تونس

الرئيس سعيد أمام رهان العثور على شخصية توافقية لقيادة حكومة ائتلافية

الرئيس سعيد أمام رهان العثور على شخصية توافقية لقيادة حكومة ائتلافية
الرئيس التونسي، قيس سعيد
  • القراءات: 540
م. م م. م

تشد المشاورات التي شرع فيها الرئيس التونسي، قيس سعيد، اهتمام كل التونسيين، مواطنين وطبقة سياسية لمعرفة الطريقة التي ستمكنه من الخروج منتصرا من امتحان اختيار شخصية سياسية جامعة قادرة على تشكيل حكومة تحظى بالإجماع وتجنب البلاد فراغا دستوريا جديدا بعد استقالة حكومة إلياس الفخفاخ.

 

وانفرط العقد التي حكم اطراف حكومة هذا الأخير ستة أشهر فقط بعد التئامه بعد أن استحال على قوة رباطه الصمود في قوة الشد والجذب التي عرفها بين أحزاب موالية لرئيس الحكومة وأخرى موالية لرئيس البرلمان وكان من الحتمي أن ينقطع الخيط ويذهب كل طرف إلى ركنه في انتظار ما يخفيه الغد السياسي التونسي من مستجدات.

ومازال التونسيون يتذكرون الصعوبات الكبيرة التي لاقاها الرئيس التونسي منذ انتخابات أكتوبر الماضي في إيجاد رئيس حكومة توافقي يحظى بتأييد كل الطبقة السياسية في بلد أنهكته تبعات ما اصبح يعرف بـ«ثورة الياسمين" قبل أن يستفيق على كوارث خلفها ويخلفها وباء " كورونا" في أوساط مجتمع تونسي مازال يبحث عن طريقة لتحقيق انطلاقة جديدة.

وفي مثل هذه الأجواء المشحونة دخل الرئيس التونسي، قيس سعيد سباقا ضد الساعة ضمن رحلة مضنية أخرى تمتد على مدى عشرة أيام في محاولة لإيجاد شخصية توافقية بإمكانها تشكيل حكومة تخلف حكومة الفخفاخ التي لم يكتب لها النجاح في مهمة تأكد أنها أكبر منه.

وبسبب ذلك وجد الرئيس التونسي نفسه في خضم معركة سياسية جديدة فرضتها عليه حركة النهضة التي يقودها رئيس مجلس الشعب، راشد الغنوشي التي نجحت في قبضتها مع الفخفاخ  وأرغمته على الرحيل  بتهمة تضارب مصالحه الشخصية كرجل أعمال مع مهامه الرسمية كرئيس للحكومة.

وسيكون أمام الرئيس التونسي مهلة عشرة أيام للعثور على الطائر المفقود الذي يحقق الإجماع السياسي حول شخصه والذي سيكون أمامه هو الآخر مهلة شهر لتشكيل حكومة توافقية يمكنها الصمود أمام أية هزات مستقبلية وتفادي المآل الذي عرفته حكومة تصريف الأعمال الحالية.

وهو رهان يكتسي أهمية كبرى بالنسبة للسلطات التونسية حتى لا تجد نفسها مضطرة لتنظيم انتخابات برلمانية مسبقة مع كل ما يستدعيه ذلك من حالة ترقب سياسية وأموال طائلة وسجالات حزبية  لتيارات وأحزاب متعددة المشارب والإيديولوجية.

وهي مهمة ستكون شاقة بالنسبة لرئيس الحكومة القادم بالنظر إلى غياب قوة سياسية داخل البرلمان قادرة على تشكيل حكومة أغلبية وهو ما يحتم في مثل الحالة التونسية، اللجوء إلى حكومة ائتلافية رغم مخاطر ظهور خلافات سياسية بين تركيبتها وبالتالي العودة إلى نقطة البداية تماما كما حدث نهاية الأسبوع من الفخفاخ.

وهو الموقف الذي لا تريد مختلف الأحزاب التونسية العودة إليه لعدم استعدادها خوض انتخابات عامة جديدة بسبب مخاوف فقدها لمقاعد برلمانية وبما يحتم عليها الاتفاق على شخصية تلقى الإجماع حفاظا على مصالحها الحزبية.    

وهو احتمال وارد جدا وخاصة وأن الدعوة إلى انتخابات نيابية مسبقة تبقى بمثابة ورقة رابحة سيستغلها الرئيس قيس سعيد في وجه مختلف هذه الأحزاب لقبول شخصية توافقية  توكل لها مهمة إدارة الشؤون التونسية والتكفل بمشاكل المواطنين المتراكمة وبالتالي المصادقة على برنامجها كون كل رفض له سيؤدي بطريقة آلية إلى حل البرلمان  والدعوة إلى انتخابات عامة جديدة قبل نهاية العام الجاري.

وهو الأمر الوضع " الاستثنائي" الذي لا تريد الفعاليات السياسية التونسية الوصول إليه  سواء بسبب تبعات جائحة "كورونا" وما تركته من تململ في أوساط شرائح المجتمع التونسي أو بسبب الأوضاع الأمنية وخاصة في الجارة، ليبيا  ضمن وضعين يحتمان على الجميع مراعاة المصالح العليا لبلد يريد أن يكون نموذجا في الديمقراطية على الأقل لدى الدول العربية.