تعزيزات عسكرية مغربية في كبريات المدن الصحراوية

الرباط تدق طبول الحرب بعد أن استشعرت بطلان ادعاءاتها

الرباط تدق طبول الحرب بعد أن استشعرت بطلان ادعاءاتها
  • القراءات: 2503
❊م. مرشدي ❊م. مرشدي

يترقب المواطنون الصحراويون في مختلف المدن المحتلّة موعد تقديم الأمين العام الأممي انطونيو غوتيريس، تقريره الدوري أمام مجلس الأمن الدولي وسط مخاوف من احتمال تحول مدنهم إلى حمام دم بسبب النزعة الانتقامية التي بدأ المخزن يلوح بها ضدهم، وسط تعزيزات عسكرية استفاقوا عليها صباح أمس، وسط دهشة وحيرة غير مسبوقة.

ولاحظ مواطنون صحراويون من قاطني كبريات المدن الصحراوية المحتلّة صباح أمس، تحول مدنهم إلى أشبه بثكنات مفتوحة بعد أن احتلت المدرعات والعربات العسكرية وتعزيزات قوات الجيش المحاور الكبرى لمختلف شوارعها في تصرف استباقي مخافة خروج الصحراويين في مسيرات غضب رافضة للاحتلال بمناسبة تقديم انطونيو غوتيريس، لتقريره أمام الهيئة الأممية.

وعكس مثل هذا التصرف غير المبرر درجة الهستيريا التي انتابت السلطات المغربية خلال اليومين الماضيين، بلغت درجة الهذيان وهي تترقب مضمون التقرير الذي سيقدمه الأمين العام للأمم المتحدة أمام أعضاء مجلس الأمن بناء على الخلاصات والاستنتاجات التي انتهى إليها مبعوثه الخاص إلى الصحراء الغربية الرئيس الألماني الأسبق هورست كوهلر، من خلال جولته إلى المنطقة والحادثات التي أجراها مع مختلف أطراف النزاع.

ويتأكد من خلال التحركات المغربية المريبة أن الرباط استشعرت أن التقرير لن يكون في صالحها وهو ما جعلها تستبق الأحداث من خلال إجراءات ردعية لتخويف الصحراويين الذين يكونون قد اعدوا لذلك الموعد بمظاهرات رافضة لمنطق الاحتلال المفروض عليهم.

وهو ما جعل مختلف الصحف المغربية تروج لفكرة «اليد الحديدية» التي تعتزم السلطات المغربية التعامل وفقها مع «أي استفزازات جديدة محتملة»، وهو منطق تخويفي شرع المخزن في الترويج له لثني السكان الصحراويين عن كل فكرة لإسماع صوتهم لأعضاء مجلس الأمن وكل العالم أنهم يريدون الإنعتاق من استعمار كتم أنفاسهم بقوة الحديد والنار لأكثر من أربعة عقود.

وزعمت دوائر الدعاية المغربية أن هذه التحركات العسكرية جاءت للرد على تحركات عسكرية صحراوية في منطقة الكركرات العازلة بين الأراضي الصحراوية المحررة والأراضي الصحراوية المحتلّة من طرف المغرب، ولمنع جبهة البوليزاريو من القيام بأي تغيير للوضع القائم في مناطق بئر لحلو والمحبس وبوجدور الواقعة إلى شرق جدار العار الذي يقسم الأراضي الصحراوية بين محتلّة ومحررة.

وبعث عمر هلال، السفير المغربي في الأمم المتحدة، برسالة إلى رئيس مجلس الأمن غوستافو ميازا كوادرا في هذا الاتجاه زعم من خلالها أن تغيير أي بنية مدنية أو عسكرية أو إدارية أو أيا كانت طبيعتها للبوليزاريو إلى شرق جدار العار فإن ذلك يشكل «عملا مؤديا إلى الحرب»، في نفس سياق تصريحات تصعيدية أدلى بها وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت، الذي زعم هو الآخر أن بلاده «لن تسمح بتغيير المعطيات على الأرض في الصحراء بأي وجه كان، وأنها لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام اعتداءات تستهدف تغيير وضع قائم».

وهي ادعاءات سارع محمد خداد، المنسق الصحراوي مع بعثة الأمم المتحدة إلى دحضها أمس، مؤكدا أن تصريحات المسؤولين المغربيين عكست حقيقة محدودية الخيارات التي مازالت أمام المخزن المغربي الذي لم يبق أمامه سوى الخضوع للشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن، التي أكدت على حق الشعب الصحراوي في تصفية الاستعمار وتقرير المصير، وهي كلها عوامل»حاصرت المحتل المغربي ودفعته لتحويل الأنظار عن هزائمه المتتالية» من خلال افتعال أحداث غير موجودة في الواقع.

وكان وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، أعطى الاعتقاد بعد اجتماع  «طارئ» من نواب لجنتي الدفاع والخارجية بالبرلمان المغربي أن المنطقة مقبلة على حرب مفتوحة عندما زعم أن جبهة البوليزاريو بادرت بتحركات عسكرية في المنطقة العازلة من أجل زعزعة الاستقرار العام.

وقال المسؤول الصحراوي، إن قوة الواقع الصحراوي وصلابة الموقف الإفريقي وقرارات المحكمة الأوروبية وتوجهات الأمين العام للأمم المتحدة، وجدية مبعوثه الشخصي في تطبيق قرارات الأمم المتحدة، والدفع الفعلي نحو الحل المحدد بوضوح في منطوق قرار مجلس الأمن الدولي 2351، المؤكد على حق الشعب الصحراوي في تصفية الاستعمار وتقرير المصير،»حاصرت المحتل المغربي وضيقت عليه الخناق.

وأضاف خداد، أن هذه الوضعية دفعت بالمغرب إلى محاولة أخيرة للتملص من مسؤولياته من خلال افتعال ادعاءات جوفاء لا أساس لها، وخلق حالة من الضوضاء هدفها الأساسي تحويل أنظار الرأي الداخلي المغربي عن سلسلة الهزائم الدبلوماسية المتلاحقة التي يتلقاها تباعا على طريق إنهاء احتلاله للصحراء الغربية».

ومهما يكن فهل يحق للمغرب أن يدّعي خرق اتفاق وقف إطلاق النار، وهو الذي طرد المكون العسكري والمدني لبعثة الأمم المتحدة «مينورسو» إلى الصحراء الغربية ورفض عودتهم وهم الذين لهم صلاحية السهر على مدى احترام هذا الاتفاق، وتحديد ما إذا كان هناك خرق لوقف إطلاق النار أو بوجود تحركات عسكرية من هذا الطرف أو ذاك.

ويتأكد أن المغرب لم يجد ما يدافع به عن مقاربة الضم القسرية للأراضي الصحراوية تحت طائلة خيار «الحكم الذاتي» سوى الترويج لهذه الأفكار التصعيدية خاصة وأن الأمين العام الأممي فضح مواقفه الرافضة لإرسال بعثة تقنية إلى منطقة الكركرات للوقوف على حقيقة ما جرى بشكل نزيه ومحايد.

وفضّلت الرباط بدلا عن ذلك دق طبول حرب تريد السلطات المغربية إحماءها قبل موعد انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي حول الصحراء الغربية، وهي طريقة مفضوحة اعتمدتها السلطات المغربية لتحويل الأنظار عن حقيقة الوضع في الصحراء الغربية، وطريقة ضغط مفضوحة على الأمين العام للأمم المتحدة التي تضمن تقريره مواقف أثارت انزعاج المغرب وجعلته يتقوقع في زاوية فقد فيها هامش المناورة الاستيطانية في آخر مستعمرة إفريقية.