بعد إقالة حكومة عبد المهدي والحكم بإعدام ضابط في الشرطة

العراقيون يرفضون التراجع ويطالبون بالمزيد،،،

العراقيون يرفضون التراجع ويطالبون بالمزيد،،،
  • القراءات: 492
م. مرشدي م. مرشدي

وافق نواب البرلمان العراقي، أمس، على طلب استقالة رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي وحكومته في أول خطوة لتهدئة شارع عراقي ثائر منذ الفاتح أكتوبر، ضمن حراك غير مسبوق خلف إلى حد الآن مقتل 432 شخصا و19 ألف جريح.

وأخطر رئيس البرلمان الرئيس العراقي برهم صالح بهذه التطورات من أجل اختيار شخصية لتشكيل حكومة جديدة وسط تساؤلات على من يقع الاختيار للاضطلاع بذلك والأكثر من ذلك من يقبل بمثل هذه المهمة الانتحارية، وخاصة بعد أن قابل المتظاهرون أسماء شخصيات تم تسريبها في ساحة التحرير في قلب العاصمة بغداد أمس، برفض قاطع.

وسبق لعبد المهدي أن أعلن نيته تقديم استقالته نهار الجمعة قبل ترسيمها مباشرة أمس، بعد دعوة المرجع الشيعي الأعلى، آية الله علي السيستاني مجلس النواب العراقي لعقد جلسة طارئة لتسريع تنحية الوزير الأول واختيار آخر لتشكيل حكومة جديدة.

وجاء قرار إنهاء مهمة عادل عبد المهدي عاما بعد تنصيبه رئيسا للوزراء وفي نفس اليوم الذي تم فيه إصدار أول حكم بالإعدام في حق ضابط في الشرطة العراقية اتهم بقتل متظاهرين اثنين وإنزال عقوبة سبع سنوات سجنا نافذا في حق عقيد في الشرطة وجهت له نفس التهمة بعد أن رفعت عائلتا القتيلين دعوى قضائية ضدهما  بقتل ذويهما في مظاهرات شهدتها مدينة الكوت إلى الجنوب من العاصمة العراقية في الثاني من الشهر الماضي.

ويندرج قرار مجلس النواب العراقي والأحكام القاسية التي صدرت في حق ضابطي الشرطة وإعلان آية الله علي السيستاني دعمه للحراك الشعبي ضمن مساعي السلطات العراقية تهدئة الشارع العراقي وامتصاص درجة غضبه المتزايدة من يوم إلى آخر، ومعه عدد قتلى عمليات إطلاق الرصاص الحي ضد المحتجين.

ولكن هل تنجح خطة السلطات العراقية لاستعادة الأمن المفقود بعد أن فشلت في إقناع المتظاهرين بوعودها المتلاحقة لتحسين ظروف معيشتهم وتوفير مناصب الشغل لهم وإنهاء معاناتهم مع الانقطاعات المتكررة للماء والتيار الكهربائي.

ولكن تلك الوعود تجاوزتها الأحداث مع مرور كل يوم من عمر المسيرات الاحتجاجية وأصبحت غير ذات معنى بعد أن رفع المحتجون من سقف مطالبهم وراحوا يصرون على رحيل كل وجوه الطبقة السياسية العراقية التي حمّلوها مسؤولية مباشرة في بقاء الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية على حالها، بل وازدادت تدهورا في ظل استفحال ظاهرة تعاطي الرشوة في أعلى مستويات المسؤولية في مختلف الإدارات العراقية.

سؤال يطرح، وقد توسع نطاق المظاهرات إلى مناطق الشمال السني التي بقيت إلى غاية نهاية الأسبوع الماضي بعيدة عن هذا الحراك، وهو ما يؤكد عمق الأزمة الداخلية وأن حلها لن يتم أبدا من مجرد استقالة وزير أول أو إنزال عقوبة إعدام في حق ضابط شرطة أو إنهاء مهام مسؤولين محليين، ولأن جوهر الأزمة مازال بعيدا عن آليات التسوية والحلول التي يقبل بها المتظاهرون الذين وضعوا هذه المرة عرقياتهم ومذاهبهم الطائفية جانبا وقالوا إنهم خرجوا من أجل إنقاذ الوطن الأم والشعب الواحد.

ويشكل موقف المتظاهرين الشيعة والسنة على السواء تحولا جذريا في قناعات العراقيين بما يرشح الأوضاع لأن تشهد تصعيدا قادما بعد مقتل متظاهر آخر أمس، وسط شعارات رفعها المحتجون أكدوا من خلالها أن رحيل الحكومة ما هو إلا مجرد خطوة أولى على طريق الإطاحة بكل النظام الطائفي الذي فرضته إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش على العراقيين سنة 2003 والذي بدلا من أن يكون حلا نهائيا للأزمة السياسية في العراق، تحول إلى سبب في تعقد مشاكل هذا البلد.

ورفع المتظاهرون في العاصمة بغداد ومختلف المحافظات الأخرى أمس، بعد قبول استقالة الوزير الأول، شعار ”اليوم عادل عبد المهدي ويوم غد البرلمان وبعده الأحزاب وبعدهم جميعا، إيران”.

والمفارقة أن هذا الشعار رفع بشكل لافت في المحافظات الجنوبية التي تقطنها أغلبية شيعية وحيث توجد أكبر المزارات الدينية لهذه الطائفة في النجف وكربلاء.