بعد مقتل خمسة متظاهرين بالرصاص الحي

السودان..العودة إلى المربع الأول

السودان..العودة إلى المربع الأول
  • القراءات: 949
ق. د ق. د

تعفّنت الأوضاع في السودان بشكل مفاجئ أمس، بعد مقتل خمسة متظاهرين في مواجهات دامية اندلعت بين قوات الأمن  والمشاركين في مظاهرة مليونية  بالعاصمة الخرطوم، رافضة للانقلاب العسكري ضد الحكومة المدنية. وشهدت مختلف مدن البلاد خروج آلاف المتظاهرين في مسيرات  رافضة للأمر الواقع الذي يسعى الجنرال عبد الفتاح البرهان فرضه  برفض إعادة الحكومة السابقة بقيادة عبد الله حمدوك الموجود رهن الإقامة الجبرية.    

وانطلقت مسيرة العاصمة الخرطوم بشكل عاد قبل أن تنقلب الأمور فجأة بعد لجوء تعزيزات قوات الأمن إلى استعمال القنابل المسيلة للدموع ثم الرصاص الحي ضد المتظاهرين مما خلّف مقتل 5 أشخاص وعشرات المصابين، ضمن حصيلة مرشحة للارتفاع في ظل اشتداد القبضة بين المحتجين وقوات الأمن. وقتل منذ الانقلاب العسكري الذي نفذه الجنرال عبد الفتاح البرهان، ضد الجناح المدني في السلطة السودانية اكثر من 20 شخصا  و300 مصاب ضمن انزلاق عسكري قد يعيد هذا البلد إلى المربع الأول الذي عرفه بعد الإطاحة بنظام الرئيس السوداني عمر حسن البشير، ومئات الاعتقالات التي طالت مسؤولين حكوميين ورافضين للأمر الواقع العسكري. وتجددت المظاهرات الاحتجاجية الرافضة للحكم العسكري بالعاصمة الخرطوم وبأم درمان وشمال الخرطوم، وتوسعت إلى مناطق أخرى رغم القيود والإجراءات التضييقية التي فرضتها القوات الأمنية لمنع هذه المظاهرات المستمرة منذ 25 أكتوبر، تاريخ انفراد الجيش بالسلطة في السودان.

ورغم الدعوات الدولية بضبط النفس وعدم قمع الاحتجاجات الا أن قوات الأمن استخدمت الرصاص الحي الى جانب قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق آلاف المحتجين مما أدى إلى تسجيل الحصيلة المذكورة ضمن تطور خطير سيزيد في تعقيد الوضع المتأزم في السودان. ولبى المحتجون دعوات أطلقتها عدة جهات معارضة للخروج في مظاهرات حاشدة تحت عنوان "مليونية 13 نوفمبر" لرفض الحكم العسكري والمطالبة برحيل قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وعودة الحكومة المعزولة بقيادة عبد الله حمدوك، الذي لا يزال رهن الاقامة الجبرية بمنزله في الخرطوم. ومنذ الساعات الأولى من فجر أمس، أغلقت القوات الأمنية جميع الجسور في وجه المحتجين خاصة تلك الرابطة بين مدن العاصمة الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان بالحواجز الإسمنتية والأسلاك الشائكة. وفرضت إجراءات أمنية مشددة نشرت على إثرها قوات مدججة بالسلاح، فيما أبقت 3 جسور مفتوحة بما صعب بل وجعل التنقل بين العاصمة وضواحيها أمرا شبه مستحيل.

وتوسعت رقعة الاحتجاجات الى عدة مدن أخرى في البلاد، من بينها بور السودان في الشرق في مشهد دحض ضمنيا مزاعم السلطة العسكرية، بأن قرارات البرهان تحظى بدعم شارع سوداني تشير كل التقارير الاعلامية انه لم يتوقف عن الاحتجاج منذ 25 أكتوبر الماضي. وشكل يوم أمس، امتحانا عصيبا ليس فقط للمحتجين الذين تحدوا قوات الأمن وأصروا على مواصلة تصعيدهم الى غاية تلبية مطالبهم، بل أيضا للسلطات العسكرية الحاكمة التي تتواجد تحت ضغط دولي متزايد خاصة فيما يتعلق بدعوات ضبط النفس في مواجهة المتظاهرين. وتأتي هذه الاحتجاجات يومين بعد قرارات أحادية الجانب اتخذها البرهان، الذي أعاد تنصيب مجلس سيادة جديد برئاسته يضم في عضويته عددا من العسكريين والمدنيين. وواصل البرهان، صم آذانه أمام شارع سوداني رافض لحكمه العسكري، وأمام نداءات المجموعة الدولية بالعودة الى المسار الانتقالي الذي كان ساريا قبل تاريخ 25 أكتوبر الماضي، والمحذّرة من مغبة احتدام القبضة اكثر بين المؤسسة العسكرية والشارع الرافض لحكم هذه الأخيرة.