«المساء» تستطلع رأي الشارع الفرنسي حول مرشحي الإليزيه
الخوف من تطرّف لوبان يدفع إلى ماكرون

- 2183

مع احتدام المنافسة بين مترشحي الانتخابات الرئاسية الفرنسية ودخول المتنافسين ايمانويل ماكرون، وماري لوبان، الدور الثاني الذي ينتظر أن ينظم في السابع ماي الجاري، اغتنمت جريدة «المساء» فرصة تواجدها بمدينة ليون الفرنسية للتقرب من المواطنين الفرنسيين للاطلاع على آرائهم وميولاتهم السياسية فيما يخص دعم أي من المترشحين، في حين ظهرت شريحة ثالثة اختارت العزوف مبررة موقفها بعدم توفر الشروط الكافية في المتسابقين لقصر الإليزيه.
شوارع مدينة ليون تنكّهت بأجواء حملة الرئاسيات الفرنسية بامتياز، فصور المترشح الشاب ايمانويل ماكرون ومنافسته ماري لوبان، استحوذت على الفضاءات التجارية وواجهات المحلات محاولة إغراء الرأي العام الفرنسي، في ظل التجمعات التي يعقدانها عبر المدن الفرنسية، علاوة على الخرجات الإعلامية التي تغتنم أي ظرف سياسي قد يخدم أي مترشح في محاولة لدغدغة المشاعر واللعب على العواطف.
بداية كان لنا لقاء مع فريدريك، صاحب وكالة الاتصال «لابيل انفو» المتعاونة مع القناة الفرنسية «تي اف ان»، سألناه «على من ستنتخب»، أجاب: برأيك على من؟ قلت بسخرية: ربما ماري لوبان..، قال منتفضا: «إنها عار فرنسا، تريد أن تعيدنا إلى القرون الوسطى بآرائها وأفكارها اللاواقعية، إنها تعيش في أوهام». أما عن المترشح ماكرون، فيرى فريدريك أنه رجل المرحلة ويكفي أنه يحظى بإجماع جميع الفرنسيين سواء الأصليين أو المتجنّسين.
معادلة الألوان عصية على لوبان
دلفين صاحبة مكتبة لم تختلف كثيرا عن فريدريك، بالقول إن لوبان، تريد أخذ فرنسا إلى الهاوية وإنها خطر حقيقي على بلادها، كونها تشجع الكراهية وتسعى لمحو المبادئ والقيم التي قامت عليها الثورة الفرنسية، مشيرة إلى أنه لا يمكن بأي حال تطبيق أفكارها القاضية بإعادة البياض الطبيعي لفرنسا، فمعادلة الألوان بالنسبة لها ستكون عصية لأن ممحاة قلم الرصاص ستترك بالتأكيد آثارها على الورق، ومضت بالقول «حتى إن أصرينا على محو اللون الأسود أو القمحي الذي غزا فرنسا خلال العقود الأخيرة (في إشارة إلى المهاجرين المغاربيين أو الأفارقة بشكل عام) فإنه سيترك أثارا عميقة في المجتمع الفرنسي.
من ليون إلى باريس للتصويت على ماكرون
جوناثان، الذي كان يستمع لحديثنا وهو يتصفح جرائد الصباح بمكتبة دلفين لم يتردد في مشاركتنا أطراف الحديث بالقول ،»هل تعلمين أني قطعت المسافة بين ليون وباريس من أجل التصويت على ماكرون عبر القطار السريع» ، سألته ولماذا فعلت ذلك أجاب: «لأني لا أريد أن تفوز لوبان أو مانشون، ذهبت في ذلك اليوم رغم مشاغلي الكثيرة وأنا غير نادم على ذلك وسأصوّت مرة أخرى على ماكرون».
خير الدين لعلام، مهندس جزائري يعيش في مدينة ليون منذ 7 سنوات، لم يخف خوفه من فوز لوبان، رغم أن ذلك أمر مستبعد على حد قوله، مشيرا إلى أن فوز لوبان، سيكون كارثة على المهاجرين الذين سيجدون أنفسهم عند نقطة الصفر، فبعد أن اختاروا المغامرة والبعد عن أوطانهم والتضحية حتى بأهاليهم سيجدون أنفسهم خاويي الوفاض إذا نفذت لوبان وعودها.
لا لهدم قيم الدولة الفرنسية
هو ما ذهب إليه المغترب التونسي سمير الهمامي، الذي يعمل في محل للمواد الغذائية، مشيرا إلى أن الجالية المغاربية تعيش ظروفا صعبة في عهد هولاند، فما بالك إذا فازت لوبان بالرئاسة، في حين ترى أماندا، مهاجرة سينغالية تعمل في مخبزة أن لوبان، تريد هدم قيم الدولة الفرنسية، مشيرة إلى أنها تحب فرنسا لأن بها لقمة عيشها كما أن جدها حارب إلى جانب هذا البلد ضد النازية، لتستطرد في هذا الصدد مخاطبة لوبان «نقول لك أنك لن تستطيعي طردنا لأننا نساهم في الاقتصاد الفرنسي، ليس من حقك ذلك وأنت تعرفين جيدا أن مواقفك لن تزيد سوى في تعقيد الأمور، إذا ذهبنا نحن المهاجرين فلن يكون لفرنسا أي مكانة في أوروبا، لن نأخذ حقائبنا إلى المطار سنموت هنا».
على عكس معارضي لوبان أوضح بيار لوبلان، مسن في الـ78 التقيناه بحديقة وسط المدينة أن ماكرون، رغم ما يتمتع به من حنكة إلا أنه تنقصه الخبرة في إدارة الأمور، مشيرا إلى أنه من حسن حظ لوبان، أنها تنهل من علم وخبرة والدها لا سيما فيما يتعلق باستعادة فرنسا مكانتها الطبيعية واستبعاد الدخلاء الذين يحدثون المشاكل، ورغم إبداء احترامه للمهاجرين، إلا أنه أكد أن هناك سوء فهم في الأفكار التي يحملها برنامج المترشحة.
ماكرون يسعى لكسب أصوات الجالية الجزائرية
عن تصريحات ماكرون، حول تنديده بجرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر، قال محدثنا إن هذا المترشح يحاول كسب أصوات الجالية الجزائرية التي توجد بكثرة في فرنسا، ليوضح أن هذا الخطاب مجرد ورقة سياسية لا غير، عن رأيه الشخصي بخصوص مسألة التجريم وتقديم الاعتذار للشعب الجزائري قال المواطن الفرنسي الذي عايش الفترة الاستعمارية إنه لا يمكن الحكم على مقتضيات تلك المرحلة بشكل عاطفي، وإنه لا بد من معالجة القضية بكل أبعادها لأن فرنسا التي ارتكبت أخطاء في الجزائر قد قامت أيضا بإنجازات يعترف بها هناك ـ على حد قوله ـ.
ماتيو، فرنسي الجنسية ذو أصول إيطالية يرى أنه لا احد يستحق أن يكون رئيسا للجمهورية، وأن برامج كل المترشحين مجرد وعود، في حين أوضحت ساندرا، نادلة بمطعم أنها من بين الآلاف الفرنسيين الذين لا يصوتون خلال الانتخابات الرئاسية وذلك بسبب خيبة الأمل والشعور بألا شيء سوف يتغير، معرجة على فضائح السياسيين الذين هزّوا ثقة الرأي العام الفرنسي.