بعد أن صمت الأذان أمام النداءات بعالمية الظاهرة
اعتداء برشلونة يوحد الأصوات ضد الإرهاب
- 818
ح/ح
تصريح رئيس وزراء إسبانيا ماريانو راخوي، خلال مؤتمر صحفي بعد الاعتداءين الارهابيين اللذين مسا بلده، بأن الارهاب بات يشكل «حربا عالمية» ضد كل الدول التي تدافع عن قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان يعكس وعيا متزايدا بالرؤية الجزائرية لهذه الظاهرة، لاسيما وإنها كانت سبّاقة إلى اعتبار أن الإرهاب «عالمي»، وأنه سيمس كل الدول، في وقت كان ينظر إلى الأمر أنه بعيد بالنسبة للأوروبيين الذين كثيرا ما تعاطفوا مع بعض المتطرفين ودعاة العنف بدافع ما اعتبروه حماية للديمقراطية، لتنقلب الرؤية بعد أن توالت الهجمات الإرهابية داخل أوروبا مخلّفة أكثر من 360 قتيلا خلال عامين.
ولم يتردد المسؤول الإسباني في القول إن الحرب ضد الإرهاب هي «أهم المشكلات التي تواجه أوروبا»، بعد أن أودى اعتداءان متتاليان بحياة 14 شخصا من 18 جنسية مختلفة، حيث ينحدر الضحايا من ألمانيا والأرجنتين وأستراليا والصين وبلجيكا وكوبا وفرنسا وهولندا والمجر وبيرو ورومانيا وإيرلندا واليونان ومقدونيا وإيطاليا وفنزويلا وكولومبيا وإسبانيا، إضافة إلى إصابة أكثر من 80 شخصا بعضهم يوجد في حالة حرجة ومن جنسيات مختلفة كذلك، منهم 3 جزائريين خرجوا من المستشفى بعد تلقي العلاج من إصابتهم.
ولم يكن غريبا أن يكون الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، من القادة السبّاقين إلى التنديد بالأحداث التي عاشتها إسبانيا والتي تلتها أحداث أخرى في كل من فنلندا وروسيا. حيث دعا الرئيس بوتفليقة بالمناسبة إلى الوقوف صفا واحدا ضد هذا النوع من الاعتداءات الإرهابية الفظيعة عبر «تعبئة صارمة» للمجموعة الدولية لاستئصال الارهاب.
وقال في برقية التعزية «في هذه الظروف الأليمة، تؤكد الجزائر لمملكة إسبانيا الصديقة تضامنها ضد الإرهاب الهمجي الذي لا يستثنى أية أمة ولا أية جالية في العالم. وهي تجدد نداءها من أجل تعبئة صارمة للمجموعة الدولية تحت إشراف الأمم المتحدة في سبيل استئصال الإرهاب وتعزيز الحوار بين الشعوب والحضارات».
هي دعوة تجددت وتكررت مرات كثيرة طيلة سنوات لأن الجزائر التي عانت ويلات الإرهاب منذ التسعينيات من القرن الماضي، وعاشت مأساة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا أدركت في وقت مبكر أن الأمر لا يتعلق بصراع مسلّح وإنما بظاهرة أخطبوطية تتوسع لتشمل كل أرجاء العالم، تغذّيها أفكار متطرفة لا تعترف بالإنسانية والعيش المشترك وهي بذلك تضرب أسس الحضارة المدنية وتغذّيها كذلك أموال الإجرام والتهريب والمخدرات، فضلا عن حجز الرهائن وطلب الفدية. ولذا عملت الجزائر على المستوى الإفريقي لمنع منح الفدية للجماعات الإرهابية كوسيلة لتجفيف منابعها المالية، وهو الإجراء الذي رفضت الكثير من الدول الغربية العمل به لحد الآن.
لكن يظهر من خلال تطورات الأحداث في الآونة الأخيرة الاتجاه أكثر فأكثر نحو تبنّي هذه الطروحات، وهو ما عبّر عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اعتبر إن ما حدث في برشلونة يؤكد على «ضرورة توحيد حقيقي للجهود في محاربة الإرهاب».
كما تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتقديم دعم بلاده الكامل للتحقيقات الجارية بخصوص هجومي برشلونة وكامبريلس في إسبانيا وجلب الجناة إلى العدالة.
وأصبحت التجربة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب مرجعا للكثير من الدول ولاسيما الأوروبية التي عبّر مسؤولوها في عديد المناسبات على الدور المحوري للجزائر في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، لاسيما عبر تبادل المعلومات لأن الجزائر ترفض التدخلات العسكرية خارج حدودها.
وتم هذه السنة عرض التجربة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب بلندن خلال ندوة برلمانية دولية حول الأمن الوطني والجريمة الإلكترونية نظمتها الجمعية البرلمانية لدول الكومنولث من 27 إلى 31 مارس.
واهتم خبراء بمنظمة الأمم المتحدة ووزراء وبرلمانيون من 37 بلدا عضوا في الكومنولث بالتجربة الجزائرية المكتسبة في مجال مكافحة التطرف العنيف، واعترف مسؤولون سامون وخبراء في مداخلاتهم خلال اللقاء بأن الجزائر عانت لوحدها طيلة سنوات عديدة من العزلة واجهت خلالها إرهابا أعمى، مضيفين أن ما كان العالم يعتقد أنه نزاع داخلي تجلى أنه تهديد دولي، وأقر المتدخلون بأن الجزائر شريك هام في مكافحة الإرهاب.
واحتضنت الجزائر العام الماضي، أشغال الورشة الدولية حول «دور الديمقراطية في مواجهة ومكافحة التطرف العنيف والإرهاب» بهدف تبادل الخبرات ووجهات النّظر في القضايا المتعلقة بمكافحة الإرهاب من خلال تجارب الدول والهيئات المشاركة.
شارك فيها خبراء من دول وهيئات على غرار الولايات المتحدة وفرنسا والاتحادين الإفريقي والأوروبي والأمم المتحدة ووحدة التنسيق والاتصال لدول الساحل الإفريقي والمركز الإفريقي للبحث والدراسة حول الإرهاب، وكذا المركز الكندي للوقاية من التطرف المؤدي إلى العنف، بالإضافة إلى جامعيين و خبراء أمنيين جزائريين.
وأكد ممثل الاتحاد الإفريقي إيساكا قاربا عبدو، بالمناسبة أن التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب «تعد رائدة عبر العالم»، داعيا إلى الاستفادة من هذه التجربة من أجل مكافحة هذه الظاهرة في إفريقيا والعالم.
وفي هذا الشأن دعا المسؤول الإفريقي إلى الاستفادة من التجربة الجزائرية في هذا المجال من أجل وضع حد لظواهر الإرهاب والتطرّف العنيف التي تعاني منها إفريقيا والعالم.
وأكدت تقارير إعلامية أمس، بأنه عقب الهجمات الإرهابية التي ضربت إسبانيا الخميس الماضي، تم إحصاء 364 قتيلا ومئات الجرحى في سلسلة العمليات الإرهابية التي ضربت مختلف الدول الأوروبية خلال العامين الماضيين، إضافة إلى خسائر مادية كبيرة.
وأشارت التقارير إلى تسجيل 17 هجوما إرهابيا في عامين بما فيها هجوم برشلونة، إلا أنها لم تنجح مطلقا في تحقيق أهدافها بأن يترك الناس حياتهم الطبيعية.