في انتخابات شدت أنفاس أكبر قوة في أمريكا اللاتينية

البرازيل يتأرجح بين اليمين المتطرف واليسار العمالي

البرازيل يتأرجح بين اليمين المتطرف واليسار العمالي
  • 729
م. م م. م

ينتظر البرازيليون، بكثير من الترقب، اليوم، نتائج الدور الثاني من انتخابات رئاسية شدت الأنفاس، لمعرفة الجهة التي ستميل إليها كفة المنافسة بين مرشح اليمين المتطرف جائير بولصونارو ومرشح اليسار فرناندو حداد.

وإذا كانت جميع نتائج السبر التي أنجزت منذ إجراء الدور الأول في السابع أكتوبر الجاري أكدت ميل الكفة لصالح المرشح اليميني إلا أن ذلك لا يمنع من القول أن مرشح التيار اليساري تبقى قائمة إذا أخذنا باحتمالات متزايدة لمنح مرشحي الأحزاب الصغيرة التي خسر ممثلوها هذه المنافسة، أصواتهم لصالح فرناندو حداد. 

وتوجه 147 مليون ناخب برازيلي، أمس، إلى مكاتب التصويت لاختيار من سيكون الرئيس القادم لأحد أكبر الاقتصاديات والديمقراطيات في أمريكا اللاتينية مما يجعل هذا الموعد يكتسي أهمية خاصة حتى بالنسبة لدول هذه القارة بالنظر إلى الثقل الذي تمثله برازيليا في صناعة القرار في هذه القارة.

وكان بولصونارو، قاب قوسين أو أدنى من الفوز بهذه الانتخابات منذ الدور الأول بعد أن حصد 46 بالمائة من أصوات الناخبين ليكون بذلك أول رئيس يحمل أفكارا ومواقف يمينية متطرفة يحكم العملاق الاقتصادي في أمريكا اللاتينية وإحدى القوى الصاعدة في العالم منذ سقوط حكم العسكر سنة 1985.

وشهدت الحملة الانتخابية للدور الثاني بين المرشحين خطابات حملت في طياتها مواقف عدائية مما ترك الناخبين في حيرة من أمرهم وخاصة وان المرشحين لم ينظما أي مناظرة تلفزيونية علها تساعد على تنوير ملايين الناخبين حول برنامج كل مرشح وقدرته على تلبية ما ينتظره عامة الشعب البرازيلي.

وكانت نتيجة آخر عملية سبر للآراء أعطت التقدم لمرشح الحزب الاجتماعي الليبرالي اليميني المتطرف، بولصونارو بعد أن رشحته للفوز بـ55 بالمائة من الأصوات بينما لم تمنح لفرناندو حداد مرشح حزب العمال الذي كان يتزعمه الرئيس البرازيلي المسجون لولا داسيلفا سوى 45 بالمائة من الأصوات.

وعكست النسبتان الفارق الكبير بين المرشحين ولكن ذلك لا يعني في نظر الكثير من المتتبعين للشأن السياسي البرازيلي أن المنافسة محسومة مسبقا بقناعة أن التجربة السابقة أكدت حدوث مستجدات غير متوقعة في آخر 24 ساعة قبل موعد الحسم في إشارة إلى احتمال أن يقلب المرشح اليساري الطاولة على مرشح اليمين ويبقي البرازيل بذلك في جناح الأنظمة اليسارية في أمريكا اللاتينية.

وهو احتمال وارد دون أن يمنع ذلك من توقع أن يكسر المرشح اليميني هذه القاعدة وخاصة أن البرازيليين يريدون تكرار تجربة الرئيس الامريكي، دونالد ترامب في بلادهم بالنظر إلى أوجه الشبه بين الرجلين وخاصة من حيث مواقفهما المتطرفة والمتناقضة في كثير من الأحيان.

وراهن النائب اليميني لمدة 27 عاما على أفكار متطرفة وتمكن طيلة هذه المدة من فرض نفسه وهو في سن الثالثة والستين كشخصية قادرة على تسيير الدولة القارة في أمريكا اللاتينية، حيث جلب الانتباه بمواقف لم يتعود عليها البرازيليون عندما رفع شعار تمكين البرازيليين من حمل السلاح في بلد تشكل الجريمة فيه معضلة حقيقية وإعطاء تراخيص لقوات الأمن لقتل كل من يخرج عن إطار القانون وإعادة بعث الاقتصاد البرازيلي من خلال سياسة رأسمالية متوحشة من طرف حكومة يعين فيها جنرالات الجيش.

وهي كلها أفكار دخيلة على غالبية الشعب البرازيلي التواق إلى حياة أفضل ورفاه أكبر وقيادة سياسية قادرة على إخراجه من حالة البؤس التي يعيشها في ثامن أقوى اقتصاد عالمي وجعلتهم يتوجسون خيفة من احتمالات متزايدة أن تعيدهم هذه الأفكار إلى ديكتاتورية الجيش التي حكمت البلاد منذ سنة 1964 إلى غاية سنة 1985 العام الذي قطعت فيه البرازيل الصلة مع حكم العسكر من خلال تنظيم أول انتخابات ديمقراطية تعددية.

وهي كلها أفكار جعلت المرشح فرناندو حداد يأمل في تمكين اليسار من البقاء في سدة الحكم لعهدة خامسة على التوالي بعد أن رافع لأفكار عقلانية وضع لها شعار ”محاربة الفاشية الجديدة” في نفس سياق النداء الذي وجهه الرئيس لولا داسيلفا انطلاقا من زنزانته في السجن باتجاه الناخبين الذين دعاهم إلى الوحدة  والتصويت لصالح خليفته وقطع الطريق أمام الفاشية الصاعدة.