فيما طالبت "حماس" القمّة العربية بوقف حرب الإبادة

إيطاليا تقول "كفى" لإسرائيل وإسبانيا تدعو للضغط

إيطاليا تقول "كفى" لإسرائيل وإسبانيا تدعو للضغط
  • 146
ص. محمديوة ص. محمديوة

من بغداد، حيث تعقد القمّة العربية، إلى الأمم المتحدة وعواصم غربية توالت النداءات والدعوات، أمس، بضرورة ممارسة المزيد من الضغوط الدولية لوقف إراقة الدم الفلسطيني وإنهاء حرب الإبادة التي جاءت على الأخضر واليابس في قطاع غزة المحاصر بآلة الدمار والتقتيل الصهيونية والمحروم سكانه منذ أشهر من أدنى متطلّبات الحياة من غداء وماء ودواء، في مشهد كارثي يتابعه العالم بصمت مخز. 

   فرائحة الموت التي تفوح من كل شبر من القطاع المنكوب زكمت حتى أنوف المسؤولين في الغرب الذين تخطوا حاجز الصمت وعبّروا هذه المرة عن صدمتهم لحجم القتل والجرائم المروعة التي يقترفها جيش الاحتلال على المباشر بكل برودة دم. ويواصل العالم مشاهدة فصول حرب إبادة جماعية غير مسبوقة في العصر الحديث أغلب ضحاياها من الأطفال والنساء العزل والمدنيين الأبرياء، الذين يبقى ذنبهم الوحيد أنهم فلسطينيون ولدوا ويعيشون في غزة ويرفضون تركها وهجرها.

   ففي الوقت الذي صعّدت فيه آلة التقتيل الصهيونية من إجرامها المروع وتخطّت كل الخطوط الحمراء، خرجت إيطاليا عن صمتها لتقول "كفى" لكيان صهيوني لم يعد يختلف اثنان عن أنه مجرم ودموي ومجازره المستمرة منذ قرابة 19 شهرا  في القطاع، أودت بحياة ما لا يقل عن 53 ألف شهيد.

وقال وزير الخارجية الايطالي، انطونيو طاجاني، أمس في هذا الصدد "يجب أن نقول للحكومة الاسرائيلية.. كفى.. أوقفوا الهجمات"، مضيفا "لا نريد أن نرى الشعب الفلسطيني يعاني.. كفى هجمات ..أوقفوا إطلاق النار.. حرّروا الأسرى ولكن اتركوا هذا الشعب بسلام..".

وفي بغداد، حيث يجتمع القادة العرب وممثلوهم من وزراء خارجية ورؤساء حكومات في قمّة عربية مثقل برنامجها بالأزمات والتوترات الإقليمية، لم تخل كلمات المتدخلين فيها من المطالبة بضرورة التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة ورفع الحصار الصهيوني المطبق عليها.

  فقد دعا الأمين العام الأممي، انطونيو غوتيرس، الذي حضر قمة بغداد، بصوت عال وللمرة الألف، إلى "وقف دائم لإطلاق النار الآن". وأضاف "إنني أشعر بالقلق إزاء التقارير التي تتحدث عن خطط إسرائيل لتوسيع عملياتها البرية"، في حين دعا إلى "السماح بحرية دخول المساعدات الإنسانية لإنهاء الحصار" على قطاع غزة، مع الرفض بشكل قاطع لأي تهجير قسري خارج غزة.

ونفس الموقف عبّر عنه رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، الذي حضر هو الآخر قمة بغداد ودعا في كلمته إلى ممارسة الضغط على إسرائيل لحملها على وقف مجازرها في غزة. وفي إشارته إلى السبل التي يوفّرها القانون الدولي "لتكثيف" الضغوط على حكومة الاحتلال، أشار سانشيز إلى أن بلاده ستقدّم مشروع قرار إلى الأمم المتحدة حتى تتمكن محكمة العدل الدولية من "البت في مدى امتثال إسرائيل لالتزاماتها الدولية". وقال إن إسبانيا ستدافع عن مشروع قرار آخر يدعو إسرائيل إلى "إنهاء الحصار الإنساني المفروض على غزة".

وذكر سانشيز الذي اعترفت بلاده بدولة فلسطين شهر ماي من العام الماضي بأن "الأزمة الإنسانية الخطيرة للغاية التي يعيشها قطاع غزة منذ أكتوبر 2023 تسبّبت في مقتل أكثر من 50 ألف شخص وإصابة 100 ألف آخرين ونزوح مليوني شخص".

 دول أوروبية .. "لن نصمت أمام الكارثة الإنسانية التي تحدث في غزة" 

 وكانت سبع دول أوروبية هي النرويج وأيسلندا وإيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا وسلوفينيا وإسبانيا، أصدرت أول أمس، بيانا مشتركا أعربت فيه عن قلقها إزاء الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة. وقالت هذه الدول "لن نصمت أمام هذه الكارثة الإنسانية التي هي من صنع الإنسان والتي تحدث أمام أعيننا في غزة"، مشيرة إلى أن أكثر من 50 ألف شخص فقدوا حياتهم، محذّرة من أن العديد غيرهم قد يواجهون المجاعة في الأيام والأسابيع القادمة ما لم يتمّ تدخّل عاجل.

ومن برلين، عبّرت وزارة الخارجية الألمانية عن بالغ قلقها إزاء الوضعية المأساوية في غزة. وحذّرت في بيان لها من "أن الهجوم العسكري الواسع النطاق يحمل في طياته خطر تدهور الوضع الإنساني المزري الذي يعيشه سكان غزة والرهائن المتبقون وتراجع احتمالات التوصّل إلى وقف إطلاق نار دائم وعاجل". 

  وبينما تنعقد القمّة العربية 34  في بغداد، يتعرّض قطاع غزة لإحدى أبشع الهجمات الدموية، حيث يواصل الاحتلال ارتكاب المجازر بحقّ المدنيين، مستهدفا الأحياء السكنية ومراكز الإيواء، بما أدى إلى ارتقاء مئات الشهداء والجرحى وسط حصار خانق وانقطاع كامل للمساعدات. ويشهد شمال غزة تحديدا حملة إبادة ممنهجة، مع تصعيد القصف الجوي والمدفعي بما أجبر مئات العائلات على النزوح القسري من أماكن سكناها هربا من الموت والقذائف.  وأمام هذا الوضع الكارثي، قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إن "ما يجري هو جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان تُرتكب أمام أعين العالم الذي يقف عاجزاً، بينما يُذبح أكثر من مليونين ونصف المليون إنسان في القطاع المحاصر".

 ودعت القمّة العربية لتحمّل مسؤولياتها التاريخية واتخاذ خطوات عملية لوقف العدوان ورفع الحصار وتنفيذ قرارات قمّة الرياض القاضية بكسر الحصار وضمان إدخال المساعدات.  كما طالبت الحركة بفرض عقوبات عربية ودولية عاجلة على الاحتلال الفاشي ومحاسبة قادته كمجرمي حرب، داعية شعوب العالم وقواه الحرة إلى تصعيد حملة تضامن عالمية عاجلة لكشف جرائم الاحتلال وفضح سياسة الإبادة والتجويع.


بعد 77 يوما من التجويع الممنهج.. سلطات غزّة تحذّر:

تصريحات ترامب متماهية مع سياسات استدامة الإبادة

حذّر المكتب الإعلامي الحكومي في غزّة، أمس، من أن ما يجري في قطاع غزّة من مماطلة مقصودة وممنهجة  في إدخال المساعدات الإنسانية وفتح المعابر، هو نتيجة مباشرة لتواطؤ مكشوف بين الاحتلال الصهيوني وعدد من الدول الراعية للإبادة الجماعية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية. 

حمّل المكتب الإعلامي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مسؤولية مباشرة إلى جانب الاحتلال عن استمرار تجويع الشعب الفلسطيني وحصار المعابر والمماطلة في إدخال المواد الغذائية والإغاثية. 

  وأكد في هذا السياق، أن تصريحات ترامب الأخيرة بشأن غزّة لم تُحدِث أي أثر ملموس على الأرض، بل جاءت كتصريحات إعلامية استهلاكية تمثل مضيعة للوقت ومتماهية تماما مع سياسة الاحتلال في نتيجتها ومآلها، وهي استدامة التجويع والإبادة وتطبيع الموت البطيء للمدنيين.

وقال إنه "منذ 77 يوما متواصلة يُحكم الاحتلال إغلاق المعابر ويمنع إدخال المساعدات الغذائية والمواد التموينية والبضائع الحيوية، في سياسة تجويع ممنهجة ترتقي إلى جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان، وفقا للقانون الدولي الإنساني ونظام روما الأساسي".

   وقد أدى هذا الحصار الغذائي المتعمّد إلى تفشي المجاعة في جميع مناطق قطاع غزّة، وارتفاع أعداد الضحايا بسبب الجوع وسوء التغذية إلى 57 حالة وفاة موثقة معظمهم من الأطفال، علاوة على ازدياد معدلات الوفاة نتيجة الأمراض المرتبطة بانعدام الغذاء ونقص المواد الأساسية واختفاء عشرات الأصناف من الطعام من الأسواق والمراكز الإغاثية.

  وأكد المكتب أن هذا الواقع الإنساني الخطير لم يعد يحتمل التوصيف أو التحليل، بل يستدعي تحركا عاجلا وجادا من المجتمع الدولي ومن المؤسسات الإنسانية والحقوقية، لوقف هذه الجريمة المفتوحة وإنهاء سياسة العقاب الجماعي التي يتعرض لها أكثر من 2.4 مليون إنسان مدني في قطاع غزّة بينهم 1.1 مليون طفل.

ويؤكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزّة، أن الاحتلال يستخدم الغذاء سلاحا مباشرا في حربه على المدنيين في محاولة لكسر إرادة الشعب الفلسطيني من خلال التجويع الجماعي والإذلال الإنساني، بمباركة واضحة من بعض الأطراف الدولية وعلى رأسها الإدارة الأمريكية التي فشلت في مهمتها الإنسانية الأخيرة.

   وفي تصعيد خطير ومتواصل لسياسة التجويع الممنهجة التي ينتهجها الاحتلال في غزّة، أقدم جيش الاحتلال أمس، على قصف مستودع لتوزيع المساعدات الغذائية في منطقة دير البلح وسط القطاع بما أدى إلى استشهاد خمسة مواطنين ووقوع عدد كبير من الإصابات في صفوف المدنيين الأبرياء الذين تجمعوا لتلقي ما يسد رمقهم من مساعدات إنسانية في ظل المجاعة التي تضرب محافظات قطاع غزّة. وبذلك يرتفع عدد مراكز توزيع الغذاء والمساعدات الإنسانية التي استهدفها الاحتلال منذ بداية حرب الإبادة الجماعية إلى 68 مركزا ومقر اطعام.

  ويؤكد هذا السلوك الإجرامي الذي يتعمّد استهداف منشآت الإغاثة والتكافل الاجتماعي بما لا يدع مجالاً للشك أن الاحتلال الصهيوني يستخدم الغذاء كسلاح حرب في انتهاك صارخ لكافة القوانين الدولية وعلى رأسها اتفاقيات جنيف، التي تحظر استهداف المرافق الإنسانية والمدنيين تحت أي ظرف.

   وبالتزامن مع انعقاد القمة العربية في العاصمة العراقية بغداد، وجهت سلطات غزّة نداءا عاجلا إلى القادة والزعماء العرب لتحمّل مسؤولياتهم التاريخية والأخلاقية واتخاذ مواقف عملية وجريئة لكسر الحصار الظالم المفروض على قطاع غزّة، ووقف الإبادة الجماعية والقتل اليومي والضغط من أجل الفتح الفوري وغير المشروط للمعابر وضمان تدفّق الغذاء والمساعدات الإنسانية والطبية إلى أبناء شعبنا الذين يواجهون خطر الموت جوعاً. وقالت إن "صمت العالم لا يُعفي الأمة من دورها وإن التخاذل العربي في هذه المرحلة الخطيرة يفاقم من معاناة المدنيين ويمنح الاحتلال غطاء إضافيا لاستكمال جريمته المتمثلة في تجويع شعب بأكمله".