رغم اللهجة الحادة بين طهران واشنطن ولندن

اتصالات سرية لاحتواء القبضة الحديدية في منطقة الخليج

اتصالات سرية لاحتواء القبضة الحديدية في منطقة الخليج
  • القراءات: 1115
م.مرشدي م.مرشدي

كشفت آخر تطورات الموقف في منطقة الخليج أن دبلوماسية الظل والاتصالات السرية لم تتوقف بين الولايات المتحدة وإيران وبين هذه الأخيرةوالمملكة المتحدة رغم القبضة الحديدية الظاهرة التي ميزت علاقات هذه الدول على خلفية البرنامج النووي الإيراني.

وكشف عباس موسوي، الناطق باسم الخارجية الإيرانية أمس، أن بلاده اقترحت على الإدارة الأمريكية توقيعها على البروتوكول الإضافي المرفق للاتفاق النووي هذا العام بدلا عن سنة 2023، في مقابل التزامها بإلغاء العقوبات المفروضة عليها ولكنها رفضت هذا العرض.

يذكر أن السلطات الإيرانية قبلت وفق مضمون بروتوكول الاتفاق الإضافي لمنع الانتشار النووي الذي وقعت عليه سنة 2015 على قيام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعمليات تفتيش ومراقبة لكل أنشطتها النووية وتكثيف زياراتهم، بما فيها الزيارات المفاجئة إلى مختلف المواقع النووية ومعالجة كل صورة كاميرات المراقبة المنصبة في هذه المواقع في حينها. 

وأضاف عباس موسوي أن الولايات المتحدة إذا كانت تريد فعلا التوصل إلى اتفاق، فإن بلاده مستعدة لتحويل الاتفاق الإضافي إلى قانون خلال السنة الجارية، مقابل رفع الولايات المتحدة كل العقوبات الأمريكية المفروضة على اقتصادها.

وكشف أن المقترح الإيراني نقله وزير الخارجية، محمد جواد ظريف خلال زيارة قام بها مؤخرا إلى نيويورك ضمن مسعى إيراني لنفي أن تكون بلاده رافضة لكل الحوار وأن الولايات المتحدة من الدعاة إليه.

وأكدت هذه التسريبات أنه رغم اللهجة الحادة التي طبعت تصريحات المسؤولين الإيرانيين والأمريكيين قبل أن يلتحق بهم مسؤولون بريطانيون، إلا أن ذلك لم يوقف الاتصالات السرية بين عواصم هذه الدول سواء عبر قنوات المساعي الحميدة من أطراف ثالثة أو من خلال الاتصالات المباشرة السرية في محاولة لإيجاد مخرج للقبضة الحديدية التي تطبع الوضع العام في منطقة الخليج وضمن سعي كل طرف لحفظ ماء وجهه في ظل بقاء الوضع القائم في نقطة اللاحرب واللاسلم رغم تهديدات كل طرف بقدرته على تدمير الآخر.

ويبدو أن السلطات الإيرانية أرادت من وراء هذا «العرض ـ الصفقة» التخفيف قدر الإمكان من وقع العقوبات الأمريكية التي أحكمتها إدارة الرئيس دونالد ترامب عليها إلا أن الرد السلبي الأمريكي جعلها تصاب بصدمة مما جعلها تحذر ضمن موقف تصعيدي بأنها لن تتوانى في اللجوء إلى المرحلة الثالثة من خطتها لإنهاء كل التزاماتها التي تضمنها الاتفاق النووي لسنة 2015 والتي بدأتها بداية هذا الشهر بزيادة نسبة تخصيب اليورانيوم إلى حدود 5 بالمائة بدلا من 3,6 بالمائة وزيادة إنتاج كميات الماء الثقيل الذي يدخل في تصنيع القنابل الذرية.

وضمن سلسلة اللقاءات السرية، أكد روب ماكير، السفير البريطاني في طهران بأنه عقد اجتماعا مع حجة الإسلام ذو النوري، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي بحثا خلاله الخلافات الثنائية، في نفس الوقت الذي اتفقا فيه على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة بين البلدين.

وجاء الكشف أيضا عن هذا اللقاء ضمن محاولة إيرانية ـ بريطانية لنزع فتيل التصعيد بينهما على خلفية حرب احتجاز الناقلات البحرية بينهما ضمن سياسة المعاملة بالمثل.

يذكر أن العلاقات بين طهران ولندن تدهورت بعد إقدام سلطات جبل طارق البريطانية على احتجاز ناقلة النفط الإيرانية «غريس ـ 1» لدى مرورها بهذا المضيق بدعوى خرقها للحظر الأوروبي المفروض على سوريا قبل أن تقوم البحرية الإيرانية، أسبوعين بعد ذلك باحتجاز ناقلة النفط البريطانية «ستينا إمبيرو» لدى عبورها لمضيق هرمز بمبرر انتهاكها «للوائح الملاحة البحرية».

ورفضت السلطات البريطانية كل فكرة لإخلاء سبيل ناقلة النفط  الإيرانية مقابل تحرير السلطات الإيرانية للناقلة البريطانية ضمن خطوة لتهدئة الموقف وتفادي كل تصعيد محتمل للوضع.

وقال وزير الخارجية البريطاني الجديد، دومنيك رعب إن بلاده ليس في نيتها القيام بمقايضة الناقلتين بقناعة أن وضعيتهما متباينتين، في إشارة إلى كون الناقلة الإيرانية كانت في وضعية غير قانونية لخرقها الحظر الأوروبي المفروض على سوريا، بينما كانت السفينة البريطانية في وضع قانوني لدى عبورها لمضيق هرمز في مياه الخليج.

وهو ما نفته السلطات الإيرانية وأكدت أن السفينة البريطانية انتهكت قواعد الملاحة البحرية مما استدعى احتجازها.

وجاءت هذه الاتصالات السرية في وقت أكدت فيه الدول الموقعة على الاتفاق النووي باستثناء الولايات المتحدة خلال اجتماعها الطارئ ليلة الأحد إلى الاثنين بالعاصمة النمساوية، التزامها بالاتفاق النووي الإيراني لسنة 2015.

وأكد ممثلو إيران وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا على أن الالتزامات النووية ورفع العقوبات جزءان أساسيان من الاتفاق النووي، مؤكدين على مسؤوليتهم الجماعية لضمان الطبيعة  السلمية للبرنامج النووي الإيراني.