احتارت في كيفية التعاطي مع طوارئ فيروس "كورونا"

الحكومات الأوروبية بين المخاوف الوبائية والضغوط الاقتصادية

الحكومات الأوروبية بين المخاوف الوبائية والضغوط الاقتصادية
  • القراءات: 559
 م. م  م. م

ستكون الأيام القادمة حاسمة بالنسبة لمختلف الدول الأوروبية التي ينتظر أن تتخذ جميعها قرارات للتخفيف من إجراءات الحجر الصحي التي فرضتها لقرابة الشهرين رغم الضبابية التي مازالت تكتنف حقيقة الخطر الذي يمثله وباء "كوفيد ـ 19". 

ويتساءل الرأي العام الأوروبي نفسه حول ما إذا كانت القرارات القادمة ستكون صائبة أم أنها ستؤكد المخاوف التي أبداها الكثير من خبراء الصحة والمختصين في علم الفيروسات من احتمالات متزايدة لظهور موجة تفشي ثانية للوباء مع كل المخاطر التي يمكن أن تنجم عن هذا الاحتمال الكارثي.

وتأتي مثل هذه الفرضية في وقت جددت فيه منظمة الصحة العالمية تحذيراتها معتبرة أن العودة إلى الحياة  العادية سابق لأوانه وبعد تأكيدها بانه لا يوجد أي دليل طبي يؤكد أن الأشخاص الذين تماثلوا للشفاء من الوباء اصبحوا في منأى  عن احتمال  التعرض لخطره مرة ثانية.

وشكل تقرير منظمة الصحة العالمية ضربة قوية لحكومات الدول التي تراهن على إعادة فتح مصانعها ومؤسساتها الاقتصادية ضمن أول خطوة لإعادة بعث الروح في اقتصاداتها المنهار ومحاولة إخراجها من حالة الانكماش التي فرضها عليها فيروس "كورونا" في اقل من أربعة اشهر منذ بدء انتشاره في كل العالم.

وسمحت الحكومة الإسبانية أمس للأطفال بمغادرة منازلهم لأول مرة منذ قرابة شهرين ضمن قرار اتخذته وقد تجاوزت حصيلة الوفيات امس عتبة 22 الف وفاة ضمن رقم مهول جعلها تحتل المرتبة الثانية بعد إيطاليا التي سجلت هي الأخرى اكثر من 26 ألف ضحية.

وهي أرقام جعلت حكومة الوزير الأول الإسباني، بيدرو سانشيز تتخذ قرارها ولكن لمدة سماح لا تتعدى ساعة واحدة وان لا يبتعد الأطفال عن مقر سكناهم لأكثر من  كلم واحد ضمن  خطوة تجريبية تمهد لقرار الرفع النهائي للحجر الصحي بحلول منتصف شهر ماي القادم.

وهي مخاوف تقاسمها معه الوزير الأول الفرنسي، إدوارد فليب الذي سيقدم خطة عملية أمام نواب الجمعية الوطنية تتضمن رفعا تدريجيا للحجر الصحي بداية من 11 ماي القادم  آخذا في الاعتبار منحنى عدد الوفيات الذي عرف سرعته القصوى خلال الأيام الأخيرة في فرنسا وجعلها تتجاوز عتبة 22 الف وفاة في وقت قياسي.

وهي مغامرة لم تشأ السلطات البريطانية اتخاذها وتركت القرار النهائي للوزير الأول بوريس جونسون المنتظر عودته اليوم الى مكتبه في 10دونينغ ستريت  بعد غياب قارب شهرا كاملا  بعد إصابته بفيروس "كورونا" ونجاته من موت محقق بسبب هذه الجائحة التي أدخلته الإنعاش الطبي لعدة أيام وأرغمته على البقاء بعيدا عن أمور السياسة ومتاعبها.

وخرج جونسون من مرحلة النقاهة التي فرضت عليه منذ 12 أفريل ليجد على مكتبه نفس ملف المشكلة التي تركها فوقه قبل شهر، وعليه اليوم الكشف عن خطته العملية لمواجهتها، سواء بالإبقاء على إجراءات الحجر التي فرضها منذ 23 مارس والى غاية 7 ماي القادم أو التخفيف منها.

وسيكون جونسون لأجل ذلك اليوم مضطرا لاتخاذ قرارات واضحة  وحاسمة ، محاولة منه لوضع حد لسيل الانتقادات اللاذعة التي وجهها الرأي العام البريطاني لحكومته، بالفشل في مواجهة تداعيات الوباء الذي حصد إلى غاية مساء امس أرواح من 20 الف بريطاني.

وسيجد الوزير الأول البريطاني نفسه بين ضغوط راي عام يصر على مواصلة إجراءات الحجر و ضغوط أعضاء في حكومته وأرباب الشركات الكبرى من اجل الإسراع في رفع قيود الحجر الصحي  بقناعة إخراج اقتصاد  البلاد من حالة الإفلاس التي آل إليها .

وشكل آخر تقرير للبنك الملكي البريطاني اكبر إنذار للوزير الأول البريطاني الذي اكد أن  البلاد مقبلة على إفلاس لم "تبلغه منذ عدة قرون" ضمن رسالة ضغط  قوية باتجاه بوريس جونسون، بحتمية التحرك الفوري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من تبعات جائحة مازالت تفرض منطقها على كل العالم، شعوبا وحكومات.