الولايات المتحدة والعالم يطويان اليوم صفحة ترامب

الرئيس بايدن في مواجهة إرث سياسي ثقيل

الرئيس بايدن في مواجهة إرث سياسي ثقيل
الرئيس الأمريكي 46 جو بايدن
  • القراءات: 726
ص. محمديوة ص. محمديوة

تتجه أنظار الأمريكيين ومعهم كل العالم اليوم إلى العاصمة الفيدرالية واشنطن وبالتحديد إلى مبنى الكابيتول الذي يحتضن حفلا استثنائيا لتنصيب الرئيس الأمريكي 46 وسط أجواء مشحونة، امتزجت فيها المخاوف من تنفيذ أنصار الرئيس المغادر دونالد ترامب تهديداتهم بشنّ هجمات مسلحة واقتصار الحفل على قلة من المدعوين بسبب جائحة كورونا.

ووسط إجراءات أمنية مشدّدة بمعظم الولايات الأمريكية وانتشار عسكري غير مسبوق بالعاصمة واشنطن التي اعتاد سكانها متابعة حفل مراسيم تنصيب الرئيس الجديد بمبنى الكابيتول في أجواء بهيجة، يؤدي كل من جو بادين اليمين الدستورية رئيسا للولايات المتحدة وكامالا هاريس نائبا له، وأعين العالم تترقب ما يمكن أن يحدث من مفاجآت غير سارة رغم تطمينات مختلف الأجهزة الأمنية بأن الأمور تحت السيطرة ولا يوجد ما يدعو للقلق بتحول الفرح إلى مأثم. ووسط دعوات بعدم السفر إلى واشنطن التي لم تستفق من صدمة الهجوم الدامي على الكابيتول يوم 6 جانفي وتحوّلها منذ ذلك الحين إلى مدينة أشباح، باستثناء عشرات آلاف الجنود من الحرس الوطني الذين غزوا المدينة، أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي عن فتح تحقيقات للتأكد من خلفيات جنود الاحتياط ضمن الحرس الوطني الذين يتم نشرهم اليوم ضمن مسعى لضمان أن لا يشكل هؤلاء خطرا أمنيا. وبينما خرج رئيس الحرس الوطني بواشنطن، وليام ويلكير ليطمئن بأن جهازه يضم أفضل الأفراد الذين يعملون على حماية الرئيس ونائبته، أشار وزير الدفاع بالنيابة، كريستوفر مولر بأنه لا يوجد لحد الساعة أي معلومة بوجود تهديد داخلي.

وعشية يوم التنصيب كثفت قوات الحرس الوطني الذين يمثلون جيش الاحتياط من تواجدها بالعاصمة واشنطن وعدة ولايات أمريكية تعيش على وقع أجواء متوترة زادتها شحناء، الأحداث الدامية الذي شهدها مقر الكونغرس بداية الشهر الجاري اضطر البنتاغون، على إثرها وإلى غاية اليوم ما لا يقل عن 25 ألف جندي طوّقوا منطقة واسعة بواشنطن رسمت باللون الأحمر تمتد من مبنى الكابيتول وصولا إلى البيت الأبيض. وأغلقت أغلب أحياء واشنطن ووضعت الحواجز الخرسانية والحديدية على بعد أميال من مداخل الشوارع المؤدية إلى مقر الكونغرس والساحات التي شهدت أعمال عنف الأسبوع الماضي. كما وضعت حواجز وكتل إسمنتية لحماية مبان رسمية مثل البيت الأبيض ومقار مختلف الأجهزة الأمنية وحتى إغلاق شوارع رئيسية ومناطق تجارية كانت مقصد الآلاف خلال عمليات تنصيب الرؤساء بإلحاح من الحرس الخاص بالرئيس. وهو ما جعل حفل تنصيب الرئيس 46 للولايات المتحدة استثنائيا بكل المقاييس، ليس فقط بسبب تشديد الإجراءات الأمنية جراء المخاوف من هجمات مسلحة محتملة يحضر لها أنصار الرئيس المغادر دونالد ترامب، ولكن أيضا بسبب رفض هذا الأخير حضور المراسم في سابقة هي الأولى من نوعها منذ عام 1869 حينما قاطع اندرو جونس مراسم تنصيب خليفته.

والاستثناء الآخر أن الحفل سينظم ولأول مرة من دون جمهور بسبب جائحة كورونا التي منعت مختلف التجمّعات والحفلات ودفعت بفريق الرئيس المنتخب إلى تحديد عدد الدعوات وتقليصها قدر الإمكان في حفل ضيق يعوض فيه الجمهور بنصب 190 ألف علم في الساحة المقابلة لمبنى البرلمان الأمريكي التي كانت تعج بألاف المدعوين والجماهير في مثل هذه المناسبة التي تشهدها بلاد العم سام كل أربع سنوات. ولكنه استثناء يريده الرئيس بايدن أن يكون بداية لصفحة جديدة في تاريخ الولايات المتحدة تحدث القطيعة مع ممارسات ادارة الرئيس المغادر دونالد ترامب الذي زعزع بقراراته العشوائية ومواقفه الارتجالية وتصريحاته المثيرة للجدل، صورة واحدة من أعتى الديمقراطيات في العالم بإخراجها من نسقها الدولي وأفقدها حتى ريادتها في قيادة العالم.

وهو ما جعل الديمقراطي بايدن يعيد عشية توليه الحكم بعث نفس رسائل الطمأنة باتجاه العالم عموما وحلفاء الولايات المتحدة خصوصا عبر تحديده أولويات إدارته فور توليه زمام السلطة في البيت الأبيض في إعادة مراجعتها واتخاذ قرارات تعيد للولايات المتحدة مكانتها المعهودة. ومن بين الأولويات التي تطرّق إليها كاتب الدولة في الإدارة الجديدة، أنطوني بلنكن، عودة الولايات المتحدة إلى معاهدة المناخ وإعادة النظر في انسحابها من اتفاق فيينا حول النووي الإيراني، بالإضافة إلى تحديات هامة في مواجهة إدارة بايدن على غرار العلاقات مع روسيا والصين.