في اتفاق مفاجئ قد يكون بداية ـ نهاية الحرب في ليبيا

السراج وصالح يوقفان الحرب ويدعوان إلى انتخابات عامة ورئاسية

السراج وصالح يوقفان الحرب ويدعوان إلى انتخابات عامة ورئاسية
  • القراءات: 591
م. مرشدي م. مرشدي

وفاجأ البيانان كل المتتبعين للملف الليبي بالنظر إلى السياق الزمني الذي جاءا فيه والسياق العسكري القائم في هذا البلد والجمود الذي يعرفه مسار التسوية السياسية لأزمة فشلت كل المبادرات الأممية والإقليمية في احتوائها بسبب تباين مواقف أطرافها  وخاصة بعد دخول قوى أجنبية على مسارها مما حال دون وضع حد لها.

ويجهل إلى حد الآن السياق الذي جعل السراج وصالح يعلنان عن هذا الاتفاق الذي يبقى خطوة عملاقة على طريق وضع حد للمأساة الليبية، وما اذا كان ذلك محصلة اتصالات سرية بين الرجلين ضمن قناعة، أن الأزمة ليبية ويتعين حلها من طرف الليبيين، أم أنها تطورات جاءت بإيعاز من قوى دولية  تورطت في المستنقع الليبي ورأت في إنهاء الحرب وسيلة لتفادي مواجهة عسكرية مفتوحة على كل الاحتمالات الكارثية على ليبيا وكل المنطقة؟.

ويبقى الاحتمال الثاني أكثر صدقية انطلاقا من تجارب سابقة ضعي خلالها فرقاء الحرب من الليبيين فرصا عديدة لإنهاء الخلافات بينهم عبر حل ليبي ـ ليبي وراح كل فريق يحتمي بقوى أجنبية موالية، عملت على مدى عقد من الزمن على تأجيج الحرب بالأموال ثم بالأسلحة وأخيرا بالمرتزقة ضمن ثالوث جعل إمكانية التوصل إلى حل أشبه بالمستحيل إلى غاية أمس حيث تم الإعلان عن هذا الاتفاق.

ورغم أن الموقف يستدعي تغليب التفاؤل من هذه المبادرة على كل تفكير تشاؤمي إلا أن ذلك لا يمنع من التساؤل عن قدرة نقيضي الحرب في ليبيا على إيصال سفينة بلادهم إلى بر الأمان بعد سنوات من بحر متلاطمة أمواجه ؟

ويطرح هذا التساؤل لمجرد التمعن في مضمون بيان السراج وصالح فالأول تحدث عن مناطق منزوعة السلاح في سيرت وقاعدة الجفرة بينما تجاهل الثاني ذلك. كما حدد فايز السراج شهر مارس القادم لتنظيم الانتخابات العامة والرئاسية بينما لم يشر عقيلة صالح لا من بعيد ولا من قريب  إلى مثل هذا التاريخ الهام في تحديد الاطار العام لكل خارطة طريق للخروج من أي مازق سياسي. والأكثر من ذلك أن رئيس برلمان طبرق المحسوب في جزء منه على اللواء، خليفة حفتر  أشار إلى حكومة جديدة على انقاض الحكومة الحالية التي يترأسها فايز السراج ، فضل هذا الأخير تجاهل الإشارة إلى مثل هذه النقطة بالذات تماما كما تجاهل الإشارة إلى فكرة جعل مدينة سيرت العاصمة الإدارية لليبيا بدلا من مدينة طرابلس العاصمة التاريخية لهذا البلد.

والمفارقة أن البيانين المنفصلين لم يشيرا صراحة ولا تلميحا إلى مكان اللواء خليفة حفتر في كل هذه الترتيبات ومستقبله في ظلها وهو الذي كان الرقم المحوري في أية ترتيبات قادمة في ليبيا، جعلت منه الآمر الناهي لكل تحرك في ليبيا بفضل الجيش الوطني الليبي الذي يقوده وجعل منه ذراعه العسكرية التي يريد فرض مخططاته في ليبيا ، إلى غاية اندحار قواته في قاعدة الوطية في غرب العاصمة طرابلس في أول انتكاسة ميدانية لقواته.

فهل فرضت التحركات الدبلوماسية التي شهدتها ليبيا في الأيام الأخيرة مثل هذا التقارب وخاصة بعد زيارة وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس إلى طرابلس والذي نقل إلى المسؤولين الليبيين رغبة بلاده في حلحلة الوضع لتجسيد مخرجات ندوة برلين، في نفس اليوم الذي وصل فيه وزيرا الدفاع القطري والتركي؟   

وهي كلها نقاط ظل بقيت دون تنوير وجعلت الغموض يكتنف السياق الذي تم فيه التوصل إلى مثل هذا الاتفاق الأول من نوعه منذ اندحار قوات خليفة حفتر في غرب ليبيا وفشل هجومه للسيطرة على العاصمة طرابلس في الرابع أفريل من العام الماضي.

وحتى بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، التي تبقى أهم همزة وصل بين فرقاء الحرب في هذا البلد لم تشر لا من بعيد ولا من قريب إلى تفاصيل الاتفاق واكتفت  في بيان أصدرته بـ" الترحيب بقوة بالتفاهم الحاصل في موقفي فايز السراج وعقيلة صالح وطالبت بوقف اطلاق النار  تمهيدا لاستئناف المفاوضات السياسية.

ورحبت ستيفاني وليامز الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة  بالنيابة  في ليبيا بإعلان وقف فوري لإطلاق النار وتفعيل العملية السياسية واصفة ذلك بالقرار الشجاع الذي تبقى ليبيا في امس الحاجة إليه في مثل هذه الظروف الصعبة، بنية التوصل إلى حل سياسي وسلمي للأزمة الليبية وتحقيق إرادة الشعب الليبي  في العيش بسلام وكرامة".

من جهتها، عبرت الجزائر من خلال وزارة الخارجية، أمس،  عن ترحيبها بالاتفاق الذي توصل إليه الفرقاء في ليبيا، والذي يطابق مقاربتها لإنهاء الأزمة الليبية التي طال أمدها.

كما رحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بهذا الاتفاق  الذي يعد ـ كما قال ـ خطوة هامة على طريق  تحقيق تسوية سياسية  واستعادة الاستقرار في ليبيا.