صراع المصالح يغذّي الأزمة الليبية

السراج تائه بين المقاربتين الفرنسية والإيطالية

السراج تائه بين المقاربتين الفرنسية والإيطالية
  • القراءات: 661
 م. مرشدي م. مرشدي

وجد المجلس الرئاسي في ليبيا نفسه محاصرا بين مقاربتين متعارضتين لإنهاء الأزمة الليبية، واحدة فرنسية تصر على أولوية إجراء انتخابات لإعطاء الشرعية للهيئات الرسمية في البلاد، وثانية إيطالية تصر من جهتها على تغليب خيار تسوية الأوضاع الأمنية واستعادة الأمن كمرحلة أولى تمهيدا لإجراء انتخابات في ظل الطمأنينة والهدوء.

ويبدو أن الأمور اختلطت على فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي في طرابلس المعترف به دوليا بعد أن تعددت المبادرات الدولية الداعية إلى إنهاء الأزمة المتشعبة في بلاده بعد أن خرجت عن إطارها الداخلي وأصبحت محل صراع معلن وخفي بين قوى دولية وإقليمية، التي بدلا من المساهمة في إنهاء معاناة الشعب الليبي المتواصلة منذ سبع سنوات زادتها تعقيدا وجعلت التوصل إلى تسوية سياسية للخلافات الداخلية أشبه بالمستحيل.

ويكمن مأزق السلطات الليبية، في العلاقات الجيدة التي تقيمها مع القوى الدولية المتناحرة حول سبل الانتفاع من خيرات ليبيا فهي لا تريد التفاضل بين فرنسا الدولة الراغبة في تسوية الأزمة وسعت إلى عقد ندوة باريس وبين إيطاليا القوة الاستعمارية السابقة والتي استفاقت متأخرة لتأكيد دورها في أزمة هذا البلد سواء عبر بوابة العلاقات التاريخية بينهما أو بسبب القرب الجغرافي والعمق الاستراتيجي الذي تمثله ليبيا بالنسبة لإيطاليا.

ولأن قطع الصلة مع باريس صعب ومع روما أصعب لم يجد محمد السلاك، الناطق باسم فائز السراج،  سوى إلقاء كرة هذا التجاذب على عامة الليبيين الذين قال إنهم وحدهم الذين يقررون موعد الانتخابات ومسارها وموعدها.

وهي طريقة ذكية للتملص من حجم الضغوط التي غذّاها الصراع الفرنسي ـ الإيطالي ولكنها محاولة ستدخل ليبيا في متاهة كيفية تمكين الشعب الليبي من قول كلمته ورسم مستقبله، والتي عادة ما تتم عبر تنظيم استفتاء شعبي لحسم القضايا المصيرية في أية دولة.

وعندما نعلم أن تخيير الشعب الليبي في مسألة الانتخابات وموعدها يستدعي تنظيم استفتاء فإننا نعود إلى نقطة الصفر حول من يضمن تنظيم هذا الاستفتاء في ظل التجاذبات والتطاحن السياسي القائم بين مختلف السلطات في ليبيا وتكرس حالة عدم الاستقرار الأمني. وهي إشكالية تطرح إذا علمنا أن السلطات الليبية عجزت عن تنظيم استفتاء حول دستور جديد للبلاد والذي على أساسه سيتم تحديد الإطار القانوني لتنظيم المواعيد الانتخابية الأخرى.      

وشدد السلاك، التأكيد على أن  فايز السراج، دعا الأطراف الموقعة على إعلان باريس إلى تحمل مسؤوليتها وأن تلتزم باستحقاقاتها، وهو أشبه بنداء نجدة باتجاه هذه الدول من اجل التحرك لتغليب المقاربة الفرنسية.

واتفقت الأطراف الليبية خلال مؤتمر باريس نهاية ماي الماضي، على تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية في العاشر ديسمبر القادم، كضمان لاستعادة الأمن المفقود قبل أن تتحرك الآلة الدبلوماسية الايطالية ضمن مسعى لإجهاض التحركات الفرنسية وجعل فايز السراج حائرا إلى أي جدار يسند ظهره وهو الذي عجز منذ تعيينه نهاية سنة 2105 من بسط سلطان حكومته على كل مناطق البلاد.