قيام دولة فلسطين

السويد تورط فرنسا

السويد تورط فرنسا
  • القراءات: 702
و. عبد الله و. عبد الله
أكدت الحكومة الفرنسية أمس، على الضرورة الملحة لتسريع تجسيد "حل الدولتين" في فلسطين المحتلة، وانه يتعين على أساس ذلك الاعتراف بالدولة الفلسطينية "في وقت ما".
ويبدو منذ الوهلة الأولى أن الموقف فيه من الشجاعة ما يستدعي تثمينه والتنويه به لا لسبب إلا لأنه سار في نفس سياق الشرعية الدولية وكل اللوائح الأممية التي نصت على ذلك ولكنها بقيت حبرا على ورق.
ولكن عندما نعرف حقيقة الموقف الفرنسي الذي يمكن وصفه بـ«المتخاذل" يبطل كل عجب حول موقف كان على السلطات الفرنسية، أن تتخذه قبل نظيرتها السويدية التي أكدت أنها تستعد لاتخاذ موقف في هذا الاتجاه ورفعت مستوى التحدي إلى أقصاه عندما أكدت أن قرار الاعتراف بدولة فلسطين سيكون عبر مرسوم حكومي دون الحاجة الى تمريره على نواب البرلمان للمصادقة عليه.
ففرنسا كانت أول الدول التي ساعدت الجمعيات اليهودية والتنظيمات الصهيونية المتطرفة على احتلال فلسطين، وهي التي زودتها بأول مفاعل نووي وبأول الطائرات المقنبلة ضمن خطة لكسر الهيمنة البريطانية في منطقة الشرق الأوسط، ولكنها اقترفت من حيث لا تدري أفظع جريمة في حق الشعب الفلسطيني وكل الوطن العربي.
كما أن الموقف الفرنسي حمل من الغموض ما يجعل منه موقفا مبهما لا يحظى بالمصداقية اللازمة وخاصة وانه صدر من دولة عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، ولكنها انحرفت عن السياسة الخارجية التي رسمها الرئيس شارل ديغول، وفضلت السير في الركب الامريكي وما تمليه واشنطن بإيعاز اسرائيلي.
وهو ما يفسر عدم قدرة باريس على تحديد آجال للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقبل ذلك العمل على حلحلة الوضع "الجامد" في الشرق الأوسط والدفع بالأوضاع باتجاه تحقيق هذا المطلب الذي يصر عليه الفلسطينيون.
وإذا عملنا أن فكرة "قيام دولتين" فلسطينية وأخرى إسرائيلية كخيار أكثر عقلانية لإنهاء النزاع في المنطقة العربية، فكرة أمريكية أعلن عنها الرئيس جورج بوش، الابن وتعهد بتجسيدها قبل مغادرته البيت البيض ولكن نكث عهده قبل أن يتبناها خليفته الديمقراطي باراك اوباما، وتعهد هو الآخر بتكريسها عمليا ولكنه يوشك على مغادرة البيت الأبيض بعد عهدتين رئاسيتين دون أن يفي بتعهداته بخصوص إنهاء الصراع في منطقة الشرق الأوسط.
والمؤكد أن الخارجية الفرنسية، ما كان لتثير مثل هذه القضية المعقدة والتي تتجاوزها لولا أن السؤال طرح عليها حول موقفها من موقف نظيرتها السويدية التي أكدت أنها ستعترف بدولة فلسطين.
ولا يختلف اثنان في التأكيد على أن موقف الحكومة الفرنسية لن يخرج عن الخط العام الذي رسمته الولايات المتحدة، والتي سارعت للتأكيد من جهتها على موقف ستوكهولم، أن الإعلان عن قيام الدولتين أمر سابق لأوانه رغم أنها هي التي بادرت بالفكرة ولكنها تراجعت عنها بطريقة دبلوماسية بعد أن واجهت معارضة إسرائيلية شرسة جعلت كل الخطط الأمريكية لتحريك مسار السلام المجمد تصطدم بالمواقف المتعنتة لحكومات الاحتلال التي رفضت الإقرار بقيام دولة فلسطينية إلا وفق المواصفات والتصورات التي تفرضها هي.
وهو ما يفسر الانتقادات الحادة التي وجهتها للحكومة السويدية وبما يجعل من الآمال التي علقها هائل الفهوم، السفير الفلسطيني في باريس على السلطات الفرنسية مجرد آمال واهية مادامت إسرائيل لم تحقق كل خططها في ابتلاع الأراضي الفلسطينية، وتهويد القدس الشريف وتهجير مزيد من الفلسطينيين من أراضيهم الى غاية جعل الدولة الفلسطينية مجرد إقليم يفتقد لأدنى مواصفات الدولة الحديثة.