بعد مفاوضات عسيرة بين الجيش وقوى الحراك الشعبي

السودان يطوي صفحة حكم عدة عقود من حكم العسكر

السودان يطوي صفحة حكم عدة عقود من حكم العسكر
  • القراءات: 714
 م. م  م. م

وقع المجلس العسكري الانتقالي في السودان وقوى التغيير والحرية، أمس، على اتفاق تاريخي بخصوص مسودة الإعلان الدستوري، ضمن خطوة عملاقة لوضع السودان على سكة المرحلة الانتقالية والتي تمهد لإقامة أول نظام مدني يحكم هذا البلد منذ استقلاله سنة 1956.

وأكد محمد الحسن لبات، الذي لعب دور المسهل في هذه المفاوضات باسم الاتحاد الإفريقي وسيط الاتحاد الإفريقي، أن وفدي الجانبين توصلا إلى هذا الاتفاق بعد عدة أسابيع من المفاوضات العسيرة تخللتها أحداث دامية كادت أن تعصف بها وخاصة بعد مقتل ثمانية طلبة ثانويين نهاية الأسبوع الماضي بمدينة الأبيض عاصمة  ولاية شمال ـ كردفان من طرف قناصة مليشية مسلحة.

وأكد إبراهيم الأمين، العضو القيادي في حركة قوى التغيير والحرية، الذي شارك في مفاوضات اليومين الأخيرين أن الاتفاق شمل مختلف القضايا الحساسة العالقة وخاصة المسائل الأمنية واستقلالية العدالة وصلاحيات الحكومة القادمة والمجلس السيادي.

ويعد هذا الاتفاق ثاني اتفاق يتم بين قطبي المعادلة السياسية السودانية بعد اتفاق 17 جويلية الماضي الذي سمح للجانبين بوضع آليات تشكيل مجلس سيادي مشكل من خمسة مدنيين ومثلهم من العسكريين بالإضافة إلى مدني يتم اختياره بالتوافق بين الطرفين حيث أوكلت لهذا المجلس مهمة قيادة البلاد على مدى سنوات المرحلة الانتقالية الثلاثة رفقة برلمان انتقالي يتم انتخاب أعضائه لاحقا.

ورغم أن التوصل الى اتفاق أمس يعد خطوة كبيرة على طريق إعادة النظر في طبيعة النظام السوداني وقطع الصلة مع حكم سيطر عليه جنرالات الجيش وميزته انقلابات عسكرية متلاحقة إلا أن ذلك لم يمنع من بقاء بعض القضايا عالقة وتنتظر التسوية لاحقا وفي مقدمتها تحديد صلاحيات المجلس السيادي وإعادة نشر قوات الأمن وحصانة جنرالات الجيش الذين تورطوا في استعمال القوة بما فيها الرصاص الحي التي طالت المتظاهرين خلال هذا الحراك وخاصة أحداث الثالث جوان الماضي التي خلفت مقتل 128 متظاهرا.

وشهدت مختلف شوارع العاصمة الخرطوم وكبريات مدن البلاد خروج آلاف السودانيين ابتهاجا بهذا المكسب الهام الذي كلل حراكهم الشعبي ضد نظام الرئيس المخلوع عمر حسن البشير في مسيرات عبروا خلالها عن انتصار معركتهم السياسية السلمية ضد احد أقدم الأنظمة العسكرية في إفريقيا والعالم.

ورغم نشوة هذا الانتصار إلا أن المتظاهرين أصروا على ضرورة الانتقام لدماء ضحايا هذا الحراك السلمي الذين قتلوا في ظروف مازالت ملابساتها غامضة إلى حد الآن ومحاكمة كل من اقترن اسمه بعمليات إطلاق النار على المتظاهرين الـ 250 الذي لقوا مصرعهم منذ بدء الحراك في 18 ديسمبر الماضي.

وركز المتظاهرون في سياق هذا المطلب على الذين أطلقوا النار على المشاركين في الاعتصام الشعبي أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني يوم 3 جوان الماضي عندما فتح مسلحون النار عليهم مما خلف مقتل 128 متظاهرا ببرودة دم أكدت التحقيقات ضلوع  عناصر من مليشيات الدعم الشعبي السريع في قتل المعتصمين. يذكر أن النظام العسكري السوداني كان سببا مباشرا في انهياره عندما قرر رفع ثمن رغيف الخبز بثلاثة أضعاف منتصف شهر ديسمبر الماضي مما أدى إلى خروج آلاف السودانيين إلى شوارع كبريات مدن البلاد للمطالبة بإلغاء القرار ضمن قبضة لم يعرف الرئيس السوداني المخلوع ونظامه التعامل معها لتتحول من مجرد مطلب اجتماعي على علاقة مباشرة بالقدرة الشرائية الى ثورة شعبية رافضة لنظام بأكمله أدت في النهاية الى سقوطه في 11 أفريل الماضي.