية خلال نكبة جوان من ابتلاع أراضي سيناء والصفة الغربية وأغوار الأردن وهضبة الجولان ضمن أكبر انتكاسة تمنى بها الدول العربية أمام كيان صهيوني مدعوم من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

وهو ما يؤكد أن المواقف الدولية الرافضة لقرار الرئيس الامريكي إنما أملتها الأعراف الدبلوماسية ومصالح كل دولة من هذا القرار.

ولم يكن من الصدفة أن يختار الرئيس الامريكي موعد زيارة الوزير الأول الإسرائيلي إلى واشنطن واستقباله في البيت الأبيض ليعلن عن قرار شاذ لن يزيد الوضع إلا تشنجا وتوترا إضافيا في منطقة لم تعد تحتمل المزيد من اللاأمن واللااستقرار.

ولم يكن من الصدفة أيضا أن يكون الإعلان عن هذا القرار في وقت أعطى فيه نتانياهو أوامره بشن غارات جوية ضد قطاع غزة ليسارع الرئيس الامريكي إلى القول أنه مع حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضمن موقف آخر صب من خلاله الزيت على نار متأججة.

وحتى توقيت زيارة الوزير الأول الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة ضبط بكيفية تخدم اليمين المتطرف وتدعم حظوظ نتانياهو وحزبه في الفوز بأكبر قدر من مقاعد الكنيست في التاسع من الشهر القادم.

وقد جاء اعتراف الرئيس الامريكي بيهودية هضبة الجولان وتأييده الغارات على قطاع غزة سوى دعم مبطن لهذا الأخير لكسب المزيد من أصوات ناخبي اليمين المتطرف لصالح حزب الليكود الذي فقد شعبيته بسبب الفضائح الأخلاقية والارتشاء التي تلاحق نتانياهو.

ورغم أن الأمم المتحدة ومختلف العواصم سارعت إلى رفض القرار الامريكي وأكدت عدم اعترافها به وأعادت التأكيد على موقفها  المبدئي، اعتبار أرض الجولان والضفة الغربية أراض عربية إلا أنها في الواقع  لن تقدر على فعل أي شيء لاستعادة هذه الأرض الا من خلال  تغير معطيات الواقع الحالي يتحول العرب من خلاله إلى قوة ضاغطة على الادارة الأمريكية تماما كما يفعل اللوبي اليهودي الآن في الولايات المتحدة لتمرير كل المخططات الإسرائيلية لتكريس نظرية إسرائيل الكبرى التي تريد تجسيدها وفق نظيرة الخطوة ـ الخطوة.

واستغلت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ سنة 1948 الهوان العربي وتشتت مواقف الدول العربية وخاصة تلك التي توهم نفسها بان إسرائيل تريد السلام مع العرب،أو تلك التي تعتقد  ان الولايات المتحدة يمكن أن تكون حليفا استراتيجيا لها من اجل تكريس واقعها الاستيطاني الذي يكاد يجسد الحلم الذي جاء به وعد بلفور سنة 1917.