تبنّت معادلة الكيل بمكيالين

الجنايات الدولية تصر على محاكمة رئيس كينيا دون أدلة

الجنايات الدولية تصر على محاكمة رئيس كينيا دون أدلة
  • القراءات: 662
م. مرشدي م. مرشدي
شكل مثول الرئيس الكيني اوهيرو كينياتا، أمام محكمة الجنايات الدولية أمس، سابقة فريدة من نوعها في تاريخ القضاء الدولي عندما قبل التوجه طواعية الى لاهاي للدفاع عن نفسه من تهم وجهتها له المحكمة الدولية باقترافه ”جرائم ضد الإنسانية”.
ومهما كانت حقيقة هذه التهم التي وجهت للرئيس الكيني، ومدى تورطه إلا أن ما يجب التأكيد عليه أن كينياتا كانت له الشجاعة الكافية للمثول أمام محكمة لا تلقى الإجماع الدولي، رغم النوايا الحسنة التي حددت ظروف ودواعي استحداثها.
ويكتنف المحاكمة غموض حول حقيقة التهم الى الدرجة التي جعلت هيئتها تعترف بأن الأدلة المتوفرة لديها لا ترقى لأن توجه لرئيس إفريقي يمارس مهامه تهمة جنائية بحجم جرائم ضد الإنسانية، ولكنها رفضت وقف المتابعة القضائية ضده رغم أن دفاعه طالب بذلك في العديد من المرات. 
وقال ستيفن كاي، محامي الرئيس الكيني خلال جلسة المحاكمة أن القضية فشلت الى الدرجة التي تجعل من غير المعقول مواصلة هذه المحاكمة. وقال إنها شتيمة القول بأن موكلي لا يستحق البراءة من كل التهم الموجهة له.وحث المحامي كاي قضاة المحكمة بوضع نهاية لهذه المحاكمة حتى في حالة رفض الادعاء العام ذلك لأنها أصبحت دون معنى.
وما يثير الاستغراب في هذه المحاكمة ”التاريخية” التي تأجلت في العديد من المرات العام الماضي إلا أن هيئة المحاكمة أصرت على مثول الرئيس الكيني رغم اعترافها بعدم حيازتها على أدلة قاطعة تورط ”الرئيس المتهم”.  وهو ما يجعل من الاتهامات التي وجهها الاتحاد الإفريقي للمحكمة الدولية بمتابعة الرؤساء الأفارقة دون غيرهم ذات مصداقية، وجعله ذلك يطالب بوقف المتابعة القضائية ضد رئيس منتخب في بلاده.
وهي الحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها أو يختلف فيها اثنان وهي متجلية للعيان، وتجربة الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين ثابتة بأدلة مفجعة وروع بجرائمها كل العالم ولكن لا أحد من مجرمي الحرب الإسرائيليين توبع أمام هذه الهيئة القضائية.
بل أن الإدعاء العام فيها أصيب بالعمى إزاء ما يحدث في الأراضي الفلسطينية منذ إنشاء المحكمة سنة 1998 والعدوان الأخير على قطاع غزة، مازالت جرائمه ماثلة للعيان.
وإذا كان الهدف المعلن من إنشاء المحكمة يلقى التأييد الدولي إلا أن عدالة الكيل بمكيالين التي تنتهجها أثر سلبا على مصداقيتها، وجعل شعوب العالم المستضعفة تنظر إليها بكثير من الريبة والشك حول صدق نواياها في إنصاف شعوب العالم من بطش حكامها، وكل مجرم حرب اعتقد انه في منأى عن القصاص الدولي عن كل جريمة اقترفها.
ولو كانت المحكمة عادلة في معالجة كل قضايا الانتهاكات والجرائم المقترفة في كل دول العالم، لكان مسؤولو الحكومات الإسرائيلية أول من يمثل أمامها وينال عقابه جراء جرائم تجاوزت كل نعت من النعوت من جرائم الحرب الى جرائم ضد الإنسانية ووصولا الى الإبادة الجماعية.
ولكن الوزير الأول الإسرائيلي، وقادة جيش الاحتلال الذي ذبحوا وقتلوا الأطفال الرضع والشيوخ والنساء الفلسطينيات مازالوا يتحدون العالم ولم يطلهم سيف القصاص الذي ترفعه هذه المحكمة التي ولدت دون أن تلقى الإجماع الدولي حولها.