قصفه طال شاطئ غزة وأسوار مستشفى "شهداء الأقصى" للمرة 12
الاحتلال "يتفنّن" في ارتكاب الجرائم المروعة بالقطاع

- 108

استشهد، أمس، أكثر من 85 مواطنا فلسطينيا وأصيب العشرات في قصف صهيوني عنيف استهدف عدة مناطق في قطاع غزة، كان أدماها ذلك الذي استهدف شاطئ بحر مدينة غزة، وخلّفت ارتقاء ما لا يقل عن 60 شخصا، من بينهم أطفال ونساء في مجزرة مروعة تضاف إلى سجل الكيان الصهيوني المثقل بدماء الأبرياء من الشعب الفلسطيني.
من جباليا مرورا بمدينة غزة شمالا وصولا إلى خان يونس جنوبا، يتكرّر المشهد الدامي والمأساة نفسها، وسكان غزة محاصرون بنيران آلة التقتيل والدمار والتجويع الصهيونية أمام صمت مخز لعالم يبدو أنه اعتاد على فصول هذه الإبادة غير المسبوقية، وكأن الأمر لا يعنيه.
وأدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أمس، التصعيد الكبير للقصف الوحشي الصهيوني على كافة مناطق قطاع غزة، خصوصا مدينة غزة، التي تشهد غارات جوية مكثفة تطال المدنيين العزّل في الأحياء السكنية في شرقها وغربها. وأشارت إلى الغارة الجوية التي نفذتها طائرات جيش الاحتلال واستهدفت مواطنين أبرياء تجمّعوا في استراحة على شاطئ بحر مدينة غزة المكتظ بالنازحين الفارين من القصف المتواصل شرق المدينة، لتسفر عن مجزرة راح ضحيتها عشرات الشهداء.وتتركز غارات الاحتلال في مدينة غزة على مستودعات توزيع المساعدات الشحيحة وخيام النازحين وتجمّعات المواطنين حول مراكز توزيع الطعام، فيما تتواصل عمليات تدمير المربعات والأحياء السكنية خصوصاً شرق ووسط المدينة.
على إثر ذلك، أكدت الحركة أن "ما تشهده مدينة غزة من هجوم وحشي وتصعيد الجيش الصهيوني لمجازره بحقّ المدنيين الأبرياء، هو جرائم حرب موصوفة وعمليات تطهير عرقي ممنهجة تمعّن حكومة الاحتلال في تنفيذها أمام سمع العالم وبصره". وشدّدت على أنه يتوجب على "العالم أن يتحرّك فورا للَجم مجرم الحرب نتنياهو، الذي يتصرّف كمجنون يائس، منتهكا كل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية ومحاولا التغطية على فشله خلال عشرين شهرا من الإبادة الوحشية في إخضاع شعبنا وكسر إرادته". كما جدّدت نداءها إلى الدول العربية والإسلامية وإلى أحرار العالم للتحرّك بخطوات جادة وفاعلة لوقف العدوان وإسناد الشعب الفلسطيني في تصديه لمحاولات استئصاله ولمخاطر هذا العدو المجرم التي تستهدف المنطقة بأسرها.
وفي إطار العدوان المستمر وحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ارتكبت قواته جريمة أخرى بقصف طائراته الحربية خيمة للنازحين داخل أسوار مستشفى "شهداء الأقصى" وسط القطاع، بما أدى إلى وقوع ضحايا مكان القصف وإلحاق أضرار مادية وتهديد حياة عشرات المرضى لخطر الموت بشكل مباشر.
ويأتي هذا الاستهداف الإجرامي للمرة الثانية عشرة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية في تكرار ممنهج لجرائم القصف التي طالت نفس المستشفى بما يعكس إصرارا واضحا على استهداف البنية الصحية وانتهاك القوانين الدولية التي تحظر المساس بالمرافق الطبية والمدنيين.
وأدان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأشد العبارات هذا العدوان الهمجي والمستمر ضد المستشفيات والذي يمثل خرقا فاضحاً لكافة المواثيق الدولية والإنسانية، محمّلا الاحتلال الصهيوني ومعه الإدارة الأمريكية والدول المتواطئة، المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم الممنهجة، التي تندرج ضمن سياسة واضحة لتدمير البنية الصحية.
وجدّدت سلطات غزة مطالبتها العاجلة للمجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية والحقوقية بالتحرّك الفوري للجم العدوان ووقف هذه الجرائم التي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والإبادة الجماعية وبتوفير حماية دولية عاجلة للمستشفيات والعاملين فيها في قطاع غزة.
الاحتلال يستهدف 256 مركز إيواء يضمّ أكثر من 700 ألف نازح
يواصل الاحتلال الصهيوني ارتكاب جرائمه الممنهجة ضد المدنيين والنازحين في قطاع غزة من خلال الاستهداف المتعمّد والمتكرر لمراكز النزوح والإيواء، والتي يفترض أنها ملاذ آمن للعائلات التي دمر الاحتلال منازلها في العدوان المتواصل.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي تعمّد الاحتلال خلال شهر جوان الجاري فقط استهداف أكثر من 11 مركزا للنزوح، في سياق جريمة منظمة تعكس استهتاره الفاضح بالقانون الدولي والاتفاقيات الإنسانية.
وبذلك، يرتفع عدد مراكز النزوح والإيواء التي استهدفها الاحتلال منذ بدء الإبادة الجماعية إلى 256 مركز، يعيش فيها أكثر من 700 ألف نازح، حُرموا من أبسط مقوّمات الحياة، بعد أن دمّر الاحتلال بيوتهم ووحداتهم السكنية على امتداد قطاع غزة، ما يجعل استهدافهم مجدّدا في مراكز اللجوء جريمة مضاعفة. ومعظم هذه المراكز هي مدارس تعليمية كان يفترض أن تُوفر بيئة دراسية لعشرات آلاف الطلاب، قبل أن يحوّلها الاحتلال إلى أهداف للقصف في انتهاك صريح لكل القوانين والمعايير الإنسانية والدولية.
ومع استمرار القصف الصهيوني على مدار 20 شهرا، أكد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن عدد المفقودين في قطاع غزة تجاوز 11 ألف شخص منذ بداية العدوان غالبيتهم من النساء والأطفال. ولا يزال مصير هؤلاء المفقودين غير واضح في ظل غياب إحصاءات رسمية دقيقة تحدّد ما إذا كانوا قد قتلوا في الغارات الجوية وبقيت جثامينهم تحت الأنقاض أو تمّ احتجازهم أو اختفوا في ظروف غامضة.وأشار الجهاز، حسب مركز إعلام الأمم المتحدة، إلى أنه وسط أنقاض غزة المدمّرة، تعيش آلاف العائلات الفلسطينية في دوامة من القلق واليأس بحثا عن أحبائها المفقودين، موضحا أن بعض المفقودين يعتقد أنهم ما زالوا محتجزين داخل سجون الاحتلال، فيما ترجح تقارير أخرى أن يكون عدد منهم قد اختفى قسرا دون توفّر أي معلومات عن أماكن وجودهم حتى الآن.وتشير تقارير فلسطينية إلى أن عشرات الفلسطينيين فقدوا أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات. ويرجّح أن يكون بعضهم قد قتل ودفن خلال العدوان دون أن تسجّل أسماؤهم في قوائم الضحايا.
ويواجه سكان القطاع صعوبات متزايدة في التعرّف على الجثامين أو توثيق حالات الوفاة في ظل استمرار نقص الإمكانيات اللازمة لعمليات البحث والانتشال ما يزيد من تعقيد جهود تحديد مصير آلاف الأشخاص المفقودين. وفي ظل هذا الواقع المرير، يعمل نشطاء حقوق الإنسان على تسليط الضوء على حجم هذه المأساة، حيث كشفت مؤسّسة "الضمير لحقوق الإنسان" عن فقدان نحو ألف حالة، بينما لا يزال مصير آلاف الأشخاص مجهولا.. فهناك من اختفوا قسرا ولا تتوفر عنهم أي معلومات.