على خلفية قرار المحكمة الأوروبية بعدم شرعية اتفاق الصيد

الرباط تتحدى الاتحاد بقطع الاتصالات

الرباط تتحدى الاتحاد بقطع الاتصالات
  • القراءات: 990
م. مرشدي م. مرشدي

اتخذت السلطات المغربية، نهاية الأسبوع، قرارا غير مبرر بقطع كل اتصالاتها مع دول الاتحاد الأوروبي، على خلفية قرار المحكمة الأوروبية بعدم شرعية اتفاق الصيد المبرم بين الجانبين دون أن تنتظر قرار المحكمة العليا الأوروبية في الطعن المرفوع لديها لإصدار الحكم النهائي في هذا الشأن. وأكد موقف الرباط المفاجئ أنها لم تعد ذلك الطفل المدلل الذي يفعل ما يشاء في نظر الدول الأوروبية التي تتفاعل معه في كل مرة وتلبي طلباته التعجيزية بما فيها استباحته حقوق المواطنين الصحراويين. ويتأكد من يوم لآخر أن ذلك العهد قد ولى أو هو في طريقه للزوال بعد أن أصبح الرأي العام الأوروبي وعدالته كلمة تقولها وموقف تدافع عنه في وجه حكومات غلبت مصالحها التجارية والاقتصادية على حساب مبادئ حقوق الإنسان ومختلف الحريات التي تتبناها ولكنها لا تجد حرجا في استباحتها بمنطق أن الأمر "قضية دولة".

وهو المعطى المستجد الذي لم تكن المملكة المغربية تتوقعه بعد أن حكمت المحكمة الأوروبية بعدم شرعية الاتفاق الفلاحي واتفاق الصيد الموقع مع الاتحاد الأوروبي قبل أن يقع حكم المحكمة كالصاعقة على رأس السلطات المغربية إلى الحد الذي جعل الرباط توقف "اتصالاتها مع الاتحاد الأوروبي" احتجاجا على قرار قضائي. ورغم تطمينات فديريكا موغريني رئيسة الدبلوماسية الأوروبية بحرص الدول الأوروبية على مواصلة التعاون بشكل كامل مع الرباط بمجرد إصدار المحكمة العليا الأوروبية حكمها في الطعن الذي رفعه الاتحاد الأوروبي ضد عدم شرعية الاتفاق الفلاحي إلا أن المغرب "ركب رأسه" بإلغاء الاتصال مع الاتحاد الأوروبي ضمن تصرف أبان من خلاله على درجة التخبط التي وجد نفسه فيها بعد أن توالت عليه الضربات والانتكاسات الدبلوماسية شكت جميعها في أطروحاته الداعية الى ضم الصحراء الغربية.

ويبدو أن حكومة الوزير الأول، عبد الإله بنكيران، وبإيعاز من القصر الملكي أرادت استباق الأحداث وربما الضغط بهذا القرار على أمل التأثير على قرار المحكمة الأوروبية وهو أمر يبدو مستحيلا إذا سلمنا باستقلالية القضاء الأوروبي وخاصة وان كل مبررات إلغاء الاتفاق الفلاحي من طرف المحكمة الأوروبية استند على قرائن لا تقبل الطعن. وأكدت موغريني على القرار الارتجالي الذي اتخذته الحكومة المغربية بعبارات دبلوماسية لبقة عندما أكدت على اتصالات تمت على جميع المستويات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، حول هذه القضية منذ قرار المحكمة الأوروبية في العاشر ديسمبر حيث تم اطلاع المغرب بشكل على كل مراحل هذه القضية التي تبقى خاضعة لـ«قيود قانونية" يتم تطبيقها والتلميح أن القضاء في مثل هذه الحالات مستقل ولا يمكن الوقوف في وجه أحكامه وبالتالي توجب انتظار كلمة الحسم التي سيصدرها. وقالت موغريني إن "شراكة حقيقية تتطلب الإنصات، والتقاسم، والتضامن، والاحترام المتبادل بين الشركاء" وهي رسالة باتجاه السلطات المغربية "بعدم وضع العربة قبل الحصان" ومحاولة التأثير على قرار قضائي بالابتزاز وقطع الاتصال.

ويدرك رئيس الحكومة المغربية قبل غيره أن قراره لن يخدم مصالحه مادام هو الطرف الباحث عن أسواق أوروبية لتسويق منتجاته الفلاحية وقطع اتصالاته مع أكبر شريك اقتصادي سيكون فيها أكبر الخاسرين. وكان يكفي الرباط أن تلغي استغلالها غير الشرعي للمنتجات الصحراوية وتسويقها باسم المنتوج المغربي وتنهي كل خلافاتها مع دول الاتحاد الأوروبي الذي يبقى أول زبون فلاحي للمغرب في المنطقة المغاربية. كما على السلطات المغربية أن تقتنع أن دورة نهب خيرات الصحراء الغربية بدأت تسير باتجاه نهايتها إذا أخذنا بقرار شركة ليتوانية بوقف استيراد الفوسفات الصحراوي بقناعة أنه مادة يجب أن يعود استغلالها من أصحابها الأصليين. وتتوالى هذه الصفعات التي تتلقاها الدبلوماسية المغربية في الأشهر الأخيرة ويبدو أنها لم تكن كافية لان تقتنع أن سرقة خيرات الشعب الصحراوي لا يجب أن تتواصل حد الاستنزاف.