بينما هددت إيران بالعودة إلى وضع ما قبل سنة 2015

الدول الأوروبية تحاول إنقاذ الاتفاق النووي في الوقت الضائع

الدول الأوروبية تحاول إنقاذ الاتفاق النووي في الوقت الضائع
  • القراءات: 627
م. مرشدي م. مرشدي

هددت إيران أمس، بالعودة إلى مرحلة ما قبل سنة 2015 التي عرفت التوقيع على الاتفاق النووي في تلميح واضح بإمكانية إنهائها العمل بشكل تام بالالتزامات التي تضمنها هذا الاتفاق قبل أن تقوم الإدارة الأمريكية الحالية بالانسحاب منه قبل عام.

وقال بهروز كمال أفندي الناطق باسم الوكالة الإيرانية للطاقة النووية إنه في حال رفضت الدول الأوروبية والولايات المتحدة الإيفاء بالتزاماتها التي تضمنها اتفاق العاصمة النمساوية، فيينا فإن إيران ستجد نفسها غير ملزمة بما تضمنه من تعهدات والعودة إلى الوضع الذي ساد قبل أربع سنوات.

وأضاف المسؤول الإيراني أن عدم الالتزام التدريجي الذي اتخذته سلطات بلاده إنما جاء لمنح الفرصة للطرف الآخر للعودة إلى طريق الصواب والإيفاء بالتزاماته، في إشارة إلى الإدارة الأمريكية التي تنكرت للاتفاق الذي وقعه الرئيس الأمريكي المغادر، باراك أوباما.

وجاء الإعذار الإيراني في وقت تحركت فيه الدول الأوروبية مجتمعة أمس، في محاولة لإنقاذ هذا الاتفاق من الانهيار المحتوم ولكن بعد أن ضاق هامش المناورة لديها بسبب فشلها في تحدي العقوبات الأمريكية التي طالبت إيران بعدم الامتثال لها مقابل إيفائها بتعهداتها.

والتقى وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أمس، بالعاصمة البلجيكية في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ولكن بتأخر عام كامل منذ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي نقض عهد سابقه باراك أوباما، واضعا كل المجموعة الدولية أمام مأزق دبلوماسي حقيقي قد يدفع إلى اندلاع حرب مفتوحة في كل منطقة الشرق الأوسط.

يذكر أن الرئيس الامريكي حذر الشركات الأوروبية العاملة في إيران بعقوبات صارمة في حال واصلت التعامل مع هذا البلد بحرمانها من أي استثمارات في بلاده وإنزال عقوبات مالية ضدها.

ووجدت الدول الأوروبية نفسها في مأزق حقيقي لصعوبة التوفيق بين معادلة التعامل مع مطرقة العقوبات الأمريكية وسندان التحذيرات الإيرانية التي هددت بالعودة بالوضع في منطقة الخليج إلى ما قبل جويلية سنة 2015، وطالبتها برفض الامتثال للضغوط الأمريكية أو الانسحاب من اتفاق العاصمة النمساوية.

ولمنع مثل هذا الاحتمال، دخل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في سباق ضد الساعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لتفادي الاحتمال الأكثر كارثية وهو ما جعل وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هونت يؤكد أن الاتفاق لم ينهر بعد ونحن نريد أن نمنح لإيران الفرصة للتراجع عن قراراتها التي قال إنها تتعارض مع التزاماتها".

وهو الموقف الذي دافع عنه نظيره الفرنسي جون إيف لودريان الذي أكد من جهته أمس، أن إيران اتخذت قرارات سيئة ردا على قرار أمريكي سيئ بالانسحاب من الاتفاق وفرض عقوبات اقتصادية عليها.

ولكن الوزيرين لم يقولا أن قرارات إيران إنما جاءت بسبب التخاذل المفضوح الذي طبع مواقف مختلف العواصم الأوروبية الموقعة على الاتفاق، والتي راهنت على عامل الوقت في محاولة للتنصل من التزاماتها، والأكثر من ذلك أنها لم تتجرأ على رفض القرار الأمريكي بفرض عقوبات على إيران وعليها أيضا مادات العقوبات تمس شركاتها الضخمة العاملة في إيران أيضا. وقال عباس موسوي الناطق باسم الخارجية الإيرانية إنه من غير الواقعي أن تطالب الدول الأوروبية، إيران بالعودة إلى شروط ما قبل 8 ماي 2018، تاريخ إعلان الرئيس الأمريكي الانسحاب من الاتفاق النووي دون أن تؤكد إرادتها وقدراتها التي تمكن إيران من الاستفادة من هذا الاتفاق.

وقالت مصادر أوروبية إن الوضع معقد بسبب طبيعة العقوبات الأمريكية المتعدية للحدود والتي دفعت بمختلف الشركات الأوروبية للانسحاب من السوق الإيرانية الواعدة

في نفس الوقت الذي منعت فيه إيران من تصدير بترولها وحرمها ذلك من عائدات ضخمة كانت الحبل السري لاقتصادها بعد أن نزل حجم مبيعاتها من 1,5 مليون برميل يوميا إلى 700 ألف برميل فقط.

وبغض النظر عن وقع العقوبات الأمريكية على إيران وعلى مصالح الدول الأوروبية، فإن الإشكالية الآن بالنسبة لإيران والعواصم الأوروبية تكمن في كيفية تفادي وقع أي انزلاق عسكري في منطقة الخليج والتي أصبحت مؤشرات التصعيد اليومية فيه تنذر بحرب مفتوحة.

وأكدت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فديريكا موغريني أمس، أن الاتحاد الأوروبي يركز حاليا على كيفية تجنب التصعيد العسكري في منطقة الخليج لإدراكها أن أوروبا ستكون أكبر الخاسرين في حال انزلق الوضع إلى حرب مفتوحة في أحد أخطر المناطق في العالم وأكثرها أهمية للاقتصاد العالمي.